في 22 فبراير 2019 بدأ حراك الفكرة والرسالة، تحول إلى انتفاضة و هبة، ثم ثورة سلمية ، صنعها الشعب (كل الشعب)، الذي خرج من أجل تغيير النظام وترحيل ومحاسبة رموزه (بالقانون)، ثم توجه نحو المطالبة باستعادة سيادته في الاختيار الحر وبناء دولته الوطنية على أسس ديمقراطية.
في 22 فبراير 2019 خرج الشعب يحمل شعارات وطنية تكرس قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية، بعيدا عن كل نزعة جهوية أو فئوية أو ايديولوجية سواء كانت يمينية أو يسارية ، لكن مع الوقت ظهرت شعارات أخرى عدوانية متطرفة توزع شهادات الوطنية على الناس وتلقي تهم الخيانة والعمالة على كل من يختلف معها أو من يدعو الى تحكيم العقل وفتح المجال أمام النخبة والساسة للانتقال الى مرحلة أخرى في مسار الثورة الشعبية.
حراك 22 فبراير 2019 لم يخرج ضد الأشخاص أو المؤسسات ، بل ضد الممارسات و السياسات ، لم يسب ويشتم ، لم يتهكم على الناس، ولم يهين حتى الرئيس بوتفليقة الذي كان نظامه سببا في كل المآسي، لذلك يجب أن يعود حراك شعبنا إلى أصوله ومبادئه ، يستعيد سلميته وكل قيمه، ليكون عامل وحدة وليس تفرقة، ليشكل قوة ولا يتحول إلى خطر، يبني ولا يهدم، يحب ولا يكره، يتسامح ولا يحقد ولا ينتقم ولا يصفي حساباته مع أحد.
مطالب الشعب لم تتحقق كلها، ولن تتحقق بهذا الشكل ، والسلطة لن تستجيب للمطالب المشروعة التي ضاعت وسط اللغط، لذلك حان الوقت لكي يعود ذلك الحراك الذي أذهل العالم الى مساره من خلال عودته الى أحضان شعبه، حتى لا يتحول إلى ذريعة تستغلها السلطة للاستمرار في تنفيذ أجندتها.
قبل ترحيل النظام يجب إنقاذ الحراك و تحضير البديل..
تغيير النظام لن يحدث بالصراخ والعويل والسب والشتم والتخوين..
بناء الدولة المدنية الحديثة لن يتم بالحقد والكراهية والإقصاء، ولن يتم بالقمع والتضييق من طرف السلطة..
لا يمكن للحراك أن يكون بديلا للنظام أو للسلطة ..
الحراك يجب أن يكتفي بدوره في الضغط وتهيئة ظروف التغيير التي تصنعها النخبة بكل أطيافها..
ثورة بدون عقل مصيرها الفشل حتى وان كان النظام مستبد وفاشل لأنه يستمد قوته من ضعفنا وتشتتنا وتطرفنا.
على الحراك أن يحافظ على سلميته مهما حدث، وعلى السلطة أن تحمي سلمية الحراك مهما بلغت محاولات استدراجه الى العنف من أي طرف كان .
حفيظ دراجي
30 أبريل 2019