الكل في الجزائر يجمع على أن النظام فشل في بناء الدولة لأنه لم يحمل يوما مشروع مجتمع توافقي ، نفس المصير سيعرفه حراك شعبنا اذا لم يتجسد في مشروع سياسي توافقي، واذا لم يحمل هذا المشروع ثورة فكرية وأخلاقية وتربوية وعلمية وتكنولوجية، بعيدا عن كل أشكال الديماغوجية والشعبوية حراك الجزائريين فيه شعب صادق يحب وطنه ، فيه نخبة متمكنة صامدة في وجه التضييق والتخوين ، ما يمنحنا فرصة لا تعوض لاحداث التغيير، تغيير لن يتجسد اذا استمر الحال على ما هو عليه من عناد و انسداد واحتقان، تتسبب فيه سلطة متسلطة من جهة، وجهلة ومتطرفين ومحرضين في الجهة الأخرى يحملون حقدا على البلد ، يمارسون التضليل والتحريض والتخوين ، لا يفرقون بين الوطن والنظام، يعتقدون بأن الصراخ والسب في وسائط التواصل سيجسد مطالب الحراك ويبني الدولة المدنية والوطنية التي نحلم بها.
لقد حان الوقت لكي نحتكم الى لغة العقول قبل القلوب لحماية الوطن والحراك معا، حان الوقت لكي ندفع الى الواجهة نخبتنا لتعيد صياغة مطالب الشعب وتواجه سلطة الأمر الواقع من أجل اعادة صياغة ورقة طريق تكتمل باعادة الكلمة للشعب في ظروف سياسية أحسن ، بعيدا عن الشعبوية والصراعات الايديولوجية التي ركبت على ظهر حراك شعبي نقي ، يطالب بالحرية والديموقراطية والعدالة واقامة دولة القانون، وليس دولة الكرتون التي تطالب علنا بتسليم السلطة لعصابة جديدة حاقدة ومنتقمة، تقمع حرية الرأي والتعبير وتمارس التهديد والتخوين ضد كل من يختلف معها.
الحراك ليس مجرد معركة تنتهي بتغيير النظام ، بل هو فكر وسلوك لا يجب أن يتوقف، يجب أن يستمر الى الأبد (مرافقا ومراقبا) لكل التحولات التي نحلم بها حتى لا يتم اختطافها . الحراك ملك للشعب بكل مكوناته وليس لفئة أو جهة تستأثر به وتستعمله كسجل تجاري، لذلك على الشعب أن يستعيد حراكه الشعبي الوطني السلمي، ولا يرضى بتغيير سلاطين بمتسلطين جدد أخطر بكثير من نظام متهالك فاشل.
حفيظ دراجي
2 أبريل 2021