مع تأجيل الموعد الرسمي لاختيار البلدان الثلاثة المنظمة لنهائيات كأس أمم إفريقيا المقبلة يتأكد كل يوم سيناريو منح المغرب تنظيم دورة 2025 كما كان مبرمجا حتى قبل تقديم الملفات ، ومعاينة مرافق البلدان المرشحة، و قبل اجتماع اللجنة التنفيذية للتصويت على البلد المنظم، بينما سيتم إرضاء الجزائر بمنحها تنظيم بطولة 2027 ، وتمنح نيجيريا وبنين دورة 2029 في محاولة للخروج من مأزق وقع فيه الاتحاد الافريقي بعد أن نجحت الجزائر في استضافة بطولة المحليين، حيث كشفت عن قدراتها في التنظيم و مستوى مرافقها الرياضية وبنيتها التحتية المتطورة، وشغف جماهيرها الذي أقبل على منافسة كادت تموت لو لم تحييها الجزائر مجددا ، وتجعل منها بطولة محترمة فنيا وجماهيريا بشهادة كل الذين حضروا إلى الجزائر بما فيهم رئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانتينو ووسائل الإعلام العربية والإفريقية والأوروبية.
صحيح أن المغرب يستحق تنظيم البطولة في أي وقت بالنظر لنوعية المرافق التي يتوفر عليها على غرار جنوب أفريقيا ومصر والجزائر ونيجيريا، لكن المشكل في التوصيات التي أعطيت لأعضاء اللجنة التنفيذية منذ مدة بالتصويت على المغرب لاحتضان بطولة 2025 قبل تقديم ودراسة الملفات، رغم انسحاب منتخبها مؤخرا من المشاركة في بطولة إفريقيا للاعبين المحليين التي جرت في الجزائر، مما يعرضها لعقوبة أكيدة، وتراجعها سنة 2015 عن تنظيم النسخة الثلاثين بحجة تفشي وباء ايبولا في افريقيا، لكن مع ذلك ينتظر أن يتم اختيار المغرب على أسس لاعلاقة لها بالاستحقاق ، ولا علاقة لها بالاختيار الحر لأعضاء الكاف، ولا بقناعاتهم التي يبدونها في السر والعلن حول أحقية الجزائر بتنظيم كأس أمم أفريقيا غدا إذا اقتضت الضرورة، وليس بعد سنتين ونصف من الآن .
في نظر إنفانتينو و موتسيبي والكاف والإداريين والفنيين واللاعبين والإعلاميين الذين حضروا وتابعوا بطولة إفريقيا للاعبين المحليين، فإن الجزائر التي استعرضت عضلاتها تستحق خلافة غينيا التي سحبت منها الكاف نسخة 2025 لعدم جاهزيتها، ليس فقط بسبب توفرها على كل الشروط، لكن أيضا بالنظر لسمعتها و موقعها في القارة السمراء، ومواقفها السياسية والدبلوماسية الثابتة مع الأفارقة عبر التاريخ، و في كل المجالات ، بما في ذلك في المجال الرياضي من خلال استضافتها سابقا لمختلف الأحداث الرياضية القارية على غرار الألعاب الإفريقية مرتين سنة 1978 و2007 ، وكأس إفريقيا للأمم سنة 1990 ، و مسابقات افريقية أخرى في كل الرياضات ، ناهيك عن الإبهار الذي أظهرته في بطولة إفريقيا للاعبين المحليين التي انتهت قبل أيام بتتويج السنغال تحت تصفيقات جماهير جزائرية رائعة فاق معدل حضورها للمباريات 30 ألف مشجع.
بالمقابل ينتظر أن تحتج نيجيريا وبينين ، وربما زامبيا على السيناريو المرجح ، الذي لا يحترم مبدأ المداورة في اختيار المناطق الذي تنظم البطولة عندما يمنح التنظيم للمغرب ثم الجزائر في دورتين متتاليتين، و الذي دأبت عليه الكاف منذ أكثر من ثلاثة عقود بين شمال أفريقيا وجنوبها، كما يبقى باب المفاجئة مفتوحا عند الاعلان عن نتائج التصويت ، حتى ولو كان بنسبة ضئيلة، علما أن التصويت الذي كان مقررا بداية شهر فبراير تم تأجيله الى وقت لاحق لم يتحدد بعد ، لكنه قد يؤجل الى الصيف وليس قبل بطولة افريقيا للناشئين أقل من 17 سنة المقررة نهاية أبريل في الجزائر تجنبا للإحراج الذي يقع فيه موتسيبي وأعضاء مكتبه إذا لم يتم اختيار الجزائر رغم اشادتهم بقدراتها وأحقيتها في كل تصريحاتهم أثناء تواجدهم في الجزائر .
بإمكان أعضاء اللجنة التنفيذية رفض الاستجابة للتوصيات التي أعطيت لهم منذ مدة والاحتكام الى ضمائرهم في الاختيار، ويمكنهم رفض التصويت على مقترح منح المغرب والجزائر فرصة تنظيم دورتي 2025 و 2027، كما يمكن لكل المخطط أن يسقط لو ظهرت معطيات جديدة يقلب بها الطرف الجزائري كل التكهنات والحسابات، لكن ذلك يقتضي جهدا كبيرا، الا إذا أرادت الجزائر الترفع عن ذلك، والاكتفاء باحتضان دورة 2027 أو حتى 2029، مع التركيز على تطوير المنظومة الكروية في الجزائر، و رفع تحديات أخرى أكبر وأهم من تنظيم كأس أمم افريقيا، في مختلف المجالات التي فتحت فيها الجزائر ورشات كثيرة تتطلب تجنيد الطاقات والامكانيات لخوضها بأريحية ، دون أن يقدر على منافستها أو مزاحمتها أحد، خاصة في ظل توفر موارد بشرية ومالية معتبرة، وتخبط دول أخرى في مشاكل وهموم وديون خانقة .
حفيظ دراجي
“الجزائر الأن” 12 فبراير 2023