لا يزال الحوار الذي أجراه مهاجم ليفربول المصري محمد صلاح مع صحيفة (آس) الإسبانية يثير ردود الأفعال في الأوساط الكروية الإنجليزية والعالمية، خاصة بفتحه الباب أمام إمكانية انتقاله للعب في الدوري الإسباني مع ريال مدريد أو برشلونة. وهو الأمر الذي فتح المجال أيضاً لعديد من التساؤلات والتكهنات بشأن مستقبل صلاح حتى قبل نهاية عقده في صيف 2023 رغم تألقه وتميزه مع فريقه ليفربول وثقة مدربه فيه. في الجهة المقابلة، كثر الحديث في الأوساط الإعلامية والجماهيرية حول صمت رياض محرز ومصيره في مانشستر سيتي، ومدى إمكانية رحيله قبل انتهاء عقده في نفس موعد انتهاء عقد صلاح، وذلك بسبب مشاركاته القليلة هذا الموسم رغم تألقه كلما دخل أساسياً أو احتياطياً، مما أثر على معنوياته ومردوده.
كلا اللاعبين يربطهما عقود مع مانشستر سيتي وليفربول إلى غاية صيف 2023 لذلك يبدو الحديث، نظرياً، عن رحيلهما قبل صيف 2022 سابقاً لأوانه. إلا إذا أراد الناديان الاستغناء عنهما طواعية للاستفادة من المردود المالي واستقدام لاعبين جدد. لذلك لم يصرح علناً رياض محرز برغبته في المغادرة التزاماً ببنود عقده التي تمنعه من ذلك، وتمنع عنه التواصل مع أي فريق يريده رغم حاجته إلى تغيير الأجواء في الظروف التي يمر بها. بينما أخطأ محمد صلاح في نظر المتابعين عندما تحدث عن طموحاته في اللعب في الدوري الإسباني حتى ولو لم يعلن صراحة عن رغبته في الرحيل عن فريق يعيش معه أجمل سنوات مشواره الكروي، ويحلم باللعب فيه أي لاعب، إذ توج معه بدوري أبطال أوروبا والدوري المحلي وبألقاب فردية لم يكن يحلم بها قبل الانتقال إلى ليفربول.
رحيل صلاح
المفارقة تبدو غريبة بين لاعب ينشط في أفضل فريق في العالم مع أفضل مدرب، ويلعب أساسياً كل أسبوع ويعلن أنه يحلم باللعب في الريال والبارسا. وبين لاعب آخر لا يلعب كثيراً، راح ضحية التغييرات الأسبوعية التي ينتهجها غوارديولا، والمنافسة القوية التي يجدها في فريقه الذي يزخر بعدد كبير من اللاعبين المتميزين في نفس منصبه، ومع ذلك لم يعلن عن تذمره ولا عن رغبته في الرحيل لأنه لا يملك سلطة القرار، ولا يمكنه إبداء رغبة في الرحيل تجنباً لعقوبات مالية، تفاداها صلاح لأنه تحدث عن أمنيات وليس عن رغبات. لكن ذلك لم يمنع مدربه يورغن كلوب من التعليق على تصريحات لاعبه قائلاً بأن “ليفربول فريق عظيم بجماهير عظيمة، يملك ملعباً مثيراً يحلم باللعب فيه أي لاعب، يمنح أموالاً كثيرة للاعبيه، وهو أكبر من أي لاعب أو مدرب، لذلك لن يمنع أي لاعب من المغادرة”. في إشارة إلى محمد صلاح أو غيره.
قرار رحيل صلاح من عدمه ليس في يد اللاعب بقدر ما هو بحوزة المدرب يورغن كلوب الذي لن يتخلى عن نجمه إلا إذا وجد البديل رغم استقدام البرتغالي المتميز جوتا وإمكانية التحاق جايدن سانشو مهاجم دورتموند الصيف القادم. خاصة أن بعض الملاحظين ذهبوا إلى الاعتقاد بأن محمد صلاح لم يعُد مرتاحاً في ليفربول رغم ثقة مدربه فيه، بينما فسر البعض الآخر تصريحاته بالغرور الذي بدأ يسكنه وجعله يعتقد بأنه بحاجة إلى خوض تجربة جديدة تليق بمقامه الذي صار أكبر من ليفربول وحان وقت الانتقال إلى الدوري الإسباني واللعب في البرسا أو الريال. فيما يعتقد البعض الآخر بأن صلاح يريد مساومة فريقه لزيادة راتبه في مفاوضات تجديد عقده إلى غاية 2025، المرتقبة نهاية هذا الموسم لتفوق المليون جنيه إسترليني في الشهر.
هل يرحل محرز؟
أما رياض محرز فإن حاجته إلى تغيير الأجواء صارت أكثر من ضرورية خاصة أن فرقاً عديدة تريده لكنها لم تبدِ علناً أية رغبة في ذلك التزاماً بالقواعد والقوانين المعمول بها، لكن الحصار الفني الذي صار مفروضاً عليه من طرف زملائه داخل المجموعة يفرض عليه الحديث إلى مدربه على الأقل ومطالبته بوضعه ضمن قائمة المغادرين بحثاً عن متنفس جديد يسمح له باستعادة ثقته وتفجير طاقاته في فريق آخر، وعندها سيجد العروض المناسبة من فرق إنجليزية وأوروبية.
الوضع المختلف لمحرز وصلاح يفرض سيناريو متبايناً، يقتضي من صلاح التركيز مع فريقه ومواصلة اللعب معه إلى غاية انتهاء عقده، لأنه لن يجد أفضل من يورغن كلوب وليفربول الذي صار فيه عنصراً مهماً في منظومة اللعب، ويفرض على رياض محرز مزيداً من الصبر والجهد لمواجهة المنافسة القوية على المناصب حتى صائفة 2022 التي يحق له فيها دراسة العروض التي تصله والانتقال إلى فريق يسمح له بالاستمتاع وإمتاع عشاقه بمهاراته التي لا يشكك فيها أحد، بما في ذلك غوارديولا الذي يرفض الاستغناء عنه، ويقول بأن محرز باقٍ في السيتي ما دمتُ على رأس الفريق.
الضغوطات الإعلامية والجماهيرية قد تكون لها تأثيرات على كلوب وغوارديولا، وعلى صلاح ومحرز، فيتغير السيناريو في أي لحظة، ويرحل النجمان أو أحدهما إلى وجهة أخرى، لكن الأكيد أن المصير بيد ليفربول والسيتي مهما كانت الظروف والرغبات والأمنيات.
حفيظ دراجي
عرب بوست 10 يناير 2021
حفيظ دراجي
