على غير العادة وبشكل مفاجئ قرر نادي بايرن ميونيخ الاستغناء عن مدربه يوليان ناغلسمان وتعويضه بالمدرب السابق للبياسجي وتشلسي توماس توخيل رغم المسار المميز للمدرب المقال الذي لم يخسر في دوري الأبطال هذا الموسم، ما أثار عديد التساؤلات حول سبب الإقالة وبهذا الشكل السريع والمفاجئ، حتى بالنسبة للخليفة الذي لم يصدق السيناريو لأن ادارة البايرن كانت دوما تتحلى بالحكمة والتريث في اتخاذ القرارات الحاسمة مهما كانت الظروف، حتى أنه قال في المؤتمر الصحافي: “سواء كنتم تصدقونني أو لا، فقد كنت مندهشا بعض الشيء في أول ثلاثين ثانية من محادثتنا الأولى، لم يكن لدي أي فكرة عما كنا نناقشه، لكن أصبح من الواضح بسرعة أن الأمر كان عاجلا”، وهو التصريح الذي يلخص الماهية والكيفية التي تمت بها العملية.
مباشرة بعد الخسارة أمام بايرن ليفركوزن الأسبوع الماضي وتضييعه لريادة ترتيب الدوري لصالح دورتموند، تسارعت الأحداث في البيت البافاري الذي أعلن إقالة مدربه يوليان ناغلسمان رغم مساره الذي لم يكن مخيبا، لكنه وجد صعوبات في التحكم في المجموعة حسب بعض التسريبات التي أكدت استحالة استمرار المدرب الشاب مع البايرن خاصة وأن عمره أصغر من عمر قائد الفريق مانويل نوير، ولا يمكنه قيادة البايرن إلى منصات التتويج التي تتطلب حنكة وخبرة وقدرات لا تتوافر فيه حسب الكثير من المتابعين الذين لاحظوا تراجعا في المردود وفي النتائج بعد تسجيله ثلاثة تعادلات وخسارتين في الدوري، كانت بمثابة ناقوس خطر ينذر بتراجع أكبر نهاية الموسم يقود إلى ضياع لقب الدوري والخروج من دوري الأبطال خاصة في مواجهة السيتي في ربع النهائي.
صدمة الاقالة وتداعياتها خفت بمجرد الإعلان عن اسم الخليفة توماس توخيل الذي يتمتع بشعبية كبيرة في ألمانيا وأوروبا، ومطلوب في أندية كثيرة منذ إقالته من تدريب تشلسي الذي فاز معه بلقب دوري الأبطال سنة 2021 بعد أن بلغ النهائي مع البياسجي سنة 2020، ما جعله مرشحا لخلافة عديد المدربين في أوروبا، حتى أن اسمه تردد بقوة في فرنسا للعودة إلى باريس سان جيرمان، ما دفع إدارة البايرن إلى التعجيل بالتواصل معه وانتدابه خوفا من تضييعه، رغم عدم وجود أي اتصال أولي من قبل بين الطرفين، ورغم أسلوبه الحاد في التعامل والذي دفعه إلى الرحيل عن دورتموند والبياسجي وتشلسي، والتوقع بالرحيل عن البايرن في أول فرصة حسب تقدير الكثير من عشاق النادي، الذين يتوقعون صداماً بينه وبين إدارة النادي البافاري رغم العقد الذي يربطه معها الى غاية صائفة 2025.
أما ناغلسمان الذي أطلق عليه اسم “مورينيو الصغير” فيبقى مشروع مدرب واعد رغم صغر سنه، لأن تجربته القصيرة مع البايرن بنهايتها المأساوية المفاجئة والصادمة، تخدمه من دون أدنى شك مثلما خدمت غيره، خاصة وأن رحيله لم يكن مرتبطا بفشله فنيا في موسم لم ينته، بل كان بحسب مصادر متطابقة، بسبب صديقته مراسلة صحيفة “بيلد” في البايرن التي سربت أخباراً ومعلومات فنية وشخصية عن عديد اللاعبين، وخيارات صديقها المدرب، ما تسبب في زعزعة استقرار غرفة الملابس، وعجلت عملية الرحيل المفاجئ، وعجلت عملية استقدام توماس توخيل عشية موعد مهم وفاصل ضد الرائد بوروسيا دورتموند السبت المقبل في مهمة صعبة تكون لها انعكاسات على بقية المشوار في الدوري والكأس ودوري الأبطال.
البايرن كيان لا يتهاون ولا يتردد في اتخاذ قرارات مفاجئة، تبدو صادمة. وناغلسمان لن يتأخر في إيجاد فريق بديل قد يكون توتنهام الذي تخلى عن مدربه الإيطالي أنتونيو كونتي، لتتحول مصيبة الصحفية صديقة ناغلسمان الى فوائد عند توخيل والبايرن وناغلسمان وتوتنهام.
حفيظ دراجي
القدس العربي 30 مارس 2023