hafid derradji

رب ضارة نافعة للخضر!

تعادل المنتخب الجزائري حامل اللقب القاري في مباراته الأولى أمام سييراليون صنع الحدث في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أكثر من خسارة مصر وتونس أمام المنتخبين القويين نيجيريا ومالي، في حين لم يكن تعثر الجزائر متوقعا قبل المباراة لمنتخب لم يخسر على مدى 35 مباراة متتالية، يرشحه الجميع للحفاظ على تاجه، لكنه لعب أحد أسوأ أشواطه الأولى منذ استلام جمال بلماضي زمام المنتخب في أغسطس/آب 2019، قبل أن يعود في الشوط الثاني ويستحوذ على الكرة ويخلق المساحات والفرص التي لم يتمكن اللاعبون من استغلالها، حيث بدا عليهم الارتباك في اللمسة الأخيرة والتعب والارهاق، والاختناق في الشوط الأول بسبب الحرارة العالية والرطوبة المرتفعة، وكذا بسبب تواجد حارس رائع خلف منظومة دفاعية سييراليونية رائعة.


جمال بلماضي اعتذر للجماهير الجزائرية في نهاية اللقاء واعتبر في الندوة الصحفية أن نتيجة التعادل سلبية، وتحمل مسؤولية أداء لاعبيه، فكان جدا متأثرا بالأداء المتواضع قبل النتيجة، وعيا منه بأن التعادل في أول مباراة يقتضي جهدا مضاعفا في مواجهتي غينيا الاستوائية وكوت ديفوار، ويفرض على تشكيلته ضغطا كبيرا يجب تجاوزه، بينما اعتبر بعض المحللين أن ما حدث في اللقاء الأول سيعود بالنفع على المنتخب الجزائري الذي ينتظر أن يكون أفضل وأقوى في المواعيد القادمة، بعدما أدرك أن المأمورية لن تكون سهلة في ظروف مناخية صعبة وأرضية ميدان سيئة، وأمام منافسين أقوياء يسعون كلهم للاطاحة به، مثلما كان واضحا على لاعبي سييراليون عندما أطلق الحكم صافرة النهاية، فأطلقوا العنان لأفراحهم بتعادلهم المستحق الذي اعتبروه انتصاراً كبيراً.


البعض الآخر من المحللين اعتبر أن بلماضي أخطأ التقدير في خياراته الفنية والتكتيكية في غياب زروقي المصاب وبن ناصر المعاقب،  لذلك اضطر لإخراج ثلاثي وسط الميدان فيغولي وبلقبلة وبراهيمي مع بداية الشوط الثاني، فتغير سيناريو اللعب كليا رغم غياب الفعالية في اللمسة الأخيرة عند بونجاح وبلايلي وبن دبكة ومحرز، وكذا الإرهاق الذي نال من اللاعبين ربما بسبب السفرية الطويلة من الدوحة الى دوالا، ووصولهم المتأخر الى الكاميرون ما حال دون تأقلمهم بسرعة مع المناخ الحار ونسبة الرطوبة المرتفعة التي كانت في صالح منتخب سييراليون المتعود على المناخ الاستوائي، والذي كانت مواجهته للجزائر محفزة جدا مثلما سيكون عليه الحال لكل المنتخبات التي ستواجه الجزائر بطلة افريقيا.


الجماهير الجزائرية من جهتها عبرت بمشاعرها في وسائل التواصل الاجتماعي عن أسفها للتعثر، لكنها قدرت الظروف، ولم تتخلى عن مساندتها لبلماضي وأشباله الذين لم ينهزموا في نظرهم حتى في أسوأ أحوالهم، وهي ميزة المنتخبات الكبيرة، وثمنت في المقابل استمرار سلسلة المباريات المتتالية من دون خسارة لطاقم فني ولاعبين صنعوا أفراحهم على مدى ثلاث سنوات حققوا فيها اللقبين الافريقي والعربي، وتأهلوا الى المباراة الفاصلة في تصفيات كأس العالم 2022، وفوق كل هذا لم يخسر في مباراته أمام سييراليون وسيكون تحت ضغط إيجابي في مواجهة غينيا الاستوائية، وهو الذي يعشق التحديات والصعوبات والمباريات الصعبة والقوية التي عادة يكون فيها أقوى.


الكل يجمع في الجزائر على أن التعادل في أول مباراة كان نتيجة سلبية، لكن الجميع يتوقع أن يكون مفيدا فنيا ونفسيا للمنتخب الجزائري، حيث سيسمح لبلماضي بتصحيح خياراته، ويسمح للاعبين بالتعويض وإخراج كل ما لديهم من إمكانيات لتجاوز التعثر واستعادة الثقة في أنفسهم تحسبا لمباريات قادمة صعبة على جميع المنتخبات مثلما تبين من خلال المباريات العشر الأولى التي لم يسجل فيها سوى هدف واحد في كل لقاء، ولم يتفوق فيها فريق على آخر بأكثر من فارق هدف واحد، ما يؤكد تقارب المستويات وصعوبة الفوز في مباريات هذه البطولة الشاقة والمتعبة خاصة لمنتخبات شمال افريقيا في ظل ظروف مناخية صعبة في الكاميرون وتحكيم بدأ يثير التساؤلات بعد الذي حدث في مباراة تونس ومالي التي أعلن نهايتها الحكم قبل الدقيقة التسعين.

حفيظ دراجي

القدس العربي 13 يناير 2022

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل