hafid derradji

هل قدم ديديه ديشان خدمة لجمال بلماضي ؟

على غير العادة أثارت القائمة التي أعلنها المدرب الجزائري جمال بلماضي تحسبا لمواجهتي النيجر برسم تصفيات كأس أمم أفريقيا 2024، تفاعلا كبيرا في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي ، بين مؤيد ومتحفظ على الخيارات في حد ذاتها، و مؤيد ومعارض لاستراتيجية التوجه نحو استدعاء أكبر عدد من اللاعبين المغتربين مزدوجي الجنسية ، لكن الكل أجمع على أنه توجه حتمي، ساهمت فيه مشاكل المدرب الفرنسي ديديه ديشان مع كريم بنزيمة وبعض اللاعبين من أصول جزائرية، سهلت من مأمورية جمال بلماضي في إقناع العديد من اللاعبين بضرورة الالتحاق بالمنتخب الجزائري تجنبا لنفس مصير حسام عوار و نبيل فكير، مما يسمح للجزائر باستقطاب لاعبين شباب يمكن الاعتماد عليهم مستقبلا في ظل ضعف الدوري الجزائري ، وفشل المنظومة الكروية في صناعة لاعبين متميزين.

القائمة المدعوة من طرف جمال بلماضي لمواجهة النيجر ، تميزت باستبعاد مبولحي وبن رحمة ، و بونجاح و بلعمري وبن عيادة ، مقابل انضمام 6 لاعبين جدد من بينهم مدافع اتحاد العاصمة زين الدين بلعيد المشارك مع منتخب المحليين في بطولة أفريقيا الأخيرة، إضافة الى المهاجمين بدر الدين بوعناني لاعب نيس أحد أفضل المواهب الصاعدة في فرنسا، وهداف تولوز فارس شايبي و المدافعين ريان أيت نوري (ولفرهامبتون)، غيتون (باستيا)، جوان حجام (نانت)، في حين تأخر انضمام وسط ليون حسام عوار الى غاية شهر جوان المقبل بالاتفاق مع المدرب جمال بلماضي بعد جدل كبير أثير حول اللاعب الذي اختار فرنسا قبل أن يتراجع ويقرر الالتحاق بالمنتخب الجزائري ، ما اعتبره البعض خيارا ثانيا اضطراريا في وقت تراجع مستواه ولم يعد ضمن حسابات ديديه ديشان.
بعض المحللين اعتبروا خيارات بلماضي بمثابة ثورة جاءت في وقتها ، تحمل بوادر عهد جديد خاصة وأنها تضم خمس لاعبين فقط تجاوزوا العقد الثالث وهم رياض محرز، عيسى ماندي ، اسلام سليماني، يوسف بلايلي، و ,اندي ديلور، مقابل 14 لاعبا لا تتجاوز أعمارهم 23 عاما، وخيارات أخرى كثيرة صارت متوفرة خاصة في أوساط مزدوجي الجنسية يمكن الاستعانة بهم في المستقبل، في حين اعتبرها البعض الآخر مجحفة في حق بلال ابراهيمي وسعيد بن رحمة، تحمل مغامرة، تعتمد على مزدوجي الجنسية بشكل كبير على حساب اللاعب المحلي، ولاتزال تضم لاعبين تجاوزهم الزمن في تقديرهم على غرار ديلور في حين تضم 9 مدافعين تحسبا لمواجهة منتخب النيجر المتواضع، مما يجعل من الندوة الصحفية المقررة اليوم مثيرة لعديد التساؤلات.

في فرنسا أثارت لأول مرة قائمة المنتخب الجزائر جدلا في الأوساط الإعلامية التي تناولت بإسهاب خيارات جمال بلماضي، وتحدثت عن اختطاف أبرز المواهب في المنتخبات الشبانية الفرنسية، خاصة وأن الأمر يتعلق بهجرة جماعية وصفت بالاستثنائية والمبكرة لمزدوجي الجنسية نحو الجزائر من شبان مروا على كل المنتخبات الشبانية الفرنسية، قبل الالتحاق بالجزائر خاصة بعد الذي حدث لحسام عوار و نبيل فكير ، والذي يحدث لكريم بنزيمة منذ سنوات مع المدرب ديديه ديشان الذي جدد عقده على رأس المنتخب الفرنسي إلى غاية سنة 2026، مما اعتبره البعض عائقا في وجه المواهب من أصول جزائرية حتى تلتحق بالديكة ، وهو الأمر الذي حفزها على الهجرة نحو الجزائر.

أما عندنا فقد عاد الى السطح ذلك النقاش البيزنطي حول مزدوجي الجنسية وخياراتهم والضغوطات المفروضة عليهم من كل الجهات في الجزائر وفرنسا، حيث اعتبر بعض الجزائريين تعامل فرنسا العنصري في صالح الجزائر والخضر لأنه يسمح باستقطاب المواهب الشابة، بينما يعتقد البعض الأخر أن خيار الوافدين الجدد لم يكن عن قناعة بقدر ما كان بدافع الانتقام واستباق الاحداث، أما في فرنسا فقد تعرض حسام عوار مثلا لانتقادات كبيرة قد تعرضه لمتاعب مع فريقه ليون ، واستنكر بعض المحللين تبريراته ، بينما تفهم البعض الآخر خيارات مزدوجي الجنسية من الشبان الذين يملكون مواهب كبيرة يسعون لإظهارها تحت ضغوطات أسرية وجماهيرية وإعلامية في فرنسا والجزائر .

الجدل لم يتوقف يوما ولن ينتهي ، لكنه ليس حكرا على الفرانكو جزائريين ، لأن فرنسا ذاتها تعيشه من زمان مع ذوي الأصول الأفريقية الذين يعتبرون فرنسيين عند تحقيق الإنجازات، ويتذكرون أصولهم عند الإخفاق، كما أن النقاش لم يتوقف يوما في إيطاليا منذ عشرات السنين بشأن الايطاليين المهاجرين الى أمريكا الجنوبية خاصة الأرجنتين والبرازيل نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، والذين التحق أبنائهم بالمنتخب الإيطالي على مر السنين على غرار كامورانيزي، تياغو موتا، ايمرسون وجورجينيو ، و عديد اللاعبين في مختلف المنتخبات الشبانية والذي يعتبره بعض الإعلاميين حاجزا أمام تألق ما يصفونهم ب “أبناء البلد” في إيطاليا.

“أبناء البلد” هو وصف تجاوزه الزمن في عصر العولمة الذي لم يعد يؤمن بالتسميات والجنسيات والأصول ، بقدر إيمانه بالجدارة والكفاءة والمهارة والخدمات التي يقدمها الإنسان للبلد الذي يحمل جنسيته على الورق قبل القلب والعقل، علما أن الجيل الحالي من أبناء المهاجرين الجزائريين لا يتردد عموما في الاستجابة لنداء الوطن إلا نادرا ، ومع ذلك يجب احترام خياراتهم حتى ولو كانت لبلدهم الثاني الذي يقيمون فيه .

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 19 مارس 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل