شكل انتقال كريستيانو رونالدو إلى فريق النصر السعودي حدثاً كبيراً في الأوساط الكروية العالمية ووسائل الإعلام العالمية، التي تحدثت عن عقد يمتد إلى صيف عام 2025 براتب سنوي يقارب 200 مليون يورو، ما أثار عديد التساؤلات حول جدوى الصفقة بالنسبة لفريق النصر والكرة السعودية، وتساؤلات أخرى بشأن رونالدو الذي يخوض أول تجربة خارج أوروبا.
وهل يُشكل ذلك نهاية حقبة في مشوار اللاعب الذي صنع تاريخ اللعبة منذ بداية الألفية الجديدة، ولعب في أندية كبيرة قبل أن يفسخ عقده مع فريق مانشستر يونايتد، بعد أن وجد صعوبات في الانضمام إلى فريق أوروبي آخر يتحمل راتبه الكبير، ويتعامل مع شخصيته القوية، خاصة منذ رحل عن الريال، وتراجع مردوده في يوفنتوس ثم مانشستر يونايتد، وحتى مع المنتخب البرتغالي الذي أخفق معه في نهائيات كأس العالم الأخيرة.
وقّع رونالدو مع “النصر” مجموعة عقود رعاية مرتبطة بالصفقات التجارية والإشهار والماركتينغ، إضافة إلى عقد انتقال حر كلف خزينة “النصر” أموالا ضخمة، يُراد من خلالها تحقيق غايات وأهداف ومكاسب مادية ومعنوية وفنية للكرة السعودية، قال عنها رئيس مجلس إدارة فريق النصر إنها “أكبر من مجرد صفقة رياضية، بل تشكل تاريخاً جديداً لفريق النصر والرياضة السعودية والأجيال الصاعدة التي تستلهم من تجربة فريدة من نوعها”، تستقطب أنظار العالم كله، وتعود بالفائدة على الدوري السعودي الذي يعتبر أحد أقوى وأفضل الدوريات في آسيا والوطن العربي، لما يتمتع به من مواهب وموارد ومرافق وإمكانيات مادية، إضافة إلى الاهتمام الجماهيري والإعلامي في السعودية والوطن العربي، الذي يمتد من دون شك إلى قارات أخرى مع انضمام “الدون” إلى فريق النصر.
التحاق رونالدو بـ”النصر” كان مكلفاً لفريق النصر، لكنه سيوفر من دون شك موارد مالية كبيرة ناتجة عن عقود الرعاية والإشهار، وتزايد الإقبال الجماهيري في الملاعب وعبر شاشات التلفزيون، ما يرفع من القيمة السوقية لحقوق البث التلفزيوني للدوري السعودي، ويزيد من حدة المنافسة فيه مع فرق الهلال والشباب والاتحاد والأهلي، ومن قيمة ومستوى “النصر” العالمي في مشاركاته في المسابقات المحلية والقارية والعربية التي يخوضها، من دون إغفال عامل الاستقطاب الذي سيجعل من الدوري السعودي قبلة جديدة لنجوم الكرة العالمية مستقبلاً، خصوصاً إذا نجحت تجربة رونالدو في تحقيق الغاية من التعاقد معه، وتمكن من التأقلم مع أجواء كروية وجماهيرية مختلفة عن تجاربه السابقة في أوروبا رغم تقدمه في السن.
رونالدو من جهته حقق صفقة معنوية ومادية كبيرة لم يكن يحلم بها، تقوده إلى رفع تحد جديد، وهو المعروف بشخصيته القوية التي تسمح له بالعودة إلى الواجهة كل مرة، حتى ولو ساد الاعتقاد عند البعض بأن انتقاله إلى “النصر” يشكل بداية النهاية مع المستوى العالي ومع العالمية، خاصة أن الفكرة السائدة عند الكثير والراسخة في الأذهان تفيد بأن الانتقال إلى اللعب في الدوريات الخليجية يُشكل منعطفاً.
وبداية نهاية نجوم الكرة وابتعادهم عن أضواء أوروبا ومستوى المنافسة في أوروبا، مثل ما كان عليه الحال بالنسبة للعديد من اللاعبين الذين انتقلوا من قبل إلى الدوريات السعودية والقطرية والإماراتية بالخصوص، وخرجوا بعدها من أبواب أخرى بأموال طائلة لا ترفض، حتى ولو كانت تحمل إشارات النهاية، علماً أن رونالدو لم يعتزل اللعب دوليا ويفكر في الاستمرار مع المنتخب البرتغالي إلى غاية يورو 2024 المقرر في ألمانيا.
رونالدو البرتغالي في النصر السعودي، فصل جديد قد يكون الأخير في مشوار اللاعب، لكن الأكثر إلهاما وأهمية للكرة السعودية والأجيال الصاعدة التي ستحاول الاستثمار في وجود أسطورة كروية كلفت غالياً، لكن ينتظر أن يكون مردودها كبيراً، ينعكس على المعنويات والفنيات والإقبال الجماهيري، وكذلك إقبال الشركات الكبرى على الاستثمار في الصفقة في كل المجالات.
حفيظ دراجي
العربي الجديد 31 ديسمبر