تعثر البارسا ليلة الثلاثاء أمام أتلتيكو مدريد في الظروف الصعبة التي يمر بها النادي الكتالوني، مقابل تألق الريال، سيكون في نظر المتابعين عاملا مفصليا في تحديد مصير لقب الليغا لهذا الموسم الذي سيخلف تداعيات كبيرة وعميقة على برشلونة تتجاوز خسارة الدوري الى اقالة المدرب والاستغناء عن بعض اللاعبين، والخروج من دوري أبطال أوروبا، ما يؤدي إلى حدوث تغييرات عميقة إدارية وفنية في منظومة ناد ليس ككل الأندية، لا يقبل جمهوره ولا إعلامه وضعه الحالي منذ استئناف الدوري في الثالث عشر من يونيو/حزيران وتعثره للمرة الثالثة في ست مباريات أمام اشبيلية وسيلتا فيغو وأتلتيكو مدريد، بمنظومة لعب وخيارات فنية لم تلق الإجماع.
الأداء الفني الثلاثاء لم يكن مخيبا، خاصة أمام منافس كان جيدا وعنيدا كعادته لا يرحم صغيرا ولا كبيرا، لكن روح الانتصار والارادة والعزيمة غابت عن البارسا كما كانت عليه الحال منذ استئناف مباريات الدوري في زمن كورونا التي ضيع فيها الفريق ست نقاط استفاد منها الريال قبل أن يخوض مواجهته ضد خيتافي الليلة، لتضيع فرصة ثمينة قد تكون الأخيرة للبارسا في مشوار الدفاع عن لقبه، والأخيرة للمدرب كيكي سيتيين رغم استمرار عقده لموسمين أخرين، لكن التعثر الجديد ودخوله برفقة طاقمه الفني في متاعب مع ليو ميسي وجمهور البارسا والإعلام الكتالوني كلها عوامل ستدخل النادي في أزمة غير مسبوقة تؤدي إلى اعادة فتح كل الملفات وتقتضي إجراءات استثنائية لتخفيف الضغوطات.
الصحافة الكتالونية وجماهير البارسا في شبكات التواصل الاجتماعي صبت غضبها على الادارة والاطار الفني وبعض اللاعبين، وحملتهم مسؤولية تعثر الثلاثاء وتراجع النتائج والأداء وتراكم المشاكل الادارية والفنية والمادية التي تجسدت في خيارات الرئيس غير الموفقة وانعدام التوافق بين الإطار الفني وكوادر الفريق، اضافة الى نقص السيولة المالية نتيجة تراجع المداخيل، ما أدى الى ابرام صفقة تبادلية مع يوفنتوس استغنى فيها النادي عن الجوهرة الكروية أرتور مقابل 70 مليون يورو مقابل استقدام ميراليم بيانيش بـ60 مليونا، وهي الصفقة التي لاقت انتقادات شديدة في أوساط جماهير البارسا، على غرار ثاني أكبر صفقة في تاريخ النادي والمتمثلة في استقدام غريزمان الذي وجد نفسه في كرسي الاحتياط مع مرور الوقت.
الصحافة المدريدية من جهتها عمقت جروح البارسا عندما راحت تهلل للتعثر وتعبر عن ابتهاجها بتضييع البارسا نقطين أخريين في مباراتين بعد التعادل أمام سيلتا فيغو قبلها بثلاثة أيام، ما يفتح الباب واسعا أمام أشبال زيدان لاستعادة لقب ضائع منذ ثلاث سنوات، ويفتح بابا آخر لن يغلق بسهولة على إدارة النادي التي يطالبها البعض بالرحيل لأنها تتحمل مسؤولية الفشل عندما عينت فالفيردي ثم كيكي سيتيين وفشلت في استقدام تشافي أو كومان، ولما استقدمت غريزمان وفيدال وصبرت على لويس سواريز و صامويل أومتيتي، في وقت نجح الريال في استعادة زيدان وتعويض رحيل رونالدو بمنظومة لعب جماعية تجاوزت الاعتماد على اللاعب المعجزة!
عناوين كثيرة كانت تحملها مواجهة الأتلتيكو مثل “الفوز أو الأزمة” و”مباراة الدوري” و”رد الاعتبار أو الانكسار”، ليضيع الدوري بنسبة كبيرة ويحصل الانكسار، ويدخل البارسا أزمة ستولد “فوضى خلاقة”، تطيح بسيتيين وربما تؤدي الى الاستغناء عن غريزمان وسواريز وتقود الى التفكير من الآن في بارسا ما بعد ميسي الذي لم يبق له الكثير رغم انطلاق مفاوضات تجديد عقده مع النادي الى غاية 2023، ليكون سلاحا ذا حدين بفعل هيمنة الأسطورة على سلطة القرار في تعيين المدربين وانتداب اللاعبين والاستغناء عنهم، أو حتى في اختيار التشكيلة التي تخوض المباريات.
في الكرة النتائج الجيدة تغطي على العيوب، لكن الاخفاق يعري الجميع ويكشف العيوب حتى ولو تعلق الأمر بنجم من حجم ميسي وفريق من حجم البارسا المطالب بالبحث سريعا عن نفس جديد يسمح له بالمنافسة على دوري الأبطال في أغسطس/آب لإنقاذ موسمه، خاصة وأن البعض يعتقد أن المسؤولية لا يتحملها لوحده المدرب سيتيين الذي جاء في الوقت بدل الضائع بعدما أخفقت الإدارة في خياراتها السابقة، على غرار خيار انتداب فالفيردي، لذلك يتوجه البعض نحو المطالبة برحيل الادارة الحالية التي انتهت صلاحياتها مثل العديد من اللاعبين، وحان وقت التغيير، لكن ليس من أجل التغيير لاسكات الجماهير والاعلاميين كما كان يحدث في كل مرة.
حفيظ دراجي
القدس العربي 2 يوليو 2020