لجزائرالآن _ بعد أسبوع من فتح باب الترشيحات لمنصب رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم ، لا يزال الغموض يكتنف المشهد الكروي رغم تداول بعض الأسماء والتسويق لأسماء أخرى في الأوساط السياسية و بعض وسائل الأعلام ووسائط التواصل الاجتماعي على غرار محمد راوراوة ورئيس اللجنة الأولمبية السابق مصطفى بيراف و الوزير السابق عبدالرؤوف برناوي وكذا المدرب الوطني السابق مزيان ايغيل وعضوي المكتب الفدرالي السابقين وليد صادي وحكيم مدان، والدولي السابق عنتر يحي ، اضافة الى أسماء أخرى تم تداولها على نطاق ضيق في صفحات ومواقع محسوبة على عصابات تعتبر الاتحادية غنيمة يجب ابقائها تحت سيطرتها، في وقت يتفق الجميع على أن وضع الكرة الجزائرية حرج وصعب وحساس يقتضي ثورة يقودها رئيس قوي ومكتب منسجم يلقى دعم كبير من السلطة.
مباشرة بعد استقالة الرئيس الأسبق جهيد زفيزف استفسرت أطراف سياسية عن مدى استعداد الحاج محمد راوراوة للعودة إلى الواجهة و إكمال ما تبقى من عمر العهدة الأولمبية الى غاية بداية 2025 ، يتم اثرها تحضير رئيس جديد يتولى مهمة اعادة الاعتبار للهيئة الكروية محليا ودوليا، لكن الرئيس السابق اعتذر لأسباب شخصية ، ذاتية وموضوعية، مبديا استعداده لمرافقة الرئيس المنتخب على إعادة ترتيب البيت والعودة الى الواجهة الدولية من خلال علاقاته في الاتحادين العربي والافريقي والدولي لكرة القدم ، ومعرفته الجيدة بالبيت الكروي الجزائري ومايحتاجه بعد سنوات من التهديم وسوء التسيير ، أدى إلى افلاس مالي وأخلاقي واداري ، وتراجع فني للدوري الجزائري و كل المنتخبات منذ التتويج بكأس أمم إفريقيا 2019 ، وكأس العرب في 2021 .
بعد ذلك تساءلت بعض الجهات النافذة حول قدرات مصطفى بيراف وعبدالرؤوف برناوي على قيادة المرحلة الانتقالية وتحضير رئيس جديد للعهدة الأولمبية القادمة، لكن ابتعادهما عن الوسط الكروي في الداخل والخارج حال دون موافقة بعض الأطراف التي تعتقد أن الحل يكمن في ايجاد رجل اجماع من الوسط الكروي يملك مواصفات رجل دولة ، قادر على فرض شخصيته و أفكاره ومشروعه، وإعادة الاعتبار للاتحاد الجزائري في ظرف حساس تحولت فيه الكرة الى ساحة معركة تقتضي تدخل الدولة وتجنيد إمكانيات بشرية ومادية كبيرة لخوض معارك التنظيم والتكوين واعادة تأهيل الهياكل، وحماية المنتخبات الوطنية في المواعيد الكروية الرسمية المقبلة على غرار نهائيات كأس أمم أفريقيا 2024 و 2025 وتصفيات كأس العالم 2026 .
بعد ذلك توجهت أوساط سياسية أخرى نحو الاستفسار عن مدى قدرة عضو المكتب الفدرالي حكيم مدان على تولي المهمة لكن الرجل لم يلقى الإجماع رغم تاريخه كلاعب وخبرته كعضو في المكتب الفدرالي ومدير رياضي للمنتخب الأول والفئات السنية، في حين ذهب اتجاه آخر نحو فكرة عدم التدخل مباشرة في العملية الانتخابية وفسح المجال للجمعية العمومية لاختيار رئيسها ومكتبها مع تكليف وزير الشباب والرياضية بالحرص على احترام قوانين الجمهورية واللوائح التي تنص عليها اتحادية كرة القدم ، وهو الأمر الذي شجع عضو المكتب الفدرالي في عهد راوراوة السيد وليد صادي على خوض المعركة بعد أن حصل على تاييد أطراف عديدة في السلطة و الجمعية العمومية ، و قد يدفع بالمدرب الوطني السابق مزيان إيغيل إلى التفكير في خوض معركة الرئاسة ، إلا إذا طلب منه تدعيم مكتب وليد صادي لتوحيد الجهود والخروج بمكتب موحد وقوي ، أو تم إقناع راوراوة بالعودة .
في كل بقاع الدنيا ينتخب رئيس اتحاد الكرة بمباركة وموافقة من السلطة ، وهو الأمر الذي كان يحدث كل مرة في الجزائر بسبب أهمية الكرة في المجتمع ، لكن قلما كان الاختيار عندنا موفقا، لأنه كان يخضع لاعتبارات ذاتية ، خاصة وأن الأمر لم يعد مرتبطا باسم الرئيس وقائمة مكتبه فقط، ولا بمدى دعم أعضاء الجمعية العمومية و السلطات العمومية ، بقدر ما أصبح قضية دولة تتطلب إجماعا و تجنيدا ودعما من طرف كل المسيرين والصحافيين والجماهير، وكذا السلطة التي تأكدت اليوم أنها أخطأت التقدير عديد المرات عندما اعتبرت الكرة مجرد لعبة تستغلها دون أن تستثمر فيها ، وعادت اليوم لتدارك الموقف ولا تترك الشأن الكروي بين أيدي عصابة عاثت في الكرة فسادا .
بعد أيام سيظهر الخيط الأبيض من الأسود ، على أمل أن يكون خيطا متينا ونظيفا و مقتدرا مهما كان اسمه ، وتكون السلطة في مستوى المسؤولية التي تقع على عاتقها لأن الكرة تحولت الى قضية دولة عند الجميع ، ويجب أن تكون كذلك عندنا، لذلك ينتظر أن يشتغل الهاتف هذه المرة، لكن مضمون المكالمات سيكون مختلفا تجنبا للانسداد الذي يسعى اليه البعض ، أو تكرار سيناريو الاختيار الخاطئ الذي سيكلفنا مزيدا من التراجع وكثيرا من المهازل والكوارث، فهل سيعود راوراوة بشكل مباشر ، أو غير مباشر عن طريق مرافقة وليد صادي ؟؟
حفيظ دراجي
الجزائر الأن 06 أغسطس 2023