لأول مرة منذ سنوات طويلة يصنع الميركاتو الصيفي الحدث والجدل شكلا ومضمونا بطريقة مختلفة تماما عن فترات انتقالات سابقة، ليس من حيث المبالغ المالية التي تم إنفاقها، لكن من حيث الأسماء المعنية التي لم يكن يتوقعها الكثير من المتابعين، خاصة ما يتعلق بميسي ورونالدو، بعيدا عن كل الأرقام الفلكية المتداولة في سوق الانتقالات سابقا، ما عدا صفقات غريليش ولوكاكو وسانشو، في وقت استمرت الاثارة الى غاية الدقائق الأخيرة بشأن كيليان مبابي الذي عرض لأجله الريال أكثر من 200 مليون دون أن يحصل عليه بسبب إصرار البياسجي على الاحتفاظ به والتجديد له لاحقا، وهي مغامرة قد تكلفه غاليا إذا رفض اللاعب ذلك لأنه سيرحل حرا في نهاية الموسم، في وقت حدثت المفاجأة غير المتوقعة برحيل غريزمان عن البارسا الى أتلتيكو مدريد معارا، مقابل انتداب الدولي الهولندي لوك دي يونغ من اشبيلية.
فشل انتقال كيليان مبابي من باريس سان جيرمان الى الريال كان بمثابة الحدث في الساعات الأخيرة من الميركاتو بعد شد ومد، ومحاولات كبيرة لاقناع اللاعب بتجديد عقده مع الفريق الباريسي الذي رفض عروضا مالية كبيرة من الريال، على أمل أن يتمكن من اقناع نجمه بالتجديد قبل نهاية السنة أو حتى في نهاية الموسم حيث سيجد منافسة كبيرة من الريال وأندية أوروبية أخرى كبيرة ستدخل السباق من أجل الظفر بجوهرة كرة القدم العالمية الذي سيشكل برفقة ميسي ونيمار ثلاثي الأحلام من أجل تحقيق حلم دوري الأبطال للفريق الباريسي، المقبل على تحديات فنية واقتصادية واستثمارية كبيرة يغزو بها أسواق آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والصين وأستراليا، ويجني من خلالها أرباحا لم يكن يتصورها، رغم أن البعض يعتقد أن الفريق الباريسي خسر مبلغا كبيرا لأن مبابي قرر الرحيل وسيرحل حراً.
الحدث صنعه البياسجي هذا الصيف بالاحتفاظ بمبابي وانتداب ميسي وراموس ودوناروما وفينالدوم وحكيمي، وصنعه المان يونايتد بانتداب سانشو وفاران في البداية، ثم ختمها باستعادة رونالدو، بعدما كان قريبا من السيتي ما أثار موجة غضب كبيرة في أوساط المان يونايتد الذي لا تقبل في تقاليده انتقال أحد نجومها الى الجار السيتي، فدخل خط المفاوضات ليستعيد أحد صناع مجده في بداية الألفية في صفقة وصفت بأنها الأفضل منذ صفقة رونالدو الاولى عندما انتقل الى المانيو قادما من سبورتينغ لشبونة، وستقلب موازين الدوري الانكليزي وتجعل من المان يونايتد أحد أقوى المرشحين لازاحة السيتي عن عرشه، والمنافسة على دوري الأبطال برفقة تشلسي الذي ازداد قوة بعودة روميلو لوكاكو الى بيت بنيانه قوي أصلا بوجود جورجينيو وكانتي ومايسون ماونت وفيرنر وهافيرتز وحكيم زياش.
أما الريال والبارسا في إسبانيا، فإن نشاطهما كان محدودا هذه الصيف بسبب الأزمة المالية التي يعيشها البارسا الذي اضطر للاستغناء عن غريزمان وتخفيض راتبي جوردي ألبا وجيرارد بيكي، مقابل انتداب ديباي ودي يونغ، بينما كان كل تركيز الريال على مبابي بعدما انتدب المدافع النمساوي ديفيد ألابا لتعويض راموس وفاران، ما يجعل الفريقين في وضعية لا يحسدان عليها في صراعهما مع الأتلتيكو الذي حافظ على توازنه حتى بعد رحيل ساؤول نيغيز الى تشلسي، وفي صراعهما لأجل العودة الى الواجهة الأوروبية لخوض معارك دوري الأبطال بدون ميسي ومبابي، وتحت ضغوطات اعلامية وجماهيرية لا ترضى سوى بحصد الألقاب مهما كانت الظروف.
هكذا كان الميركاتو الذي صنعه رحيل ميسي وبقاء مبابي وعودة رونالدو الى المان يونايتد، وعودة غريزمان إلى الأتلتيكو، وميركاتو عودة عديد المدربين الى أندية ودوريات تألقوا فيها على غرار مورينيو الذي عاد إلى الدوري الإيطالي من بوابة روما بعد 10 سنوات منذ رحيله عن الانتر، وعودة أنشيلوتي الى الريال، وماسيميليانو أليغري إلى اليوفي، فهل سيكون موسم التأكيد لتشلسي وأتلتيكو مدريد والمان سيتي والانتر، أم موسم روما بقيادة مورينيو، والبياسجي والمان يونايتد بميسي ورونالدو؟
حفيظ دراجي
القدس العربي 2 سبتمبر 2021