قبل أقل من شهرين على موعد مونديال 2022، لا يزال حديث المراقبين مقتصرا على دولة قطر ومرافقها، ومدى جاهزيتها وقدرتها على تنظيم الحدث العالمي باعتباره أول بلد عربي وخليجي يحتضن أول مونديال في منتصف الموسم وليس في نهايته كما جرت العادة، بينما لم نسمع ولم نقرأ الى الآن تحاليل وتوقعات فنية، حول المستوى الفني المرتقب، والمنتخبات المرشحة للتتويج واللاعبين المتوقع تألقهم على أرض محايدة بالنسبة للمتعودين على التتويج من بلدان أمريكا الجنوبية وأوروبا، رغم توجه غالبية عشاق النجمين رونالدو وميسي نحو الاعتقاد بأن هذا المونديال سيكون فاصلا بينهما، يحسم فيه المتوج أفضليته على الآخر، بينما يعتقد البعض بأنه سيكون مونديال البرازيل ونيمار، في وقت يتردد الكثير من المتابعين في الإعلان عن توقعاتهم بشأن مونديال يصعب التكهن بمن سيفوز به بسبب عدم اتضاح الرؤية جيدا، وتكافؤ مستويات الكثير من المنتخبات.
صحيح أنه سابق لأوانه التكهن بمن سيتألق أو يتوج، لكن النقاش الفني لا يزال مغيبا في وسائل الاعلام العالمية الى الآن، الا أن ذلك لا يمنعني من ترشيح الأرجنتين بقيادة ميسي للتتويج باللقب واستغلال الفرصة الأخيرة للأسطورة الأرجنتينية التي ستشارك في آخر مونديال لها، بعدما تمكن من منح بلاده لقب كوبا أميريكا العام الماضي، بفضل جيل ذهبي بلغ من النضج ما يؤهله كي يكون مرشحا قويا للظفر بلقب يغيب عن خزائنه منذ سنة 1986 في عهد الراحل مارادونا، الذي يبقى بالنسبة للأرجنتينيين هو الأفضل على الإطلاق ما دام ميسي لم يتمكن من الفوز بكأس العالم، حتى ولو أن رصيده من التتويجات الفردية ومع الفرق أكبر بكثير مما حققه مارادونا الذي يبقى في نظر الأرجنتينيين الفتى الذهبي، لأن ميسي بقي في نظرهم مقصرا ما لم يحرز على كأس العالم.
البرتغال سيكون بدوره أحد المرشحين للفوز بلقب عالمي ينصب رونالدو ملك زمانه في العالم، بعد أن توج مثل ميسي باللقب القاري مع منتخب بلاده ونال من الألقاب الفردية والجماعية مع المان والريال واليوفي، ما يؤهله كي يكرس ويجسد تفوقه على ميسي، رغم أن منتخب بلاده لا يضاهي الأرجنتين قوة وصلابة كفريق، علما أن فردياته تشكل أحد أحسن الأجيال الكروية التي عرفتها البرتغال، لذلك يبقى الحلم الكبير لعشاق الكرة في العالم، هو مشاهدة نهائي يجمع الأرجنتين بالبرتغال، يشكل نهائي فاصل بين ميسي ورونالدو اللذين لم يلتقيا منذ غادر رونالدو الريال، ويحلم كل عشاقهما بمواجهة نهاية المشوار التي ستكون مؤلمة لأحد الطرفين، لكنها ممتعة لنا من دون شك من حيث الاثارة والتنافس والمشاعر التي تحيط المواجهة التاريخية المأمولة.
البرازيل كعادته كل مرة سيكون أحد المرشحين للمنافسة على اللقب بقيادة نيمار الذي يأمل بدوره في أن يخلده التاريخ مثل رونالدو، وروماريو، ويعوض ما فاته في مونديال البرازيل سنة 2014، الذي شكل خيبة وصدمة كبيرة، تبقة تلاحقه ما دام لم يتوج بكأس العالم، وهو أحد أفضل اللاعبين في الوقت الراهن، أما حامل اللقب منتخب فرنسا، فأغلب الظن أنه سيخرج في الدور الأول مثلما كان يحدث كل مرة للبطل على غرار ما حدث لها سنة 2002، بعد تتويجها بمونديال 1998، وحدث بعد ذلك لاسبانيا في 2014، وألمانيا في آخر مونديال سنة 2018، لذلك لن تكون فرنسا مرشحة للتتويج رغم وجود بنزيمة ومبابي، والجيل الصاعد المتميز الذي ينشط في أفضل الأندية، وأكبر الدوريات الأوروبية.
ألمانيا واسبانيا وانكلترا ستكون ملح المونديال، قادرة على صناعة المفاجأة لأنها تملك بدورها من المقومات ما يؤهلها لذلك، لتجعل من موعد قطر حدثا استثنائيا بجميع المقاييس التنظيمية والفنية والانسانية، يكون فيها المتوج ملكا دون كل الملوك، خاصة لو كان رونالدو أو ميسي.
حفيظ دراجي
القدس العربي 6 أكتوبر 2022