يترقب المتابعون للشأن الكروي الجزائري أولى الإجراءات والقرارات التي سيتخذها المكتب الفدرالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم في اجتماعه الأول المقرر الخميس المقبل خاصة على مستوى توزيع المهام بين أعضائه ، وتعيين أمين عام جديد على مستوى الهيئة الكروية ، ورسم خارطة ورقة الطريق التي تسمح له بتجسيد وعوده التي أعلنها أمام أعضاء الجمعية العمومية والأسرة الكروية، والتي لقيت استحسانا في الأوساط الكروية ، لكن يبدو أن القرار الأبرز والأكثر استعجالا سيكون إعلان الانسحاب من سباق تنظيم نهائيات كأس أمم أفريقيا وتركيز الاهتمام على إعادة ترتيب البيت من خلال تكييف القوانين مع لوائح الفيفا، وإعادة بعث المديرية الفنية والاهتمام بالمنتخبات الشبانية ودوري المحترفين والهواة وتكوين المدربين والمؤطرين والحكام.
قبل كل هذا ينتظر أن يخاطب الاتحاد الجزائري الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم و يعتذر عن تنظيم أي حدث رياضي قاري الى اشعار آخر، بعد أن تبين أن الأمر لم يعد من أولويات الرئيس الجديد ومكتبه في فترة زمنية لا تتجاوز السنة ونصف تنتهي بانتهاء العهدة الأولمبية الحالية، خاصة بعد أن اتضح مع الوقت أن الأمور حسمت من زمان لصالح المغرب والسنغال ونيجيريا وبنين رغم كل الجهود التي بذلتها الجزائر في بناء الملاعب والمنشآت وتنظيم مختلف الأحداث الرياضية بشكل متميز على غرار ألعاب البحر الأبيض المتوسط والألعاب العربية و بطولتي كأس إفريقيا للمحليين وأقل من 17 سنة، والتي كلفت الجزائر المال الكثير والوقت الطويل والجهد الكبير.
للتذكير فإن الاتحاد الجزائري تقدم رفقة المغرب بملف ترشحه لاحتضان نسخة كأس أمم أفريقيا 2025 ، وعندما اكتشف أن موعدها يصادف تنظيم انتخابات رئاسة الجمهورية ورئاسة الاتحادية في نفس الفترة، فضل المنافسة على دورة 2027 قبل أن يكتشف توافقا، أو بالأحرى تواطئا على مستوى الهيئة القارية يقضي بمنح المغرب دورة 2025، والسنغال 2027 ، ثم نيجيريا وبنين مناصفة عام 2029 ، مستغلا تراجع نفوذ الاتحاد الجزائري منذ سنوات ، أدى الى خسارة عمار بهلول ، ثم جهيد زفيزف عضوية المكتب التنفيذي ، ويؤدي دون أدنى شك الى حرمان الجزائر من تنظيم الحدث القاري الأكبر رغم نجاحها في تنظيم بطولة كأس إفريقيا للمحليين التي لم تجد من ينظم نسختها القادمة بسبب تكلفتها العالية وقيمتها الفنية والسوقية المحدودة .
انسحاب الجزائر يرفع الحرج عن الاتحاد الأفريقي الذي لن يجد صعوبة في توزيع البطولات الافريقية الثلاثة القادمة على المغرب، السنغال ثم نيجيريا وبنين بشكل مشترك سنة 2029 ، ويسمح للجزائر بتوفير ما لا يقل عن 100 مليون دولار تكلفة التحضير والتنظيم ، يمكن استغلالها في إعادة تهيئة البنى التحتية الحالية ومساعدة الأندية المحترفة على بناء مراكز التدريب وتكوين المواهب، التي تسمح لها بالمنافسة على الألقاب القارية لكل الفئات والتتويج بها أينما نظمت بدلا من السعي لتنظيمها ، مثلما حدث مع نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019 في مصر التي توجت بها الجزائر وحصلت اثرها على 8 ملايين دولار ، وكأس العرب في الدوحة التي بلغت جائزتها 5 ملايين دولار.
انسحاب الجزائر من سباق المنافسة على تنظيم نهائيات كأس أمم افريقيا، لن يكون بمثابة تراجع عن التزاماتنا مع القارة السمراء ، بقدر ما يشكل تنازلا و رسالة قوية من الاتحاد الجزائري للاتحاد الافريقي لكرة القدم الذي لم يقدر جهودنا ودورنا ومكانتنا، ولم يفسح المجال لأعضاء الجمعية العمومية حتى يختاروا بحرية ومسؤولية من يرونه أهلا لتنظيم الحدث الكروي القاري خاصة منذ أعلن رئيس الاتحاد المغربي أمام برلمان بلاده أن المغرب هو من ينظم دورة 2025 في تحد صارخ لصلاحيات وسيادة رئيس الكاف ومكتبه التنفيذي وأعضاء الجمعية العمومية، ويطعن في مصداقية قرارات الهيئة الكروية القارية.
حفيظ دراجي
الجزائر الأن 24 سبتمبر 2023