الخسارة المذلة بالخمسة للمان يونايتد أمام ليفربول في الجولة التاسعة من الدوري الإنكليزي الممتاز حسمت مصير المدرب النرويجي أولي غونار سولشاير جماهيريا واعلاميا وحتى معنويا قبل أن يرحل رسميا عندما يتم الاتفاق مع خليفته الذي بدأت تظهر معالمه، لكن إدارة المان يونايتد تبدو مضطرة الى اطالة عمر المدرب على رأس النادي لأيام أخرى وتحمل كل الانتقادات والتداعيات المترتبة عن ذلك، خاصة وأن الرجل فقد ثقة لاعبيه وأنصار النادي، وأكد بما يدع أي مجال للشك بأنه ليس المدرب الذي يليق في الظرف الراهن، وهو الخامس الذي يتم استهلاكه منذ رحيل السير أليكس فيرغسون سنة 2013، بعد بداية موسم صعبة خسر فيها النادي خمس مباريات من أصل تسع في جميع المسابقات، أكبرها وأكثرها ضررا كانت أمام ليفربول الذي حول مسرح الأحلام الى مسرح الأوهام والأحزان.
كل انكلترا كانت تنتظر اقالة المدرب بعد نهاية المباراة، أو رحيله طواعية لأنه فشل ولم يعد مرغوبا فيه، لكن الرجل بقي مع لاعبيه في غرف تغيير الملابس لمدة ساعتين يتحدث إليهم ويحاول الرفع من معنوياتهم تحضيرا للمباراة القادمة أمام توتنهام، وخرج بعدها يبتسم أمام بعض المناصرين الذين كانوا ينتظرون خارج أسوار الأولد ترافورد، وكأنه متأكد من استمراره مع الفريق، أو لديه ضمانات بالبقاء مهما كانت الظروف، في وقت كان الشارع يغلي ووسائل الإعلام المحلية والعالمية تنتقده وتتهجم عليه، وتتكهن بمن سيخلفه على رأس الفريق ابتداء من الجولة القادمة، لكن ذلك لم يحدث لحد الآن في سيناريو يبدو غريبا لدرجة راح البعض يجزم بأن أليكس فيرغسون هو الذي يضغط لأجل استمراره، لكن ذلك لم يمنع من تداول اسمي الايطالي انتونيو كونتي والفرنسي زين الدين زيدان.
المدرب السابق لتشلسي، أنتونيو كونتي كان أول المرشحين الذي تم تداول اسمه لخلافة سولشاير بحسب الصحافة الايطالية والبريطانية بحكم معرفته بالكرة الانكليزية وشخصيته القوية التي تبين أنها لا تلقى الإجماع في أوساط بعض المسيرين وحتى اللاعبين على غرار بوغبا ورونالدو وبرونو فيرنانديز، في وقت لم يدلي المدرب الايطالي بأي تصريح لوسائل الإعلام، ولم تتسرب أي معلومات حول تواصل ادارة الفريق الانكليزي معه من عدمه، ما زاد من حجم الانشغالات والشكوك بشأن مستقبل النادي، رغم الإمكانيات البشرية والفنية الثرية التي يتوفر عليها، والتي تسمح له بالعودة الى الواجهة في أقرب وقت والمنافسة على لقب الدوري وحتى دوري الأبطال.
من جهته اسم زين الدين زيدان طرح بقوة لخلافة سولشاير، لكن الفرنسي غير متحمس لخوض التجربة الانكليزية، خاصة وأن أمنيته تبقى تدريب المنتخب الفرنسي بعد سنة من الآن عند انتهاء كأس العالم ورحيل ديدييه ديشان الذي ينتهي عقده في شهر ديسمبر/كانون الاول 2022، وهو الذي يعيش ضغوطات إعلامية وجماهيرية وقطرية من أجل الإشراف على نادي باريس سان جيرمان خلفا لبوتشيتينو، لكنه يفضل خوض تجربة تدريب منتخب فرنسا التي ستكون أهم وأكبر من تدريب أي ناد مهما كان، خاصة لما يحمله من رمزية كبيرة جدا لزيدان ولكل مزدوجي الجنسية في فرنسا، وما يحمله من دلالة لفرنسا السياسية المتنوعة والثرية التي تريد أن تثبت للعالم بأنها ليست بلدا عنصريا وقد تسمح لمدرب ذوي أصول جزائرية من الإشراف على المنتخب.
ادارة النادي الانكليزي وجدت نفسها في مأزق كبير أمام قناعتها بفشل سولشاير وضرورة إقالته في ظل غياب البديل، رغم ظهور معطيات جديدة في ميزان المستجدات تتحدث عن التحاق بوتشيتينو بالمان يونايتد بشرط التحاق زيدان أو كونتي بالبياسجي وهو الاحتمال الأصعب، لكنه يبقى واردا إذا ازدادت الضغوطات على بوتشيتينو الذي لم يعد يلقى الإجماع في باريس بعدما وجد صعوبة في ادارة فريق الأحلام ما يعقد من مأمورية التتويج بدوري الأبطال الذي تم انتدابه من أجله.
مهما كان الحال فإن مواجهة توتنهام ضد المان يونايتد السبت المقبل قد تكون الأخيرة لسولشاير إذا تعرض لخسارة جديدة، والطلاق المرتقب بين بوتشيتينو والبياسجي قد يحل مشكلة المان يونايتد إذا وافق زيدان أو كونتي على تعويضه في باريس.
حفيظ دراجي
القدس العربي 28 أكتوبر 2021