hafid derradji

الإقصاء من مونديال قطر يُدخل الجزائر في دوامة الشك!

إلى وقت قريب، كان كل شيء جميل على مستوى المنتخب الجزائري لكرة القدم، منذ تتويجه المستحق باللقب القاري سنة 2019، إلى غاية فوزه الرائع بكأس العرب “فيفا” 2021، وتجنّبه الخسارة على مدى 35 مباراة متتالية جعلته أحد أفضل المنتخبات في العالم، والأكثر استحقاقاً للتواجد في مونديال قطر، قبل أن ينقلب كل شيء في ظرف شهرين، بعد إخفاقه في الحفاظ على لقبه القاري في الكاميرون عندما خرج في الدور الأول، وفشله في التأهل إلى مونديال قطر الذي شكل صدمة كبيرة، أطاحت برئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وقد تتسبب في رحيل المدرب جمال بلماضي، في سيناريو يحدث عادة على مستوى الأندية والمنتخبات، لأنها أحكام الكرة التي تستند إلى النتائج فقط بسبب الضغوطات التي تفرضها الجماهير ووسائل الإعلام، وهو الأمر الذي تشهده الكرة الجزائرية حالياً.


الجزائريون من جهتهم كانوا في السماء السابعة قبل نهائيات كأس أمم إفريقيا، التي احتضنتها الكاميرون، باعتبارهم أبطال أفريقيا والعرب وأحد أفضل المنتخبات العالمية، وهو الأمر الذي قاد بلماضي العام الماضي للحديث عن المنافسة على كأس العالم وليس مجرد التأهل إلى مونديال قطر، الذي كان بالنسبة إليه ولكل المتتبعين تحصيلاً حاصلاً، قبل أن يتحول إلى كابوس يصعب تجرعه، خاصة بعد حدوثه في الثواني الأخيرة من المواجهة أمام الكاميرون، ويؤدي إلى حدوث زلزال دفع رئيس الاتحاد الجزائري إلى الاستقالة، وقد يؤدي إلى رحيل المدرب جمال بلماضي، وبالتالي نهاية مرحلة جميلة دامت أكثر من ثلاث سنوات، آلت إلى نهاية مؤلمة أحدثت شرخاً في الأوساط الإعلامية والجماهيرية، بين من يطالب باستمرار بلماضي على رأس “الخضر”، لأنه مدرب كفوء يستحق تجديد الثقة فيه، ومن يدعو إلى رحيله لأنه فشل ويجب تغييره.


بين هؤلاء وأولئك، تبقى الأمور غامضة، عشية الجمعية العامة الانتخابية للاتحاد الجزائري، وقبل شهر ونصف من انطلاق تصفيات كأس أمم إفريقيا 2023، التي قد يبدأها المنتخب الجزائري دون مدرب إذا استمر تردّد المدرب جمال بلماضي في اتخاذ قرار الاستمرار أو الرحيل، والذي يبقى بيده دون غيره بعد الدعم الكبير الذي وجده من السلطات الجزائرية وغالبية الجماهير الجزائرية ووسائل الإعلام، في ظاهرة فريدة يجب الإشارة إليها والتنويه بها، لا تحدث مع مدربين آخرين فشلوا في تحقيق أهدافهم مع منتخباتهم، على غرار ما حدث لمدرب المنتخب المصري، البرتغالي، كارلوس كيروش، الذي تمكن من بلوغ نهائي كأس أمم أفريقيا، ولعب المباراة الفاصلة ضد بطل إفريقيا، لكن وجد نفسه خارج حسابات الاتحاد المصري، رغم كل الذي فعله في ظرف وجيز وظروف صعبة.


حتى المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش يمر بظروف صعبة مع المغرب، رغم تأهله إلى المونديال مع المنتخب المغربي، وقد يدفع ثمن سوء تفاهمه مع بعض كوادر الفريق الذين استغنى عنهم مؤخراً، ويبقى مُعرّضاً للإقالة في أي لحظة بسبب ضغوطات إعلامية وجماهيرية لم تعجبها قراراته، وعناده الكبير الذي دفع الإيفواريين واليابانيين للاستغناء عنه، رغم تأهله معهم إلى مونديال 2010 و2018، ما يعني بأن النتائج الجيدة للمدربين مع منتخباتهم لا تضمن لهم بالضرورة البقاء في مناصبهم، لأن الأمر لا يخضع لاعتبارات فنية وتقنية بحتة، وهو الأمر الذي يحدث مع جمال بلماضي الذي يتمسك به كثيرون، رغم إخفاقه في تحقيق أحد أهدافه الأساسية، ويريد رحيله البعض لأنه فشل في تقديرهم، بينما يُصرّ على التخلص منه البعض الآخر من أعداء النجاح، لأن نجاحه يزعجهم.


في المحصلة، العشر ثواني الأخيرة من مواجهة الكاميرون كانت كفيلة بتغيير كل المعطيات والموازين التي كانت ستكون إيجابية، تُبقي رئيس الاتحاد في مكانه، وتجعل من بلماضي بطلاً قومياً في نظر الجميع، لو لم يتلق دفاعه ذلك الهدف القاتل في الوقت بدلاً من الضائع، والذي جعل منه مدرباً فاشلاً يجب أن يرحل، وأدخل الكرة الجزائرية في دوامة بعد أن سقطت الشجرة التي كانت تُغطّي الغابة.

حفيظ دراجي

سوبر وان 17 أبريل 2022

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل