hafid derradji

لماذا يدفع المدرب الثمن لوحده؟

إقالة ماوريسيو ساري من تدريب اليوفي اثر خروجه من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا ثم كيكي سيتيان في برشلونة اثر الخروج المذل أمام البايرن في ربع النهائي، أعادت الى الواجهة نفس السؤال الذي يطرح كل مرة عندما يتراجع مستوى الفرق الكبرى و تخفق في تحقيق النتائج المرجوة ، لكن في حالة يوفنتوس والبارسا تطرح أسئلة أخرى فرعية لأن الفشل والنجاح لا يرتبطان بالمدرب فقط، ولا يمكن اعتبار المتوج بلقب الدوري الإيطالي فاشل، ولا يمكن تغيير مدربين اثنين في اليوفي في موسمين متتاليين بعد رحيل ماسيميليانو أليغري نهاية الموسم الماضي، وتغيير مدربين اثنين في نفس الموسم في البارسا، لو لم تكن هناك أسباب أخرى مرتبطة بسوء ادارة ، واخفاق في الاختيار، ورغبة في جعل المدرب كبش فداء لامتصاص غضب الأنصار وإنقاذ الادارتين ..


ماوريسيو ساري وكيكي سيتيان لن يكونا الأخيرين في منظومة كروية عالمية تضحي بالمدربين دائما عندما تشتد الضغوطات الجماهيرية والاعلامية التي تؤدي الى اقالة المدرب وتبقى الإدارة التي لا ترحل عادة، ولا يمكنها تغيير كل اللاعبين فتحمل المسؤولية للمدرب الذي يدرك بدوره بأن النتائج هي الصديق الوحيد له في مهمته، إذا غابت سيسقط مهما كانت سمعته وقدراته لأن مدربين كبار تمت إقالتهم من نوادي ومنتخبات بسبب نتيجة مباراة، كما أن اقالة ساري كانت مرتقبة منذ مدة لأنه لم يجد ما يشفع له للبقاء في اليوفي ما عدا لقب كان بمثابة تحصيل حاصل لفريق كان أضعف خط دفاع لليوفي خلال العقد الأخير، ونال أضعف حصيلة نقاط خلال نفس الفترة ، لكن يواصل سيطرته على الدوري أمام فرق لم ترقى الى مستوى المنافسة على لقب الدوري رغم كثرتها على غرار الانتر ولاتسيو وأتلانتا.


أما اقالة كيكي سيتيان فقد كانت تحصيل حاصل مرتقبة ومطلوبة من المسيرين واللاعبين وكل الجماهير لأن اسمه سيبقى مرتبطا باحدى أكبر مهازل الفريق، و لم يوفق ولم يقدر على قيادة ميسي ورفقاءه، ولن يكون بإمكانه قيادته نحو التتويجات التي حرم منها النادي في عهده لأول مرة منذ سنوات، ليفسح المجال للهولندي رونالد كومان مدرب المنتخب الهولندي الذي سيتخلى عن منتخب بلاده استنادا لعقده الذي يسمح له بالمغادرة في حال تلقيه عرضا من أحد النوادي الكبيرة في سابقة من نوعها، ربما لأن تدريب البارسا يسيل اللعاب ويعتبر أكثر أهمية وقيمة بالنسبة لأي مدرب مهما كان.


صحيح يصعب تغيير كل اللاعبين وانتداب لاعبين آخرين دفعة واحدة في اي نادي، لكن لماذا لا ترحل الادارة عند الاخفاق خاصة وأن النجاح أو الفشل في الكرة يصنعه اللاعبون والمدرب والادارة سويا؟ كما أن المدرب تختاره الادارة وهي التي تتحمل مسؤولية انتدابه، وتتحمل مسؤولية استقدامات اللاعبين ، ثم هل يضمن تغيير المدرب تحقيق نتائج أفضل سواء في يوفنتوس أو البارسا ؟ ماذا تغير عندما تمت إقالة ماسيمليانو ألغري؟ وماذا سيتغير بعد رحيل ماوريسيو ساري ؟ ماذا تغير عندما رحل فالفيردي؟ وماذا سيتغير بمجيء كومان؟ هل سيتحسن مستوى ونتائج اليوفي بتعيين اللاعب الدولي السابق أندريا بيرلو مدربا، وهو الذي سيبدأ مشواره من أعلى نقطة مع أقوى فريق في إيطاليا دون خبرة ولا تجربة في مجال التدريب في المستوى العال؟


إذا كانت إقالة سيتيان بمثابة تحصيل حاصل وشر لابد منه من حيث المبدأ، فإن أسئلة كثيرة يطرحها المتتبعون حول إقالة ساري بعد موسم واحد، وانتداب بيرلو عوض مدرب آخر كبير صاحب خبرة وتجربة وسمعة كبيرة ، خاصة وأن تجربة زيدان ومشواره مع الريال قد لا يتكرر مع لاعب سابق ونادي آخر بسبب اختلاف الظروف والمعطيات الذاتية والموضوعية خاصة، علما وأن زيدان لم يبدأ مشواره التدريبي من الصفر، بل كان مدربا لفريق الرديف ثم مساعدا لكارلو أنشلوتي قبل أن تدفعه الظروف لكي يتولى الإشراف على الريال ويفوز معه ثلاث مرات متتالية بدوري الأبطال، ثم يرحل ويعود ليتوج بلقب الليغا بجدارة.


في ايطاليا يعتقد بعض المتتبعين بأن ادارة اليوفي تتسرع دائما في اقالة المدربين قبل إيجاد البديل مثلما حدث بعد اقالة أليغري ثم اقالة ساري الذي وافق على خوض المغامرة دون أن يشرف على استقدامات بداية الموسم فلم يستطع فرض فلسفته على لاعبين لم يختر منهم أحدا لذلك فإن الحكم على موسم ساري لا يستند على معطيات فنية بحتة حتى ولو كان خروجه في ثمن نهائي دوري الأبطال أمام ليون، و خسارته لنهائي كأس إيطاليا وقبل كأس السوبر الإيطالي تشكل اخفاقات لا يتحمل مسؤوليتها لوحده ، نفس الاعتقاد يسود في اسبانيا التي تصاعدت فيها المطالبة برحيل الادارة التي تتحمل المسؤولية بعدما أخطأت في انتداب واقالة فالفيردي، ثم كررت الخطأ بانتداب كيكي سيتيان واستقدام غريزمان والاستغناء عن نيمار والتفريط في كوتينيو.


هل سيكون تعيين أندريا بيرلو في اليوفي ورونالد كومان في البارسا بمثابة تصحيح لكل هذه الأخطاء أم خطأ آخر سيكلف الكثير لفريقين عريقين أشرف عليهما مدربون كبار لا مثيل لهم في عالم الكرة اليوم ويمران بظروف استثنائية صعبة تقتضي إجراءات فنية وادارية استثنائية.

حفيظ دراجي

القدس العربي 20 أغسطس 2020

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل