hafid derradji

الموقف الرسمي والشعبي الجزائري يمثلني !

في وقت تخجل الكثير من الشعوب ونخبتها من مواقف حكامها وأنظمتها حيال القضية الفلسطينية والحرب المفروضة على غزة منذ أسبوعين، أجد نفسي ككل الجزائريين فخور بالانتماء إلى بلد عظيم لايساوم، ملتزم بالقيم والمبادئ والمواقف رغم كل الظروف، وشعب حر يدرك معاني الكفاح والحرية والكرامة الانسانية ، وصحافة ونخبة لا تتردد في التعبير عن مساندتها للشعب الفلسطيني والمقاومة الباسلة التي تعاني التضييق من من بعض الأنظمة العربية أكثر مما تعانيه من أمريكا والدول الغربية التي لم تتردد في دعم إسرائيل دبلوماسيا وعسكريا واعلاميا ، بينما يكتفي العرب بتنظيم الاجتماعات لأجل التنديد والإدانة والاستنكار، والتعبير عن الحزن والقلق دون القدرة على ايصال المساعدات الانسانية للمدنيين الأبرياء.

غياب الجزائر عما سمي قمة القاهرة للسلام كان خيارا وموقفا يمثلني خاصة وأن مخرجاته لم ترقى الى مستوى تطلعات الشعب الفلسطيني، حيث اكتفى المشاركون بمطالبة المجتمع الدولي بتوفير الماء والدواء والكهرباء والبنزين للفلسطينيين ، وكاد بعضهم يدين حماس وصف كفاحها بالارهاب، ويحملها مسؤولية التقتيل والتدمير والتهجير الذي لم يتوقف منذ عشرات السنين ، بل تزايد أكثر منذ تصاعدت وتيرة التطبيع الذي تحجج فيه أصحابه بالسعي الى استعادة حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة، لكن في الحقيقة كان بمثابة تواطؤ جديد لطمس القضية وتصفيتها، لذلك بقيت الجزائر ثابتة على موقفها الرافض لمزيد من التنازلات، ورفضت حضور قمة سلام لمواجهة حرب معلنة على الإسلام والعرب من اسرائيل والغرب .

خروج الجزائريين بالملايين الخميس الماضي في كل ولايات الجمهورية للتعبير عن غضبهم ودعمهم لإخوانهم يمثلني أيضا، ويعبر عن تمسك الشعب الجزائري بمواقفه الداعمة للقضية منذ عشرات السنين واستعداده للقيام بواجبه بالتناغم مع سلطات بلاده التي لم تبخل بدورها عن الوفاء بالتزاماتها المادية السنوية مع السلطة الفلسطينية التي تعترف كل مرة أن الجزائر هي من أكثر الدول العربية التزاما بدفع المساعدات دون تأخير، ودون شروط ، كما تفعل بعض الدول العربية التي نصبت نفسها وصية على القضية الفلسطينية ، تقايض وتساوم بها لتحقيق مصالح خاصة ، رغم تباين مواقفها مع شعوبها التي لا تختلف عن الشعب الجزائري في تعاطفها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني.

الإعلام الجزائري بكل وسائله وتوجهاته ، يمثلني ويشرفني ككل مرة ، وهو الذي لم يتوقف يوما عن دعم القضية وفضح الممارسات الاسرائيلية والعربية المطبعة والمتواطئة أحيانا، حيث تجندت كلها اليوم لمواجهة التحريف والتزييف الإعلامي الغربي من خلال توحيد عنوان صفحتها الأولى تحت عنوان ” غزة .. اعلام يغتال الحقيقة” في بادرة تعد الأولى في تاريخ الصحافة الجزائرية تعبيرا عن موقف مهني وإنساني يواكب الموقف الرسمي والشعبي ، في وقت لم يكتفي الإعلام الغربي بالانحياز لإسرائيل ، بل تحول إلى آلة دعائية لتضليل الرأي العام وتبرير خروقات الجيش الإسرائيلي المدعم بارمادة من وسائل الإعلام الأمريكية والغربية، وبعض وسائل الاعلام العربية للأسف الشديد التي انساقت خلف المواقف المخزية لحكوماتها وقادتها.

خرجات رياض محرز ويوسف عطال واسلام سليماني، وباقي الرياضيين والفنانين والمثقفين والمؤثرين الجزائريين في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي تمثلني أيضا ، مثلما تمثلني وتشرفني مواقف جاليتنا في الخارج التي تشارك في كل المسيرات ، وتساهم في كل المبادرات الإنسانية امتدادا لمواقف بلد وشعب حر، دفع ثمنا غاليا من أجل استقلاله، ومستعد لكي يتحمل ثمن مواقفه الداعمة لكل القضايا العادلة في العالم ، انطلاقا من قيمه ومبادئه التي تحول بينه وبين خيانة القضية أو التقصير في دعمها بكل الوسائل الممكنة في السر والعلن ، وفي السلم والحرب دون تردد أو خوف، لأننا منسجمين مع ذوانا وبعضنا البعض على الأقل في القضايا الكبرى التي تهم عقيدتنا و وطننا وأمتنا.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 22 أكتوبر 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل