قبل الإعلان عن قائمة المرشحين المحتملين لرئاسة الاتحاد الجزائري لكرة القدم أجد نفسي مثل غيري من المتابعين للشأن الكروي الجزائري أتعاطف مع الرئيس الذي سيقع عليه الاختيار نهاية هذا الشهر أمام الإرث الذي سيجده في مؤسسة مفلسة من كل الجوانب، لا تزال تتحكم فيها عصابة أحكمت قبضتها على الاتحادية والرابطات والحكام وبعض الأندية والمنتخبات الوطنية والمديرية الفنية ومركز سيدي موسى، ناهيك عن الأجواء المشحونة التي خلفتها ممارسات مافياوية دامت سنوات، أثرت سلبا على العائلة الكروية والأسرة الإعلامية التي انقسمت بدورها بين موالاة ومعارضة حسب المصالح ، دون أدنى اعتبار للوضع المتردي الذي تعيشه الكرة الجزائرية الغارقة في فضائح متراكمة جراء تورط أطراف عديدة داخلية وخارجية في شبهات بيع وشراء المباريات والمتاجرة باللاعبين الشباب، وصفقات بناء واعادة تأهيل الأكاديميات ، وتنظيم المباريات الدولية الودية و اقتناء المعدات و الألبسة الرياضية.
الرئيس القادم سيجد نفسه مطالبا بتسديد ديون متراكمة بمئات المليارات مع البنوك والفنادق والخطوط الجوية الجزائرية ومختلف المتعاملين الذي يتوافدون باستمرار على مقر الاتحادية للمطالبة بمستحقاتهم ، كما سيجد الرئيس المنتخب نفسه مطالبا بتوفير خمسة ملايير سنتيم شهريا لدفع رواتب المدربين والفنيين ، وخمسة ملايير أخرى لدفع رواتب الموظفين التي تفوق 70 مليار سنتيم سنويا، دون احتساب تكاليف النقل والإيواء في الداخل والخارج لمختلف المنتخبات الوطنية،اضافة الى النفقات المرتقبة هذا الموسم بمناسبة اجراء مباريات تصفيات كأس العالم 2026، والمشاركة في نهائيات كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار شهر يناير المقبل.
سيضطر الرئيس القادم للبحث عن موارد مالية تسمح له بدفع تكاليف اعادة تأهيل مركز سيدي موسى الذي أعيد ترميمه مرات عديدة ، وإعادة تهيئة أرضيات ملاعبه التي لم تعد تصلح لتدريبات المنتخب الوطني، والبحث عن موارد أخرى لاستكمال مشاريع الأكاديميات التي لم يكتمل إنجازها ولا استلامها رسميا بكلفة مقدرة ب 600 مليار سنتيم، ثم بعدها تخصيص ميزانية تشغيل وصيانة وادارة ، وتوظيف مؤطرين وموظفين لتسييرها، حيث اضطر مقاول أكاديمية تلمسان الى إيقاف الأشغال التي بلغت نسبة تقدمها 85 بالمائة بسبب عدم حصوله على مستحقاته، على غرار الكثير من المتعاملين مع الهيئة الكروية التي خسرت مصداقيتها مع الوقت في الداخل والخارج، وتحتاج الى عمل كبير مع الاتحادات والهيئات القارية والدولية .
من الناحية الإدارية والتنظيمية والقانونية، سيكون الرئيس القادم مطالبا بتكييف اللوائح مع قوانين الجمهورية ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، وإعادة بعث ملف الاحتراف الذي يراوح مكانه، و تنظيم بطولة القسمين الأول والثاني، وهياكل الرابطة الوطنية و الرابطات الجهوية والولائية التي غرقت بدورها في مشاكل لا تعد ولا تحصى، على غرار المديرية الفنية التي شهدت تغييرات متتالية وتراجع كبير عن دورها الحقيقي ومسؤوليتها على المنتخبات الشبانية التي تعاني منذ سنوات من سوء التسيير والتخطيط والتأطير رغم توفر كفاءات كثيرة داخل الوطن ، طالها الاقصاء ، مثلما أقصيت اطارات كثيرة ادارية وفنية ، كان بامكانها تقديم يد العون للاتحاد الجزائري والرابطات.
حفيظ دراجي
المعضلة الكبرى لرئيس الاتحاد القادم تكمن في كيفية التعامل مع المدرب جمال بلماضي الذي فرض منطقه وشخصيته على كل الرؤساء السابقين خاصة منذ توج بكأس أمم إفريقيا 2019، لدرجة جعلت الرئيس السابق شرف الدين عمارة يدفع لوحده فاتورة الاخفاق في كأس أمم أفريقيا 2021 والإقصاء من مونديال قطر 2022 . أما أم المعارك سيخوضها الرئيس القادم ضد من توصف بعصابة سيدي موسى التي تحكمت لسنوات في دواليب الاتحاد الجزائري ولجنة التحكيم والرابطة المحترفة و الرابطات الجهوية والولائية و المنتخبات الوطنية، بتواطؤ مع أذرع فنية وأخرى اعلامية بدأت تشعر بقرب نهاية نفوذها ، ستعمل المستحيل للتشويش على الرئيس القادم بعد أن تأكد بأنه لن يكون واحدا من جنودهم ومعسكرهم الذي اختطف الكرة الجزائرية لسنوات ويريد الاستمرار لحماية مصالحه.الجزائر الأن 7 سبتمبر 2023