hafid derradji

هل تكون “الشان” مقدمة ل”الكان”؟

لا أحد يشك في قدرات الجزائر على احتضان التظاهرات الرياضية ، القارية والجهوية ، حتى قبل تدشين المرافق الجديدة وإعادة تهيئة أخرى في الجزائر العاصمة، وهران ، قسنطينة وعنابة لأن البنية التحتية والمرافق الرياضية المتوفرة لا تقل شأنا ، كما ونوعا ، عنها في البلدان الإفريقية التي احتضنت نهائيات كأس أمم إفريقيا خلال العقد الأخير على غرار أنغولا ، الغابون ، غينيا الاستوائية والكاميرون التي كانت ملاعبها سيئة للغاية ، ما يؤكد مرة أخرى أن اختيار البلد المنظم في القارة السمراء لايخضع للمعايير التي يفرضها دفتر الشروط ، بل لمعطيات أخرى ، بعضها معروفة وأخرى مبهمة أو مجهولة ، جعلتني أتوقع قبل أسابيع حصول المغرب على حق تنظيم بطولة كأس أمم أفريقيا 2025 ، حتى قبل تقديم الملفات ودراستها والتصويت عليها ، بعد المعلومات التي بلغتني من أوساط كروية افريقية.

قبل ذلك الجزائر مقبلة بعد أيام على استضافة الدورة السابعة من بطولة كأس أفريقيا للاعبين المحليين التي بدأت منذ سنة 2009 ، في أربع مدن مختلفة بملاعب ومرافق وبنية تحتية ، وقدرات بشرية ومادية ، وتنظيمية كبيرة ، تأتي بضعة أشهر بعد تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنت فيها الجزائر ألاف الرياضيين وعشرات المنتخبات العربية والافريقية والأوروبية في كل الرياضات بشكل متميز ، في ظروف أمنية مثالية، وأجواء رياضية متميزة ، أشاد بها الجميع ، أكدت من خلالها الجزائر عودتها الى الواجهة الرياضية، الجهوية والقارية، التي تمهد لها الطريق للمنافسة “الشريفة” على احتضان مختلف الأحداث الرياضية ، لما تملكه من بنية تحتية متطورة ومرافق رياضية لا تتوفر عليها عديد الدول العربية والافريقية.

البعض يعتقد بأن نجاح الجزائر في تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط، ثم بطولة “الشان” سيكون مقدمة للفوز باحتضان نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 ، لأن الأفارقة سيكتشفون في العاصمة ووهران وعنابة وقسنطينة ملاعب عالمية معدل سعتها يفوق الأربعين ألف متفرج، وطرق سريعة ومترو وترامواي ، وفنادق ومنتجعات ومراكز رياضية وثقافية، وشعب مضياف يملك قدرات كبيرة على التحكم في جزئيات وتفاصيل تنظيم الأحداث الكبرى، ما يمهد الطريق أمام الجزائر للظفر باحتضان بطولة الكان ، بعد أكثر من ثلاثة عقود عن أخر بطولة نظمتها سنة 1990 ، مهما كانت قدرات المنافسين ، لو فسح مجال الاختيار للعقل والقلب ، ولمنطق دراسة الملفات المقدمة ، وليس لاعتبارات أخرى لا رياضية ولا أخلاقية ..
البعض الآخر من المتتبعين يعتقد أن الأمر حسم قبل الشان، بل قبل إغلاق آجال تقديم الملفات ، حتى أن التصويت كان مقررا في اجتماع اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الافريقية على هامش بطولة المحليين في الجزائر، ليتم تأجيله الى ما بعد ذلك بمناسبة مونديال الأندية المقرر بالمغرب شهر فبراير 2023 ، وعندها سيكون من المستحيلات السبع إسناد تنظيم البطولة للجزائر أو حتى نيجيريا والبينين ، بل لن يمنح حتى لقطر لو كانت بلدا إفريقيا رغم نجاحها في تنظيم مونديال خرافي قبل أسابيع لأن الأمر حسم على مستويات و أصعدة أخرى لا علاقة لها بالسياسة والدبلوماسية ، ولا بالمرافق والبنية التحتية ، ولا حتى بما تتضمنه الملفات من قدرات وإمكانيات و ضمانات سياسية وأمنية ومادية لبلد بحجم قارة، بإمكانه استضافة إفريقيا بأسرها على أرض الجزائر.

كل المؤشرات تشير الى أن المغرب سينظم بطولة 2025، ونيجيريا وبينين ، تنظمان دورة 2027، بينما ستكون دورة 2029 من نصيب الجزائر، التي فقدت وزنها رياضيا قبل سنوات، وفقدت رجالها في مختلف لجان الهيئات الرياضية القارية والدولية للأسف ، وهي مطالبة اليوم باعادة ترتيب البيت الكروي الداخلي، والاستثمار في القوى الناعمة والنائمة و الفاعلة لاستعادة مكانتها خاصة وأنها تملك الرجال والمال والنية في الاستثمار في المجال الرياضي بالموازاة مع استثماراتها في رأس المال البشري وفي مواردها الطبيعية والمادية المختلفة.

مهما يكن فإننا سنستمتع في الشان، ونمتع المتابعين ببطولة قد تكون الأخيرة من نوعها لكنها الأجمل على الإطلاق ، وسنوفر لشبابنا مرافق رياضية تسمح لهم بتفجير طاقاتهم خاصة مع تدشين ملاعب وهران براقي، الدويرة، وتيزي وزو ، واعادة ترميم ملاعب عنابة وقسنطينة وخمسة جويلية ، وملاعب وقاعات أخرى تحتاج الى صيانة مستمرة وتأطير محترف يتكلف بتسييرها وحسن استغلالها ، لأن الحياة تستمر، لن تتوقف بعد “الشان “ولا بعد الكان، يوم لك ويوم عليك .

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 8 يناير 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل