خلفت نتائج حفل توزيع جوائز الفيفا على المتميزين خلال سنة 2022، ردود فعل وتعليقات جماهيرية واعلامية متباينة، بين مرحب يعتقد أن ميسي يستحق التتويج بجائزة أفضل لاعب لأنه كان صاحب الفضل في فوز الأرجنتين بكأس العالم، وبين معارض للخيار الذي يعتبره تكريما للرجل أكثر مما هو تتويج للمجهودات، لا يستند على معطيات فنية بحتة، في وقت كان فيه مبابي أو حتى بنزيمة أفضل لاعب في العالم لسنة 2022، يستحقان التتويج بالجائزة، كما أن استحواذ الأرجنتين على أغلب الجوائز كان مثيرا للتساؤلات وعلامات الاستفهام حيث حصدوا ألقاب أحسن لاعب وأحسن حارس وأحسن مدرب، وكذلك أحسن جمهور، في سابقة أولى يعتقد البعض أن الفيفا كرمت أبطال كأس العالم، وليس الأحسن في العالم خلال سنة 2022.
طبعا لا أحد يشك في قدرات ميسي، ولا في دوره في فوز الأرجنتين بكأس العالم التي اختير فيها أفضل لاعب، وكان فيها أفضل هداف بسبعة أهداف وثلاث تمريرات حاسمة، في سنة لعب فيها 42 مباراة سجل فيها 12 هدفا، وتوج فيها بطلا لفرنسا مع البيأسجي، لكن بالمقابل كانت أرقام بنزيمة مذهلة في تقدير عشاق فرنسا والريال الذي توج معه بدوري الأبطال والدوري المحلي، وكان ومبابي متميزا مع البيأسجي، فاز معه بلقب الدوري، ولقب الهداف، وقاد منتخب بلاده إلى نهائي كأس العالم للمرة الثانية على التوالي، لذلك ذهبت التحليلات والتعليقات الى التذكير بما فعله آنييستا في مونديال 2010 عندما فاز بكأس العالم بفضل هدفه في النهائي، وفاز بلقب هداف البطولة، ودوري الأبطال والدوري الاسباني، لكن الفيفا منح الجائزة آنذاك لميسي، ما يسقط في نظرهم حجة التتويج بكأس العالم كعامل أساسي في التتويج بجائزة الفيفا.
من يعتقد أن ميسي يستحق التتويج يستند الى معطيات فنية وأخرى نفسية وضغوطات جماهيرية واعلامية تحملها ميسي في آخر مونديال يشارك فيه، كان مطالبا بأن يرفع فيه التحدي ويتوج باللقب الذي كان ينقص سجله وشكل عقدة لأزمته لسنوات طويلة، وبالتالي كانت الجائزة تتويجا لمجهوداته وليس تكريما لمشواره مثلما وصفها البعض في عديد وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي ذكرت بأن بنزيمة لم يشارك مع منتخب بلاده في كأس العالم أهم حدث في السنة، وكيليان مبابي لم يوفق في الحفاظ على التاج العالمي الذي فاز به قبل أربع سنوات، لذلك لم يكن بالإمكان منح الجائزة للخاسر على حساب الفائز وصاحب الفضل في تتويج بلاده بكأس العالم والذي يستحق التتويج بجائزة الأفضل في السنة بدون مجاملة.
الأرجنتين لم تكتف بجائزة ميسي والانتقادات لم تستثن فوز الحارس ايميليانو مارتينيز بلقب أفضل حارس على حساب تيبو كورتوا وياسين بونو، خاصة بسبب تصرفه غير اللائق أثناء حفل التتويج بكأس العالم عندما نال جائزة أحسن حارس في المونديال، بينما كان تتويج المدرب الأرجنتيني ليونيل سكالوني بجائزة أفضل مدرب على حساب أنشيلوتي وغوارديولا مستحقا الى حد بعيد، وهو الذي لم يخسر سوى مرة واحدة أمام السعودية، في سبع عشرة مباراة خاضها مع الأرجنتين سنة 2022، وفاز بالكأس السوبر الأوروبي الأمريكي ضد إيطاليا، في حين كان تتويج جماهير الأرجنتين بجائزة الفيفا الخاصة بالمشجعين مثيرا لتساؤلات البعض، وتعجب البعض الآخر من عدم منحها للجمهور الياباني مثلا على حسن سلوكه أثناء المونديال، أو السعودي أو حتى المغربي!
مهما يكن من أمر فإن الارجنتين كانت سيدة العالم سنة 2022، وحتى ولو كان تتويج ميسي بجائزة الأفضل هو تكريم للاعب في سنه المتقدم، فإنه في محله لواحد من أفضل لاعبي العالم عبر التاريخ إن لم يكن أفضلهم، ولو أنه لم يكن بحاجة الى جائزة الفيفا كي يكون الأفضل في نظر عشاقه، بل الجائزة هي التي توجت بميسي، بينما سيكون بإمكان مبابي الفوز بكل الجوائز بدون منافس خلال السنوات العشر المقبلة على الأقل.
حفيظ دراجي
القدس العربي 2 مارس 2023