مصائب البارسا تتوالى وتتضاعف مع بداية الموسم في ظل التراجع الفني الرهيب في النتائج وتفاقم الديون التي ستقود الى إفلاس مالي مرتقب مع بداية السنة الجديدة حيث يحتل الفريق وسط ترتيب الدوري الاسباني ويتخبط في ديون تفاقمت مع وباء كوفيد-19 لتبلغ 488 مليون يورو بسبب سوء التسيير الإداري والمالي، خاصة منذ رحيل نيمار سنة 2017 الذي أنعش الخزينة بمبلغ 220 مليون يورو تم إنفاقها في صفقتين فاشلتين من أجل اقتناء عثمان ديمبيلي وفيليب كوتينيو، ثم بعدهما أنطوان غريزمان، وهو الثلاثي الذي كان مكلفا ماديا وغير مجد فنيا حيث تفاقمت ديون النادي، وتراجع مردود الفريق ونتائجه، ما دفع بميسي الى الإعلان عن رحيله بمجرد نهاية عقده الصيف المقبل، وهو الأمر الذي عقد من وضعية الفريق وجعله عرضة للانهيار.
وسائل الاعلام الاسبانية المختصة في شؤون المال والاقتصاد راحت ترصد بالأرقام كل الأخطاء الادارية والفنية المرتكبة منذ رحيل نيمار الى باريس سان جيرمان الذي تمكن من دفع الشرط الجزائي، ما دفع إدارة النادي إلى رفع قيمة الشرط الجزائي لرحيل ميسي الى أكثر من 700 مليون يورو، وبالتالي زيادة راتبه ومرتبات اللاعبين الآخرين بما يعادل 200 مليون يورو سنة 2018، قبل أن تتراجع المداخيل بسبب أزمة كورونا ويدخل الفريق في مديونية كبيرة يصعب تسديدها في الوقت الراهن، رغم قرار تقليص رواتب اللاعبين الذي أثر على معنوياتهم ومردودهم وأدى الى انخفاض قيمتهم في السوق على غرار كوتينيو وغريزمان وديمبيلي، الذين لن يجني النادي من مداخيل بيعهم ما يكفي لتسديد الديون المتراكمة.
الصحف الرياضية من جهتها، فتحت المجال للتحليلات الفنية الحالية والمستقبلية خاصة، حيث أجمعت على أن الفريق لن يكون بمقدوره المنافسة على الألقاب خلال السنوات الأربع المقبلة، وسيصعب عليه التواجد ضمن الفرق الأربعة الأولى المتأهلة لدوري الأبطال هذا الموسم، خاصة اذا رحل ميسي الشهر المقبل، حينها سيجد برشلونة نفسه مجرد فريق عادي يقوده غريزمان، ويشرف عليه كومان كمدرب في ظروف صعبة بدون صانع لعب ولا هداف ولا حتى قائد فوق الميدان، في مواجهة منافسين أقوياء وجماهير ساخطة واعلام كتالوني لا يشفق وهو المتعود على الألقاب والبطولات، ولن يرضى عنها بديلا مهما كانت الظروف والأسباب.
رونالد كومان لم يجد الحلول الفنية في ظل تراجع مردود ميسي والإصابات التي تعرض لها فاتي وبيكي وديمبيلي، وتراجع مستوى غريزمان وبوسكيتس وكليمون لانغليه، ولم يجد الحلول التكتيكية ولا التحفيزات المعنوية للاعبيه رغم محاولاته التي اصطدمت بظروف نفسية سيئة جدا وأوضاع ملغومة ازدادت تعقيدا منذ استقالة الرئيس ماريا بارتوميو وغياب السند الإداري الذي يرافق المدرب في سوق الانتقالات الشتوية المقبلة ويستجيب لحاجياته الفنية في الميركاتو ويبدأ التفاوض مع ميسي قبل فوات الأوان رغم التسريبات التي تتحدث عن لقاءات متكررة هذه الأيام بين ميسي ولابورتا مرشح الرئاسة القوي.
المشكلة الكبيرة للرئيس المقبل للبارسا ستكون إيجاد الموارد المالية لتسيير الفريق وإقناع ميسي بتجديد عقده وما يقتضيه أيضا من مصاريف اضافية لا يقدر عليها الفريق، الا اذا تمكن من بيعه هذه الأيام قبل أن يصبح لاعبا حرا ينتقل إلى أي ناد بدون مقابل الصيف المقبل، بكل ما يعنيه خروج ميسي من برشلونة وما يخلفه من تراجع في الأداء الفني وفي المداخيل بكل تفاصيلها، الا اذا تمكن الفريق من استقطاب مستثمرين جدد يشترون أسهم النادي الذي سيفقد هويته اذا تحول الى ملكية أمريكية أو صينية أو حتى عربية، وهو الأمر الذي سيكون من الصعب تقبله في الأوساط الإعلامية والجماهيرية التي تعتبر برشلونة أكثر من مجرد نادي كرة القدم، بل رمز من رموز الهوية، ووسيلة إثبات الذات في المنظومة الاجتماعية الاسبانية.
ميسي الذي كان جزءا من المشكلة عندما أبدى رغبته في الرحيل الصيف الماضي، قد يكون جزءا من الحل اذا وافق على تجديد عقده حبا في النادي وليس استجابة لمطالبه المالية، لأن النادي لم يعد قادرا حتى على دفع مرتبات لاعبيه الحاليين الذين لن يتقاضوا رواتب شهر يناير المقبل بسبب الأزمة التي تتخبط فيها مؤسسة برشلونة الفاشلة، والتي لن ينقذها ميسي لوحده حتى لو قرر الاستمرار مع البارسا بدون موارد مالية جديدة ونفس جديد برئيس جديد ومدرب جديد ولاعبين جدد لن يقلوا شأنا عن نيمار وايرلنغ هالاند مثلا لإنقاذ الفريق من الإفلاس الفني قبل المادي.
حفيظ دراجي
القدس العربي 25 ديسمبر 2020