تأهل المنتخب الجزائري لكرة القدم إلى نهائيات كأس أمم افريقيا 2023 بعد الفوز المزدوج على النيجر لم ينسى عشاق الكرة في الجزائري مختلف الاخفاقات التي شهدتها على مدى سنتين ماضيتين بدءا بالإخفاق في نهائيات كأس أمم أفريقيا في الكاميرون إلى الإقصاء من المشاركة في نهائيات كأس العالم في قطر قبل سنة من الآن ، إلى ضياع لقب بطولة إفريقيا للاعبين المحليين أمام السنغال في نهائي الشان، وقبله فشل منتخبي أقل من 20 و23 سنة في بلوغ نهائيات كأس أمم أفريقيا و أولمبياد باريس، ما يعكس تراجع كبير في النتائج و تكرار الإخفاقات ، في وقت انشغل الناس بتجديد عقد بلماضي من عدمه، والأسماء الجديدة التي انضمت للفريق الأول من ذوي الجنسية المزدوجة ، والتي اعتبرها البعض انجازا يحسب للمدرب ومسيري الكرة الجزائرية.
يحدث هذا في وقت تشهد الجزائر حركية رياضية غير مسبوقة في مجال الاستثمار في الرياضة، من خلال تنظيم الأحداث الرياضية القارية والدولية ، وتشييد المنشآت والمرافق الرياضية، وما يرافقها من بنية تحتية ، حيث احتضنت الجزائر ألعاب البحر الأبيض المتوسط الصائفة الماضية ، و بعدها بطولة العرب للناشئين ، وكأس أمم أفريقيا للاعبين المحليين، في انتظار موعد تنظيم بطولة افريقيا للناشئين نهاية الشهر، والألعاب العربية شهر يوليو القادم، على أمل الظفر بتنظيم كأس أمم أفريقيا 2025 ، بعد أن قامت بإعادة تهيئة ملاعب عنابة ، قسنطينة وخمسة جويلية، وتشييد مركبات وملاعب جديدة في وهران، براقي تيزي وزو ، في انتظار الانتهاء من أشغال ملعب الدويرة ، وإطلاق أشغال بناء ملاعب في بشار و ورقلة.
الإخفاق المزدوج للمنتخب الأول في نهائيات كأس أمم افريقيا و تصفيات كاس العالم 2022 ، شكل أكبر إخفاق في سنة 2022 ، دفع ثمنه رئيس الاتحادية السابق شرف الدين عمارة الذي دفع للاستقالة ، فكان بمثابة كبش فداء لامتصاص غضب الأنصار الذين تحملوا الصدمة ، وتحلوا بالصبر الكبير، بل وقفوا مع اللاعبين والمدرب جمال بلماضي وساندوه بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ كرة القدم الجزائرية التي كان يدفع فيها المدرب ثمن كل فشل واخفاق، عكس ما حدث مع جمال بلماضي رغم تراجع مستوى المنتخب ونتائجه، حيث جدد عقده لأربع سنوات أخرى ، واحتفظ بكل الصلاحيات ، بما في ذلك تلك التي لا تعنيه بشكل مباشر، بل تعني المنتخبات الأخرى ، و تخص شؤون الاتحادية ، تقديرا لدوره في التتويج بكأس أمم إفريقيا 2019 ، وسلسلة مبارياته دون خسارة والتي بلغت 35 مباراة.
أما اخفاقات بطولة الشان والمسابقات الشبانية الأخرى لمنتخبي أقل من 20 و 23 سنة خلال 2022 وبداية سنة 2023 ، والإخفاقات المتكررة في الظفر بمواقع على مستوى الهيئات التنفيذية للهيئات القارية والدولية ، فقد مرت بدورها مرور الكرام على أصحابها الذين رحلوا بأريحية دون حساب سواء كانوا مسؤوليين إداريين أو فنيين ، حيث عرفت الاتحادية ثلاث رؤساء في ظرف ثلاث سنوات، وتعاقب عدد من المدربين على مختلف أصناف المنتخبات ، اضافة الى تغيير المدير الفني للاتحادية بمهام وصلاحيات مبهمة ، تجعل من الصعب تحديد مسؤوليات الإخفاق ومعالجة النقائص والمشاكل التي تتخبط فيها الكرة الجزائرية منذ سنوات ، في غياب التصور والمشروع والقدرة على صناعة الفارق خارج الميادين في كواليس الهيئات الرياضية .
أما على المستوى المحلي فإن الإخفاق لايزال مستمر منذ سنوات في تسيير شؤون الاتحادية التي بلغت درجة الإفلاس المادي والمعنوي ، قبل أن تتدخل الدولة بواسطة شركة سوناطراك ومؤسسة الاتصالات موبيليس ، و ممولين آخرين سمحوا للمكتب الفدرالي الجديد أن يتنفس ماديا ، بينما لا تزال الرابطات الجهوية والولائية تتخبط في مشاكل تنظيمية ، انعكست سلبا على البطولات المختلفة و كل الفئات الشبانية التي تعاني نقص المؤطرين و قلة المرافق ، مثلما تعاني الفرق المحترفة من كل أنواع الاختلالات والنقائص رغم تأهل شبيبة القبائل وشباب بلوزداد واتحاد العاصمة الى ربع نهائي دوري أبطال افريقيا وكأس الكاف هذا الموسم.
لغة الأرقام لا تخطئ، و المنتخب الأول فشل في الحفاظ على تاجه القاري وبلوغ كأس العالم في قطر، والمنتخب المحلي خسر نهائي الشان، وأقل من 23 سنة يغيب عن الكان و أولمبياد باريس، وأقل من 20 سنة لم يتأهل إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا ، لذلك يجب تقييم الأمر وتحليل وضعية الكرة الجزائرية ، وكل المشاركات القارية والدولية للمنتخبات والأندية دون استثناء ، لوضع اليد على الايجابيات والسلبيات، وتصحيح الأخطاء والهفوات، مع توفير أجواء العمل الملائمة لتحقيق الأهداف المرجوة ، في زمن تسعى فيه الجزائر للعودة الى الواجهة من خلال الاستثمار في الرياضة عموما وفي كرة القدم على الخصوص ، لما لها من تأثير في صناعة السمعة للبلد وتنشئة الأجيال على روح المنافسة والتألق ..
حفيظ دراجي
الجزائر الأن 1 أبريل 2023