يبدو أن انتقال ميسي الى البارسا وغريليش الى السيتي ولوكاكو نحو تشلسي، لن تكون سوى مقدمات لصفقات أخرى متوقعة في ميركاتو صيفي لم يكشف كل أسراره قبل أيام من اغلاقه، رغم الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الأندية الأوروبية والتي سمحت فقط للأغنياء بالإنفاق على غرار البياسجي والمان سيتي وتشلسي، وبنسبة أقل مانشستر يونايتد، لكن الكثير من الانتقالات الكبيرة المرتقبة تبقى مرتبطة بمصير مبابي في فرنسا وهاري كاين في انكلترا خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث تشير التوقعات الى رحيل الفرنسي نحو الريال، وايكاردي الى اليوفي لتعويض رونالدو الذي سيلتحق بالبياسجي، بينما سيؤدي التحاق هاري كاين بالسيتي إلى رحيل بعض لاعبي الفريق الى وجهات مختلفة خاصة غابرييل جيزوس وبرناردو سيلفا ومحرز ورحيم.
في باريس، بلغ الجنون درجة الحديث عن تشكيل فريق الأحلام بالتحاق رونالدو بالفريق إذا لم يتمكن من الاحتفاظ بنجمه مبابي الذي كان ولا يزال يتمنى الرحيل الى الريال هذه الأيام، في وقت يصر فريقه على تجديد عقده قبل نهاية الشهر حتى لا يرحل حرا الصيف المقبل إذا لم يجدد هذه الأيام، لذلك بقيت كل السيناريوهات واردة، بما في ذلك تلك التوقعات المجنونة التي تقول بأن البياسجي سيجمع بين ميسي ونيمار ورونالدو الذي خرج عن صمته البارحة منتقدا الطريقة التافهة التي يتم بها الحديث عن مستقبله، مؤكدا أن قصته مع الريال صارت من الماضي، انتهت منذ سنوات بعدما كتب فيها صفحات جميلة بالحروف والأرقام في السجلات والعناوين وفي متحف البرنابيو وأذهان كل المشجعين الذين يحملونه في قلوبهم، كما قال تعليقا على كل الأخبار التي ربطت اسمه ببعض الأندية ويرفض السماح لها بالاستمرار باللعب باسمه في وقت يسعى فيه للتركيز على مسيرته وعمله في فريقه، كما قال، رغم متاعبه مع المدرب الجديد القديم ماسيميليانو أليغري.
في انكلترا، التحاق هاري كاين بجاك غريليش في السيتي سيحدث زلزالا كبيرا في نهاية هذا الميركاتو، يوحي بتغييرات كثيرة تترقبها الأندية، لأن انضمام الثنائي الى كتيبة غوارديولا سيؤدي الى تحريك سوق الانتقالات في آخر أيامه بمغادرة برناردو سيلفا ورحيم ستيرلنغ أو رياض محرز وغابرييل جيزوس إلى وجهات أخرى، اضافة الى فيران توريس الذي يريده توتنهام مع المبلغ المالي المطلوب لإتمام صفقة كاين التي سيصل صداها إلى أندية من خارج إنكلترا تسعى للاستفادة من تداعيات انضمام الثنائي الدولي الى المان سيتي، وأخرى لا تزال تسعى للاستفادة من عودة روميلو لوكاكو إلى تشلسي الذي صار يملك فائضا في اللاعبين المتميزين، وربما يكون بحاجة الى بيع بعضهم لتجنب اختراق قواعد اللعب النظيف التي يفرضها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب سيكون ساخنا، خاصة في ظل اصرار مبابي على الرحيل، واستعداد الريال لدفع أكثر من 120 مليون يورو، في وقت يصر البياسجي على التجديد لنجمه، واذا لم يقدر سيضطر لبيعه وتوجيه اهتمامه نحو رونالدو الذي تراوده فكرة الرحيل منذ عودة ماسيميليانو أليغري لقيادته، والذي لا يمانع رحيل رونالدو مقابل استقدام ماورو إيكاردي، لكن مصير رونالدو ليس بيده، لا يملك خيارات عدة، ولم يعد في موقع قوة مثل مبابي وهاري كاين اللذين سيحددان مصير الكثير من اللاعبين في حالة رحيلهما، ليدخل الجميع في حالة ترقب وشيك لا تخضع لمعايير فنية فقط، ولا حتى لمعايير مادية بحتة، بل لمعطيات أخرى صارت جزءا مهما في سوق يتسوق فيه ثلاثة أندية، لأجل اقتناء ثلاثة لاعبين، وتتسول فيه باقي الأندية للاستفادة من بقايا اللاعبين.
برحيل ميسي عن البارسا وانضمامه للبياسجي، وعودة لوكاكو الى تشلسي، والتحاق غريليش، وربما هاري كاين بالمان سيتي، ومبابي بالريال، ورونالدو بالبياسجي، وما يتبعها من تداعيات على عديد النجوم، سيكون ميركاتو هذا العام الأكثر اثارة وغرابة منذ سنوات ليس بسبب القيمة السوقية للاعبين وحجم الأموال المتداولة، لكن من حيث الشكل الذي صارت تتم به الانتقالات التي تعددت فيها الصفقات من دون مقابل بسبب نهاية عقود اللاعبين بدون تجديدها، على غرار دوناروما وراموس وميسي وفينالدوم الذين رحلوا أحراراً، فهل سيتكرر نفس السيناريو مع مبابي مثلا ويستكمل عقده، ثم يرحل حرا في نهاية الموسم المقبل ويخسر البياسجي مصدر دخل مهم لا يقل عن 150 مليون يورو في لاعب كلفه أكثر بقليل عند استقدامه من موناكو سنة 2017؟
حفيظ دراجي
القدس العربي 19 أغسطس 2021