hafid derradji

هل استقال جمال بلماضي فعلاً من تدريب الخضر؟

عشية تنصيب الرئيس الجديد للاتحاد الجزائري، المعيَّن من طرف السلطات العمومية في سيناريو مكرر لسابقه الذي عيَّنته السلطة سنة 2017، وتخلت عنه في 2021 عندما منعته من الترشح لولاية ثانية، تداولت بعض المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي خبر استقالة مدرب المنتخب الجزائري، جمال بلماضي، أياماً قبل الجمعية العامة الانتخابية، خاصة بعد البيان الذي نشره الرجل في موقع الاتحاد الجزائري قبل أيام، والذي تبرأ فيه من كل الشبهات حول دعمه للرئيس الجديد المُنَصَّب الخميس الماضي أو أي مرشح آخر، وندد فيه بالظروف السيئة التي جرى فيها تربُّص المنتخب الجزائري الأخير قبل مواجهة بوتسوانا في الجولة الأخيرة من تصفيات كأس أمم إفريقيا المقررة بالكاميرون؛ مما يطرح عديداً من التساؤلات وعلامات الاستفهام في الأوساط الإعلامية والجماهيرية، حول صحة التسريبات وتداعياتها.

معلومات غير مؤكدة تحدثت عن استقالة جمال بلماضي التي ربما أرسلها إلى الأمين العام للاتحاد الجزائري، وأخبار أخرى تحدثت عن اتصالات جرت بين رئيس الاتحاد الأسبق والمدرب، طالبه فيها بالتراجع عن استقالته، أو على الأقل انتظار تنصيب الرئيس الجديد للاتحاد الجزائري، السيد شرف الدين عمارة، الذي تمت تزكيته الخميس الماضي، رئيساً جديداً دون منافس، ودون أن يستوفي كل شروط الترشح، على حد تعبير رئيس لجنة الترشيحات الذي أقر بذلك لوسائل الإعلام، وتوقع بنفسه تدخُّل الفيفا لرفض نتائج الانتخابات، مما يزيد من حجم التخوف والتذمر في الأوساط الكروية، وينذر بأوضاع مشحونة قبل انطلاق تصفيات كأس العالم في بداية يونيو/حزيران المقبل، وهو الأمر الذي يثير بدوره مخاوف جمال بلماضي، وربما دفعه إلى استباق الأحداث .

أجواء مشحونة

المُتتبعون للشأن الكروي الجزائري يتخوفون من تدخل الفيفا والطعن في شرعية الجمعية العمومية الانتخابية (الفلكلورية)، التي جرت قبل تعديل اللوائح والقوانين وأسفرت عن تنصيب رئيس لا تتوافر فيه الشروط، يعتبر دخيلاً على الأسرة الكروية الجزائرية، وسيكون رهينة بين أيدي مكتب فيدرالي مشكَّل من غالبية أعضاء الرئيس السابق الذي ذهب ضحية محيطه الذي أقحمه في صراعات هامشية مع الفاعلين وتسبب في كثير من المهازل في التسيير، لكنه بقي صامداً ورحل خير الدين زطشي ليعوَّض برجل لا يعرف الخبايا والتوازنات، ولا يملك المقومات التي تسمح له بمواجهة الرهانات والتحديات الخارجية على مستوى الهيئات الكروية الدولية، وقد يقع رهينة جماعات مصالح، مما سيتسبب في تداعيات لا يريد الشارع الجزائري أن تنعكس سلباً على المنتخب الجزائري في مواعيده المقبلة.    

رغم الظروف المشحونة، فإنه لا أحد في الجزائر يصدّق أو يتقبل استقالة جمال بلماضي، خاصةً أن لا شيء كان ينذر بذلك، في ظل الدعم الذي يلقاه المدرب من كل الفاعلين بالأسرة الكروية سواء على مستوى الاتحاد أو السلطات، ولا حتى وسائل الإعلام والجماهير الكروية، كما أنه كان دائماً يرفض الزج باسمه في الصراعات الدائرة بين المكتب السابق ومعارضيه الذين لم يغفروا له تنصيبه بالقوة من طرف السلطة، وارتكابه أخطاء عديدة في التسيير والتقدير رغم تتويج الجزائر في عهده بلقب كأس أمم إفريقيا، والذي يعيده كثير من الملاحظين إلى المدرب جمال بلماضي ولاعبيه الذين تعرضوا لكل أشكال التخوين والتشكيك في وطنيتهم والتزامهم قبل مجيء بلماضي، الذي تمكن من بعث روح جديدة في نفوسهم، وصناعة هوية لعب خاصة بهم، وتحفيزهم بشكل لم يسبقه مثيل.

الرئيس الجديد، (المعيَّن) على رأس الاتحاد الجزائري، الخميس الماضي، عبَّر عن دعمه للمدرب جمال بلماضي ونيته التواصل معه في القريب العاجل؛ لمعرفة حقيقة التسريبات، لأنه في حالة تأكُّد نية بلماضي في الرحيل سيكون المكتب الجديد أمام أول امتحان عسير، يصعب تجاوزه بسهولة، وينعكس سلباً على المنتخب الأول الذي تمكَّن بلماضي في ظرف وجيز، من حمايته من كل التأثيرات الخارجية، قبل أن يعلن رسمياً أنه هو من تأثر بالأجواء التي سبقت الجمعية العامة الانتخابية، وأنه لم يعد قادراً على الاستمرار وسط هذه الأجواء، في سيناريو غير متوقع تماماً.

مسقبل بلماضي الغامض 

جمال بلماضي لم يتحدث مجدداً منذ البيان الذي أصدره الأسبوع الماضي، ولا أحد يدري ما إذا كانت سحابة الغضب قد مرت بسلام، مما زاد من حجم الحيرة والقلق في الأوساط الكروية التي أبدت تخوُّفها على مشروع جمال بلماضي مع المنتخب، في وقت ترى بعض الأطراف المتفائلة بأن الرجل لن يفرط بسهولة في المنتخب الذي صنعه، ولا في السمعة التي بلغها محلياً وعالمياً، ولن يغامر بتضييع الفرصة المواتية للتأهل إلى مونديال قطر الذي يشكل تحدياً شخصياً له، وفرصة قد لا تتاح له بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم وقيادة منتخب بحجم الجزائر منحه بدوره اسماً في عالم التدريب وسمعة عالمية كبيرة قد لا يمنحها له تدريب أي نادٍ أو منتخب آخر، كما أن الرجل يدرك قساوة ردود فعل جماهير الكرة في الجزائر إذا قرر الرحيل دون سبب واضح، وحتى قبل أن يباشر الرئيس الجديد مهامه. 

الأيام وحدها كفيلة بإظهار الخيط الأبيض من الأسود فيما يتعلق بمستقبل بلماضي مع الخضر، ومستقبل الرئيس الجديد على رأس الاتحاد، والذي سيكون من الصعب عليه التخلص من الصفة والطريقة التي جاء بها كمرشح لسلطة نصَّبت خير الدين سنة 2017،  ثم رحَّلته وعيَّنت شرف الدين بعده دون أن تأخذ بعين الاعتبار كل التوازنات الداخلية والتهديدات الخارجية المتمثلة في الفيفا، التي قد تنسف كل شيء في غمضة عين وتقرر إلغاء نتائج الانتخابات وتعيين لجنة تسيير مؤقتة، مهمتها إعادة تكييف القوانين وتنظيم جمعية عامة انتخابية أخرى بعد ثلاثة أشهر من الآن.  

حفيظ دراجي

عرب بوست 20 أبريل 2021

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل