بعد أن شاهدنا كل المنتخبات المشاركة في كأس العالم قطر 2022، في مباراتين على الأقل، واكتشفنا مستويات لاعبيها وقدراتهم، بدأ هواة الكرة يخوضون في التوقعات والتكهنات بشأن المرشح للفوز باللقب العالمي، والتي لم تبتعد قبل بداية المونديال عن منتخبات البرازيل، الأرجنتين وفرنسا وإنكلترا وألمانيا، قبل أن يضاف اليها بعد الجولة الثانية من دور المجموعات منتخب البرتغال الذي ضمن تأهله الى ربع النهائي، برفقة فرنسا وإنكلترا بعد فوزين على غانا واوروغواي، سجل فيها خمسة اهداف، كان فيهما رونالدو في المستوى، مثلما كان الأرجنتين في مباراته الثانية امام المكسيك بقيادة ميسي الذي أعاد الروح لرفقائه بتسجيله الهدف الأول امام المكسيك بعد نكسة السعودية، ما أعاد الامل في رؤية ميسي يرافق رونالدو الى الدور ثمن النهائي في حالة فوزه على بولندا.
اذا احتلت البرتغال والأرجنتين المركز الأول في مجموعتيهما لن يلتقيا وجها لوجه قبل النهائي بشرط أن تجتاز البرتغال كلا من ألمانيا وانكلترا، وتجتاز الأرجنتين هولندا والبرازيل أو اسبانيا، ليتمكن من تحقيق نتيجة افضل من دورتي 1966 التي نال فيها المركز الثالث و2006 عندما فاز بالمركز الرابع، ويحصل رونالدو على اللقب الذي ينقص سجله الثري، في آخر مشواره الكروي برفقة جيل متميز ينشط في أكبر الأندية وأفضل الدوريات الأوروبية على غرار كانسيلو وروبن دياش وبرناردو سيلفا وبرونو فرنانديز وجواو فيليكس، الذين فازوا بكأس أمم أوروبا 2016 وأول نسخة من دوري الأمم الأوروبية لعام 2020، في انتظار تحقيق الحلم الأكبر الذي لن يكتمل الا بالفوز بكأس العالم على الأرجنتين بقيادة ميسي.
ميسي من جهته يدرك جيدا أن مارادونا يبقى الفتى الذهبي الوحيد في الأرجنتين ما لم يتوج بكأس العالم، ويدرك أن التفوق على رونالدو كأفضل لاعب في العالم لبداية الألفية، يمر حتما عبر التتويج بكأس العالم مع الأرجنتين في آخر مشاركة له رغم صعوبة المهمة، خاصة بعد خسارته الأولى أمام السعودية والتي شككت في قدرات الأرجنتين على التتويج باللقب الثالث في التاريخ، لولا عودة ميسي في مواجهة المكسيك بتسجيله للهدف الأول ومساهمته في الهدف الثاني، ليعيد حسابات المتابعين وتكهناتهم التي عادت لتصب في اتجاه مواجهة مرتقبة بين ميسي ورونالدو لن تقل قيمة وشأنا عن مواجهات أخرى تجمع البرازيل وفرنسا وألمانيا أو انكلترا، خاصة وأن الارجنتين سيجد في طريقه البرازيل في نصف النهائي، بينما ينتظر أن يجد البرتغال نفسه في مواجهة فرنسا وانكلترا في حالة تأهله في المركز الأول في مجموعته.
نهائي برتغالي أرجنتيني بين رونالدو وميسي سيضفي على مونديال قطر نكهة خاصة تبقى في التاريخ لأنها تكون فاصلة بين النجمين، يبقى يذكرها عشاق الكرة، الا اذا أخفق النجمان في تحقيق ذلك أمام قوة البرازيل وفرنسا وانكلترا وألمانيا، وهي المنتخبات المرشحة بدورها للتتويج في بطولة تركت فيها قطر بصمتها في التنظيم، ودونت فيها المنتخبات العربية والافريقية اسمها بأحرف من ذهب بالنظر للمستوى الذي ظهرت به قبل الجولة الثالثة من دور المجموعات بمستوياتها العالية، على غرار السنغال وغانا والكاميرون والمغرب، ما أدى الى تقليص الهوة بين الكبار والصغار، وتكريس تحول عميق في منظومة كرة القدم العالمية التي لم يعد فيها الابداع والتألق حكرا على البعض دون الآخر، مثلما لم يعد تنظيم بطولة كأس العالم حكرا على من يعتقدون أنهم الأفضل والأجدر بصناعة التاريخ.
نهائي برتغالي أرجنتيني بين رونالدو وميسي سيكون أجمل هدية لهما، ولعشاق النجمين والكرة العالمية، ولقطر بالخصوص، رغم قساوة ومرارة الخسارة لأحدهما خاصة وأنها فرصتهما الأخيرة في التتويج باللقب الذي ينقص سجلهما.
حفيظ دراجي
العربي الجديد 30 نوفمبر 2022