بعد انتهاء مونديال قطر بالشكل الاستثنائي الذي بدأ به، من دون أدنى مشاكل أو اختلالات تنظيمية أو فنية أو حتى تقنية وأمنية، ودخول وخروج مئات الآلاف من الزوار الأجانب لقطر بشكل سلس، وحضور ما يقارب ثلاثة ملايين مشجع مباريات المونديال والفعاليات الفنية والثقافية المصاحبة للبطولة في بلد كان يقال عنه صغير المساحة بكثافة سكانية قليلة، لا يقدر على تنظيم كأس العالم واستيعاب الزوار والاستجابة لمتطلبات احتضان الحدث، خاصة وأنه عربي وخليجي ومسلم لا يسمح للمثليين بممارسة طقوسهم، والمدمنين بتناول الكحول والمخدرات، ولا يسمح للمرأة من حضور المباريات، وبعد كل الإشاعات والافتراءات التي روجت لها وسائل الإعلام الغربية لأكثر من عقد من الزمن، وكذبها كل من شاهدوا بأعينهم الانجاز، بل الاعجاز القطري، حان الوقت لهؤلاء وأولئك أن يطلبوا الاعتذار من قطر على الضرر المادي والمعنوي الذي حاولوا الحاقة بقطر.
من شكك في نزاهة أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا الذين صوتوا لملف قطر عليه الاعتذار منهم، ثم الاعتذار من قطر على اتهامها بالفساد بدون أدنى دليل رغم كل التحقيقات الأمنية والقضائية والاعلامية التي دامت سنوات دون أن تتوصل الى ما يثبت تهمة الفساد، أما من شكك في قدرة قطر على تجهيز المطار والميناء والمترو والبنية التحتية، وكل الملاعب والمرافق في ظرف عشر سنين، خاصة بعد تفشي “كوفيد 19″، عليه أن يتقدم باعتذاره لقطر ويرفع لها القبعة على التزامها واتقانها وجودة الخدمات التي قدمتها رغم كل العراقيل التي واجهتها إقليميا ودوليا، سياسيا واعلاميا، وكل الاتهامات بانتهاك حقوق العمال الذين ساهموا في تشييد المنشآت رغم أنهم كانوا تحت مسؤولية الشركات العالمية الكبرى التي كلفت بإنجاز المشاريع المرتبطة بالمونديال.
الإعلام الغربي والأمريكي مطالب بدوره بتقديم اعتذاراته على كل الأكاذيب والافتراءات التي نشرها على مدى سنوات، واتهم فيها قطر بانتهاك حقوق الانسان والمرأة، خاصة بعد أن أدرك أثناء المونديال حجم التقدير والتكريم الذي حظي به الإنسان المشجع والزائر من خلال توفيرها لكل الخدمات ووسائل الراحة والاقامة المريحة، وحجم التقدير الذي تحظى بها المرأة امتثالا لتعاليم الدين الإسلامي والتقاليد والعادات العربية العريقة التي تعتني حتى بالصغار والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين خصصت لهم كل الوسائل التي تمكنهم من الاستمتاع بالحدث مثل غيرهم من الأسوياء الذين لم يسبق لهم وأن عايشوا كأس عالم بهذا الشكل الاستثنائي في كل شيء، بشهادة كل الذين عاشوا الحدث في قلب الحدث، ونقلوا بأمانة ما وجدوه في قطر.
أما الذين شككوا في قدرات قطر على توفير الأمن والحماية للمنتخبات والمشجعين، فعليهم أن يخجلوا من أنفسهم ويعتذروا، خاصة بعد انتهاء مونديال قطر من دون أن تحدث أعمال شغب أو عنف في الملاعب وخارجها، وعادت الجماهير الإنكليزية و الويلزية الى بلدانها بدون أن تتعرض للاعتقال أو الإصابات على حد تعبير رئيس وحدة شرطة كرة القدم البريطانية، بسبب الإجراءات الأمنية الملائمة وقرار السلطات القطرية بمنع تناول الكحول في المدرجات واشتراطها الحصول على تذاكر المباريات وبطاقة “هيا” للدخول الى قطر أثناء المونديال.
على العالم أن يشكر قطر، ويعتذر للقطريين والعرب والمسلمين، ويشفق على أمريكا والمكسيك وكندا التي ستنظم مونديال 2026، لأن السقف صار عاليا من كل الجوانب الفنية والأمنية والتنظيمية والجماهيرية، ولا يمكن رفعه أكثر مما هو مرتفع.
حفيظ دراجي
القدس 21 ديسمبر 2022