لأول مرة منذ 20 سنة تعود مسابقة دوري أبطال أوروبا من دون هدافها التاريخي كريستيانو رونالدو، رغم كل محاولاته لإيجاد فريق آخر يسمح له بالاستمرار في الواجهة ومواصلة تحطيم الأرقام، فاسحا المجال أمام ظاهرة جديدة اسمها ايرلنغ هالاند، وأخرى متمثلة في كيليان مبابي، اضافة الى نيمار وصلاح وهاري كاين، بينما سيشارك في مسابقة الدوري الأوروبي مع المان يونايتد في سابقة غير معهودة لعشاق النجم الذي صنع أفراح المان والريال واليوفي، وتوج معهم خمس مرات بلقب دوري الأبطال، وتصدر ترتيب هدافي المسابقة بـ120 هدفا، وترتيب هدافي دور المجموعات بـ60 هدفا، وهو الذي لا يزال يتصدر ترتيب الهداف التاريخي لجميع المسابقات بـ807 أهداف، نال اثرها كل التتويجات الفردية، وعديد البطولات مع الأندية والمنتخب، في انتظار أن يختم مشواره الدولي بلقب كأس العالم مع البرتغال نهاية السنة الجارية.
حتى مكانته الأساسية في المان يونايتد فقدها منذ بداية الموسم، وسيكون احتياطيا الليلة في افتتاح مباريات الدوري الأوروبي أمام ريال سوسييداد بسبب خيارات المدرب الهولندي إيريك تن هاغ التي جعلت منه بديلا في كل المباريات التي خاضها المان في الدوري، بدون أن يؤثر ذلك بالسلب على أداء ونتائج الفريق، وبدون أن يثير ردود فعل سلبية في الأوساط الفنية والجماهيرية بسبب تراجع مستواه المتأثر بعدم تحقيق رغبته في الرحيل رغم كل التقارير الاعلامية التي ربطته بـ أندية كثيرة على غرار البياسجي والسيتي وتشلسي وأتلتيكو مدريد وروما، وأخيرا نابولي الذي فند البارحة على لسان مديره الرياضي أي تفاوض أثناء فترة الميركاتو الصيفي مع رونالدو للالتحاق بالفريق الإيطالي، مثلما فندت عديد الأندية الأوروبية تسريبات سابقة عن اقتراب رونالدو من الرحيل نحو فريق يضمن له المشاركة في مسابقة دوري الأبطال.
وفي غياب رونالدو عن أجواء المسابقة الكبرى يبدو فريقه السابق ريال مدريد في أحسن رواق للاحتفاظ بتاجه الأوروبي مثلما أعلن مدربه كارلو أنشيلوتي، ويبدو أيضا ليو ميسي في أحسن حال برفقة البياسجي للمنافسة على دوري الأبطال، برفقة الثنائي نيمار ومبابي، الذين يبدون في أحسن أحوالهم، أكثر قوة وانسجاما واصرارا على صناعة الحدث بعدما سجلوا وصنعوا 22 هدفا في ست مباريات في الدوري المحلي، خاصة كيليان مبابي صاحب الثنائية أمام اليوفي في أول خرجة للنادي الباريسي في دوري المجموعات لدوري الأبطال، والذي سيكون أحد نجوم أوروبا والعالم للعقد المقبل، والقادر على تحطيم أرقام رونالدو وتتويجاته الفردية على الأقل، خاصة إذا انتقل الى الريال أو أحد الاندية الإنكليزية الكبرى التي تسمح له بالمنافسة كل موسم على التاج الذي فاز به رونالدو خمس مرات.
النرويجي ايرلنغ هالاند بدوره سيكون قنبلة العهد الجديد مع السيتي بعد بدايته التاريخية التي سجل فيها 10 أهداف في ست جولات من عمر الدوري الإنكليزي، وسجل بدوره ثنائية في أول خرجة ضد إشبيلية رغم اعتقاد مدربه غوارديولا بأن قلب هجومه لن يقود لوحده الفريق نحو التتويج بدوري الأبطال، في محاولة منه لتخفيف الضغط على اللاعب، وتحفيز المجموعة كلها، لكن ذلك لن يمنع من سطوع الظاهرة الكروية الجديدة القادرة على تحطيم أرقام رونالدو الشخصية في دوري الأبطال، في ظل تقدم بنزيمة وليفاندوسكي في السن، وقدرة المان سيتي على تحقيق البطولات والألقاب المحلية والأوروبية كما كان الحال مع رونالدو في المان والريال، وحتى اليوفي.
المان يونايتد يسير بشكل جيد في الدوري بدون رونالدو، ورونالدو يطرق أبواب النهاية التي لم يكن يتمناها عشاقه، الا اذا حدثت معجزة يصعب تصورها بعد انتهاء فترة الميركاتو الصيفي واستمراره مع فريقه إلى غاية نهاية الموسم، التي لن تكون نهاية المشوار، بقدر ما تكون نهاية عهد التتويجات وتحطيم الأرقام.
حفيظ دراجي
القدس العربي 8 سبتمبر 2022