hafid derradji

لماذا يصر جمال بلماضي على موقفه؟

كما كان متوقعاً خرج المدرب الجزائري جمال بلماضي عن صمته مجدداً لتأكيد تصريحاته الأولى والرد على تعليقات وردود الاتحاد الكاميروني وأطراف عديدة لم تعجبها انتقاداته السابقة للحكم الغامبي باكاري غاساما الذي أدار مباراة الجزائر والكاميرون بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022، في وقت يترقب الكثير من المتتبعين قرار لجنة التحكيم التابعة للفيفا وردها على الشكوى التي تقدم بها الاتحاد الجزائري، مدعومة بمعطيات ومعلومات تؤكد تواطؤ مفضوح لأطراف متعددة من أجل الإطاحة بالمنتخب الجزائري، حسب المدرب جمال بلماضي والكثير من المتابعين للشأن الكروي في الجزائر، والذين يأملون في إعادة المباراة، في وقت يعتقد البعض الآخر أن محتوى الملف الجزائري ضعيف وفارغ لا يحمل أدلة تثبت أخطاء تحكيمية تقنية أو تحايلاً بين الحكم وأطراف كاميرونية للتأثير على نتيجة المباراة.

جمال بلماضي، في تصريح سابق، اتهم الحكم الغامبي غاساما بتحيّزه المفضوح للمنتخب الكاميروني، واعتبره المتسبب الرئيس في إقصاء المنتخب الجزائري بقراراته غير البريئة التي لم تكن مجرد أخطاء تحكيمية عادية، بل متعمدة أثرت على النتيجة، ووصف التحكيم الإفريقي بالضعيف؛ مما أدى إلى ردود فعل متباينة في الكاميرون التي لم يذكرها في تصريحاته، وفي بعض وسائل الإعلام الفرنسية والكاميرونية التي وصفته بـ”الإرهابي” المحرض على العنف والكراهية، مثلما وصفت رئيس الاتحاد الدولي بالعنصري الذي يدعم بلماضي والجزائر على حساب الكاميرون بسكوته عن تصريحاته حسب تقديرها، بينما وصف الحكم الفرنسي السابق توني شابرون المدرب الجزائري بالرديء والمحرض على العنف ضد الحكم غاساما، مما دفع به للخروج عن صمته مجدداً والرد على كل التأويلات التي أعقبت تصريحاته الأولى عبر أثير إذاعة (آر أم سي) الفرنسية.  

جمال بلماضي عبر عن أسفه على التأويلات والأبعاد التي أعطيت لتصريحاته الأولى منتقداً رد فعل الاتحاد الكاميروني الذي لم يذكره بالاسم، ورد فعل اللاعب الدولي الكاميروني السابق باتريك مبوما الذي ذكر المدرب الجزائري بأنه إفريقي وليس أوروبياً أو آسيوياً، في إشارة الى ضرورة تبني خصوصيات القارة بكل إيجابياتها وسلبياتها وعدم الانسلاخ عن أصوله، وهو الأمر الذي تأسف له بلماضي في رده، مؤكدا أنه فخور بأصوله الجزائرية والإفريقية، وبثقافته الأوروبية باعتباره من مواليد فرنسا التي نشأ وعاش فيها حياته، وفخور بكل التنوع الذي يميزه عن غيره، ويجعله يفرق بين العنصرية التي يُتهم بها، وبين انتقاد واقع التحكيم الإفريقي السيئ بشهادة كل المتتبعين للشأن الكروي الإفريقي، وهو الأمر الذي ركز عليه جمال بلماضي ودعا إلى تحسينه وتطويره منذ سنوات وليس فقط بسبب الذي حدث في مباراة الجزائر ضد الكاميرون.

الحكم الفرنسي توني شابرون الذي وصف بلماضي بالرديء لم يسلم من انتقادات جمال بلماضي الذي ذكّره بماضيه الأسود في عالم التحكيم وعنصريته التي أظهرها ذات يوم أمام اللاعب الدولي المغربي السابق كمال شافني؛ حيث لم يكتف بطرده بالبطاقة الحمراء، بل وصفه بـ: “العربي الوسخ”، ليخرج مجدداً في وسائل الإعلام الفرنسية ويعبر عن حقده وعنصريته تجاه كل ما هو جزائري وعربي عوض أن يكتفي بالحديث عن التحكيم مجال اختصاصه، وعن أداء الحكم غاساما، دون أن يتهكم على مدرب انتقد تحيز الحكم مثلما يفعل الكثير من المدربين واللاعبين والمسيرين للتحكيم الإفريقي، وفضح لعبة الكواليس المتفشية في القارة السمراء بشهادة الأفارقة ذاتهم، حتى إن بعض المعطيات والمعلومات تشير إلى أن الحكم غاساما تواصل مع وسطاء جزائريين لطلب رشوة من الاتحاد الجزائري مقابل تسهيل مهمته في الفوز لكنه لم يجد لطلبه صدى!!  

جمال بلماضي في حواره الجديد جدد انتقاده للحكم الغامبي غاساما، وكل من لديهم أيادٍ طويلة في الكاف تتلاعب بمصير اللاعبين والمدربين والمنتخبات والأندية، وعبّر مجدداً عن امتعاضه من كل التأويلات التي أعقبت تصريحاته الأولى واتهمته بالعنصرية والتحريض على العنف ضد الحكام، متمنياً أن يتخذ الكاف كل الإجراءات لتطوير التحكيم وتحسين مستوى الحكام مستقبلاً، ومحاربة لعبة الكواليس التي تحرم المجتهدين من حقوقهم كل مرة في جميع المسابقات التي تشرف عليها الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم من زمان، وحان الوقت للتنديد بها وتجنب تكرارها مستقبلاً حتى وإن اعتمدت الفيفا نتيجة مباراة الجزائر ضد الكاميرون بسبب غياب الأدلة، ورغم وجود معطيات ومعلومات تؤكد تواطؤ أطراف عديدة ضد الجزائر، جسدها تحيز غاساما المفضوح أثناء المباراة.

بلماضي جدد بالمناسبة في تصريحاته الجديدة لإذاعة (آر أم سي) أمله في أن يتعامل الفيفا بصرامة وإنصاف مع الشكوى التي رفعها الاتحاد الجزائري، وهي نفس الآمال التي تعلقها غالبية الجماهير الجزائرية التي تنفست قليلاً بعد قرار المدرب بمواصلة مهامه على رأس المنتخب الجزائري على الأقل إلى غاية نهائيات كأس أمم إفريقيا المقررة في كوت ديفوار 2023، وهو الأمر الذي يحتاج نفساً جديداً ووجوهاً جديدة وتحفيزاً جديداً للمدرب ولاعبيه، وتجنيداً كبيراً لاتحاد جزائري فقد الكثير من نفوذه إفريقياً ودولياً، وصار بحاجة إلى إعادة تموقع في كل الهيئات مهما كان قرار الفيفا المرتقب، خاصة أن جمال بلماضي قال بصوت عال ما يفكر فيه الكثير من الأفارقة بصوت خافت، من أن الكرة الإفريقية مريضة بتحكيمها الضعيف وفاسدة بممارسات مسيّريها..  

جفيظ دراجي

عربي بوست 3 مايو 2022

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل