كل الأنظار كانت معلقة أمس نحو اجتماع والد ميسي مع جوسيب ماريا بارتوميو رئيس النادي الكتالوني في الوقت الذي يغيب فيه ميسي لليوم الثالث عن تدريبات الفريق، ويصر على الرحيل بطريقة ودية في ظل الرفض الشديد من رئيس النادي لرحيل الاسطورة في عهدته حتى ولو كلفه ذلك الانسحاب كحل أخير اذا لم يتمكن ميسي أو الفريق الذي يريده من دفع قيمة الشرط الجزائي المقدر بـ700 مليون يورو، خاصة بعد انحياز الرابطة الإسبانية المحترفة لادارة النادي عندما أعلنت في بيان لها أن عقد ميسي لايزال ساريا ولا يمكن فسخه بدون المقابل المحدد في العقد الذي يمتد الى يونيو 2021، ما يعقد من المفاوضات التي سيكون فيها من الصعب التوصل إلى حل يرضيهما بسبب تمسك كل طرف بمطلبه، حيث صرح والد ميسي قبل الاجتماع بأنه من الصعب على ميسي الاستمرار، بينما اعتبر رئيس البارسا بأنه من الصعب التفريط في ميسي.
في هذه الأثناء لا تزال عيون وقلوب عشاق ميسي والبارسا معلقتان نحو برشلونة لمعرفة مصير قصة الحب في ظل الإصرار المتبادل على الطلاق أو التمديد، لأن الرحيل بدون مقابل أو إنهاء الموسم المتبقي بدون تجديد العقد لا يخدم إدارة البارسا، التي لا يخدمها أيضا استمرار اللاعب بدون رغبته لموسم واحد وتضيع فرصة الاستفادة ماديا من انتقاله الحر نهاية الموسم المقبل، لذلك أبدت الادارة استعدادها للتضحية بالرئيس من أجل عيون ميسي واستمراره، وتراجعت عن معاقبته بسبب غيابه عن التدريبات لليوم الثالث على التوالي، تحت ضغط جماهيري كبير تحول الى كابوس يؤرق الجميع، لأن الأمر يتعلق بلاعب ليس ككل اللاعبين، لا يمكن تصور مستقبل النادي من دونه بعد عقدين من الزمن قضاها اللاعب بين جدران أحد أكبر الأندية في العالم، كتب فيها أجمل صفحات تاريخه.
ميسي من جهته، يواصل عناده وإصراره لأنه لم يعد سعيدا مع فريق العمر الذي ينهار كل موسم، وهو الأمر الذي نقله والده في محادثاته مع رئيس النادي بعدما عبر عن صعوبة استمرار ميسي مع ناديه لأسباب نفسية ومعنوية لا علاقة لها بالأمور المالية، رغم استعداد البارسا لتجديد عقد لاعبها لموسمين آخرين مقابل 100 مليون يورو راتبا سنويا. الجولة الأولى من المحادثات التي تجري اليوم لن تفضي الى توافق بسبب تمسك كل طرف بموقفه في انتظار عودة الوالد الى ابنه وعودة رئيس النادي الى مجلس ادارة النادي لدراسة المقترحات والمطالب المتبادلة على أمل التخلص من أكبر أزمة في تاريخ النادي الكتالوني التي لن يحلها لقاء واحد.
في الجهة المقابلة، فضلت الأندية المهتمة بالنجم الأرجنتيني التريث والترقب رغم التسريبات التي تحدثت عن عرض السيتي لعقد يدوم ستة مواسم، بينها ثلاثة مع نيويورك سيتي الذي ينتمي لنفس المجموعة المالكة للنادي، مقابل الاستغناء عن بيرناردو سيلفا وغابرييل جيسوس وايريك غارسيا ودفع مبلغ 100 مليون يورو للتهرب من الوقوع في فخ اختراق مبدأ اللعب النظيف الذي كاد يكلف النادي الحرمان من المشاركة الأوروبية لمدة موسمين، وهو نفس الأمر الذي يتخوف منه نادي باريس سان جيرمان الذي لا يمكنه بالمقابل الاستغناء عن نيمار وامبابي مقابل ميسي، لكن بامكانه التخلي عن دي ماريا وايكاردي وحتى فيراتي في سبيل التعاقد مع ميسي الذي سينقل الفريق والدوري الفرنسي الى عالم آخر، لأن ميسي هو لاعب قادم من كوكب آخر.
في وقت يعتبر والد ميسي أن استمرار نجله مع البارسا صعبا، يعتقد البعض أن ميسي سيرحل، ولا يزال البعض الأخر يتمنى ويتوقع استمرار ميسي مع فريق العمر وتجديد عقده لموسمين أخرين قبل الوصول الى نهاية جميلة لأجمل حكاية بين الطرفين، خاصة وأن البارسا لم يجهز نفسه لما بعد ميسي ويريد تجاوز المرحلة الصعبة التي يمر بها، كما أن ميسي لا يرضى لنفسه الخروج من الباب الضيق، وعشاقه لا يتصورون فريقهم من دون نجمه الذي صار عنوانا لقصة حب جميلة يتداولها الصغير والكبير، و ترويها الأجيال المتعاقبة لاحقا.
بين التجديد أو دفع الشرط الجزائي تبقى الأمور معلقة على المفاوضات التي يعتبرها الطرف الكتالوني مجرد محادثات، لكنها قد تصل إلى أروقة القضاء أو هيئة الفيفا للفصل فيها، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة للنادي الكتالوني والدوري الاسباني من كل الجوانب الفنية والمالية، وتكون لها تداعيات خارج حدود كتالونيا واسبانيا، لتصل انكلترا وايطاليا وفرنسا وكل عشاق ميسي الذين يتابعون المسلسل في كل أنحاء العالم، لكنني ما زلت على يقين بأن ميسي سيستمر مع البارسا وقصة الحب لن تنتهي بهذا الشكل البائس والتعيس، لأن البطل عادة لا يموت في سيناريوهات الأفلام والمسلسلات.
حفيظ دراجي
القدس العربي 3 سبتمبر 2020