لجزائرالآن _ يعتقد بعض المحللين السياسيين والعسكرين العرب والأجانب أن التواجد الاسرائيلي على الحدود الجزائر المغربية يشكل تهديدا مباشرا للجزائر ، قد يقود الى اشعال فتيل حرب مباشرة أو حتى بالوكالة عن المغرب ، بسبب مواقف الجزائر التاريخية الثابتة من القضية الفلسطينية ، و وقوفها في وجه انضمام اسرائيل الى منظمة الاتحاد الافريقي كعضو ملاحظ، اضافة الى علاقاتها الوطيدة مع روسيا وايران وتركيا والصين ، لكن ملاحظين أخرين في أوروبا بالخصوص يجمعون على أن التواجد الاسرائيلي في شمال افريقيا لايشكل أي تهديد للجزائر، بل يهدد المصالح الأوروبية في القارة السمراء ، ويجعل من اسرائيل كقوة عسكرية ونووية قادرة على التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية لعديد البلدان الافريقية ، بدعم أمريكي يريد مزاحمة أوروبا في القارة الافريقية بواسطة كيان يتغول ويتغلغل كل يوم.
بعد أن فرضت منطقها في فلسطين بالقوة، وتخلصت من خطر سورية والعراق ، واحتوت عديد البلدان العربية التي دخلت بيت الطاعة، وطبعت مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب ، توجهت أنظار اسرائيل نحو شمال افريقيا من خلال الاستثمار في الأزمة السياسية الجزائرية المغربية و السعي لبيع الأسلحة الأمريكية والاسرائيلية بدعوى تحقيق التوازن العسكري بين البلدين من خلال بناء قواعد عسكرية تسمح لها بممارسة دور الدركي في المنطقة على حساب النفوذ الأوروبي الذي تعود جذوره الى منتصف القرن الماضي ، دون أن يشكل ذلك أي تهديد مباشر على الجزائر التي تدرك أن اسرائيل لن تغامر ولن تتجرأ على الدخول في حرب معها على الحدود الجزائرية المغربية ، لأنها ستكون الخاسر الأكبر عسكريا ودبلوماسيا.
أحد نواب حزب “شاس” الصهيوني المتطرف وصف الشعب الجزائري بالعنيف والعنيد ، الذي بإمكانه التضحية بكل ما يملك من أجل وطنه، خاصة ضد محتل يكن له عداوة شديدة ، تقوده الى محاربة اسرائيل واليهود بكل الوسائل والطرق، وفي كل بقاع الدنيا ، فتتضرر مصالح الإسرائيليين في أوروبا بالخصوص أين يتواجد ملايين الجزائريين، ويخسر جيشهم حربا أمام أقوى جيش مغاربيا، والثاني افريقيا، والثالث عربيا، والسادس والعشرون ضمن أقوى جيوش العالم في تصنيف عام 2023 ، عددا وعدة وحداثة وجاهزية وقدرة قتالية ، قوامه أكثر من 600 ألف مجند وميزانية تسليح سنوية فاقت 20 مليار دولار سنة 2022 ، وهي كلها معطيات وأرقام تعرفها اسرائيل التي تملك قدرات دفاعية خارقة في فلسطين، لكنها تفتقد للقدرات اللازمة عند الهجوم على بلد يبعد عنها بآلاف الكيلومترات، حتى ولو كان بمساعدة بلد أخر .
تقارير استخباراتية واعلامية اسرائيلية كثيرة، تستبعد نشوب حرب ضد الجزائر لأن اسرائيل لا تخوض حروبا بالوكالة سوى لأجل أمريكا التي تربطها علاقات سياسية واقتصادية وتجارية جيدة مع الجزائر ، بل تشير بعض التسريبات الى أن اسرائيل تسعى من زمان و باستمرار الى التواصل مع السلطات الجزائرية بشكل مباشر وغير مباشر، في محاولة لتطبيع علاقاتها معها ، وإيصال رسائل طمأنة للطرف الجزائري ، والتأكيد على أن تواجدها على الحدود مع الجزائر لا يهدد أمن الجزائر ومصالحه، بقدر ما يهدف الى الهيمنة على المغرب، وتمهيد الطريق نحو عديد البلدان الأفريقية لتحقيق مكاسب اقتصادية وتجارية داخل قارة تملك ثروات طبيعية تستغلها فرنسا واسبانيا وايطاليا والبرتغال وانجلترا منذ عقود، دون أمريكا وإسرائيل .
الجزائر التي أغلقت حدودها مع المغرب من زمان، ومجالها الجوي قبل سنتين ، وقطعت معه علاقاتها الدبلوماسية والتجارية ، تجنبا للحرب على حد تعبير رئيسها، لم تبدي بالمقابل أي إنزعاج من التواجد الاسرائيلي على الحدود الغربية، لكنها لم تتوانى عن وقف الامتداد الاسرائيلي نحو افريقيا ، حتى ولو بالتعاون مع الأوروبيين الذي بدؤوا يستشعرون خطر التواجد الاسرائيلي في المنطقة، و ينزعجون من تواجد قوة نووية إضافية تخلط أوراق المنطقة ، وتسعى الى منافسة أوروبا في ملعبها ، و محاولة تغيير الخارطة الجيوسياسية للقارة السمراء والبحث عن مناطق نفوذ جديدة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تدرك بدورها أن خلق بؤرة توتر جديدة في شمال إفريقيا يشكل مغامرة غير محسوبة العواقب لاسرائيل ، أمام “شعب ولد ليعيش حرا” ، ولن يقبل الاستعباد والذل والهوان حتى ولو كلفه ذلك حياته و وجوده الذي لا معنى له دون سيادته وكرامته وأرضه.
حفيظ دراجي
الجزائر الأن 9 جويلية 2023