hafid derradji

“كأس عالم 2030 في الإمارات وإسرائيل”.. هل يمنح إنفانتينو ما لا يملك لمن لا يستحق؟

في تطور متسارع لعملية التطبيع السياسي تحت غطاء رياضي بين الإمارات والكيان الصهيوني، وقع اتحادا الكرة مساء الإثنين في دبي مذكرة تفاهم أشرف عليها جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي تجرأ واقترح تنظيم كأس العالم 2030 في الأراضي الفلسطينية المحتلة مناصفة مع بعض بلدان المنطقة المطبِّعة وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة حتى في الأوساط الشعبية الإماراتية التي اعتبرتها طعنة أخرى وخيانة للقضية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أراضيه المغتصبة من طرف كيان لقي تشجيعاً من طرف الكيانات العربية المطبعة برعاية أمريكية لم تكُن تتصور أن يصل الخذلان والمهانة والذل إلى هذا الحد من الانبطاح والخنوع الذي بلغ درجة الترحيب بالمشاركة في تنظيم المونديال مناصفة على أراضٍ مسلوبة وشعب مقهور بمشاركة عربية..

مكافأة إنفانتينو

رئيس فيفا جياني إنفانتينو لم يصدق، وأبدى بدوره تحمسه لأن يكون جزءاً من هذا الحدث التاريخي في يوم تاريخي لكرة القدم، “حيث الانتقال من الاتفاقات إلى الحقائق، ومن الأقوال إلى الأفعال” على حد قوله، خلال مشاركته في الحفل التهويدي الذي أقيم على أنقاض مقبرة “مأمن الله” الإسلامية في القدس الشريف بشكل مستفز لا يخدم عملية السلام التي تحجج بها المطبعون عند انبطاحهم، في وقت يستمر التهجير والقمع والعدوان على الشعب الفلسطيني الذي يجد نفسه محاصراً من الأصدقاء قبل الأعداء بهكذا خطوة تكرس الاحتلال وتضفي الشرعية على المحتل الذي يريد تنظيم مونديال على أراض مسروقة وملاعب ومرافق بُنيت على أراضٍ مملوكة للفلسطينيين، ويسعى إلى تحقيق غايات سياسية لم يكن يحلم بها، من خلال تنظيم مونديال يسمح له بتكريس الاحتلال وتطوير بنيته التحتية بأموال إماراتية وبحرينية، وبمساهمة من كل المطبعين الذين يشكلون بقرة حلوباً سيدفعون تكاليف التنظيم لا محالة بأوامر من جو بايدن هذه المرة.

جياني إنفانتينو أراد مكافأة المطبعين وتشجيع من لم يفعل بعد لكي يلتحق بالقافلة مقابل إشراكهم في تنظيم كأس العالم مع الكيان، فسقط في مربع الصهينة بعدما انحاز لأطروحتهم، وتحول إلى رجل سياسي يساهم بدوره في عملية الاستسلام وليس السلام، كما فعل بعض العرب، في انتهاك سافر لكل قوانين ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، أما الإمارات فتلقفت الهدية المسمومة تحت غطاء تنظيم كأس العالم مهما كان الشريك الذي يقاسمها حلماً يحمل غايات خبيثة قد تقود البحرين وربما مطبعين حاليين ومحتملين للانضمام إلى مبادرة رئيس فيفا التي لم تكن بريئة ولا عفوية بقدر ما كانت مستفزة لمشاعر المسلمين والعرب والشعب الفلسطيني تكريساً لمبدأ التطبيع المتسارع باسم الكرة أو تحت عناوين مختلفة تزيد من آلام ومعاناة شعبنا الفلسطيني الذي وجد نفسه محاصراً من كل الجهات.

الفلسطينيون رفضوا استقبال رئيس فيفا في الضفة الغربية احتجاجاً على مشاركته في افتتاح المتحف المقام على رفات أجدادهم وشهدائهم، وعبروا عن رفضهم لمقترحه بإقامة مونديال 2030 على الأراضي الفلسطينية المغتصبة، وراحوا يتساءلون لماذا في هذا الوقت ومع الإمارات بالضبط؟ فكان الجواب في مختلف وسائط التواصل الاجتماعي بأن البلدين يتقاسمان نفس السياسات والممارسات المعادية للمسلمين والفلسطينيين والعرب والخاضعة للهيمنة الأمريكية التي لم تخفِ مطلقاً تحيزها للاحتلال بكل الوسائل والطرق، وكانت وراء تطابع المطبعين نحو الانبطاح والتواطؤ ضد القضية الفلسطينية وشعبها الذي تصاعدت معاناته أكثر منذ تسارعت بعض الأنظمة إلى الارتماء في أحضان بلاد العم “ترامب” وأبناء العم الذين يريدون مزيداً من المكاسب قد تصل إلى المطالبة بأراضٍ أخرى وتنازلات إضافية.   

مونديال 2026

للعلم فإن مونديال 2026 سيكون في أمريكا الشمالية مناصفة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وتعتزم كل من إسبانيا والبرتغال تقديم ملف مشترك لاحتضان مونديال 2030، بالإضافة إلى ملف من المملكة المتحدة وأيرلندا، وآخر من الأرجنتين والأوروغواي والباراغواي وتشيلي، وهي البلدان التي تريد الاحتفال بالذكرى المئوية لكأس العالم التي أقيمت في الأوروغواي سنة 1930، وإذا تقدم الكيان مع الإمارات بترشحهما سنكون أمام اختطاف مع سبق الإصرار والترصد لحدث كروي تأسس يجمع ويوحد الشعوب، وأمام تصعيد خطير يتحول إثره السبعة ملايين فلسطيني الذي يعيشون في فلسطين إلى 70 مليوناً، سيقاومون الاستفزاز رفقة ملايين الشرفاء في العالم الذين يترقبون المستجدات ليتخذوا موقفاً، يتوقع أن يكون حازماً وقوياً ضد إنفانتينو وفيفا والكيان والإمارات وغيرها من الكيانات المطبعة التي تتحدى شعوبها قبل الشعب الفلسطيني العظيم.   

في المحصلة يبدو أن إنفانتينو اليوم يكرر مأساة حدثت قبل أكثر من مئة عام بوعد بلفور جديد في طابع رياضي، فهو يمنح ما لا يملك لمن لا يستحق، ويساهم في زيادة وتيرة التطبيع والاستيطان والتهجير، مقابل زيادة مشاعر التذمر في الأوساط الفلسطينية والعربية والإسلامية في وقت كانت الكرة دائماً وسيلة ترفيه تقرِّب بين الشعوب والأمم وليست وسيلة تكرِّس الظلم والعدوان على حق الشعوب في الحياة الكريمة على أراضيها.

للحديث بقية.. 

حفيظ دراجي

عربي بوست 17 أكتوبر 2021

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل