hafid derradji

الكرة الأوروبية تبعث الحياة في النفوس!

عودة الروح الى ملاعب الكرة الأوروبية تباعا لن تقضي على وباء كورونا ولن تحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تفشي الوباء، ولن تقلل من تداعيات توقف الحياة منذ ثلاثة شهور، لكن مجرد عودة الدوريات في ألمانيا واسبانيا وانكلترا وايطاليا بعثت في نفوس هواة الكرة، أملا في عودة الحياة الى طبيعتها ولو بمتابعة المباريات عبر شاشات التلفزيون ومتابعة أخبار الدوريات والأندية واللاعبين في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لأن عودة نشاط جماعي يعيد الأمل لمتابعيه وعشاقه في ثاني قارة تشهد أكبر عدد من الوفيات والإصابات، رغم هلاك أكثر من 120 ألفاً واصابة أكثر من مليون و300 ألف شخص في أوروبا، من أصل 7 ملايين مصاب، وأكثر من 400 ألف حالة وفاة في العالم، وهي أرقام مرعبة في ظرف وجيز شل كل النشاطات الإنسانية في العالم وليس فقط كرة القدم .


كرة القدم الأوروبية هي اليوم بمثابة النشاط الجماعي الوحيد الذي رفع التحدي وبعث الأمل في النفوس، بدءا من ألمانيا التي عاد فيها دوران الكرة في بلد لم يتعد فيه عدد الوفيات 9000 حالة من مجموع 186 ألف حالة، وصولا الى الدوري الاسباني الذي سيستأنف هذا الأسبوع رغم أن عدد المصابين فاق 300 ألف حالة، وعدد الوفيات أكثر من 28000 حالة وسط إجراءات حظر وحجر عطلت كل مجالات الحياة، لكن الحكومة الاسبانية وجدت في الكرة متنفسا ووسيلة لفك الخناق المفروض، خاصة في ظل الشعبية الكبيرة للعبة في الأوساط الاسبانية التي تستعد بدورها للعودة الى ممارسة نشاطات أخرى تجارية واقتصادية واجتماعية وحتى سياحية.


الدوري الإنكليزي سيكون ثالث أكبر دوري أوروبي يعود إلى أجواء المنافسة بعد أسبوع من الآن، في بلد شهد أكبر عدد وفيات في أوروبا بـ40 ألف حالة، لكن تبقى فيه الكرة من أكثر النشاطات المنتجة للثروة، والمثيرة للاهتمام في الأوساط الجماهيرية والاعلامية المحلية والعالمية، لذلك كان الحرص كبيرا على استئناف دوري البريميرليغ من طرف الاتحاد والرابطة والأندية والقنوات التلفزيونية، وحتى من طرف الحكومة البريطانية التي تستعين بالنشاط الكروي للتخفيف على الناس. سيأتي الدور على الدوري الإيطالي بعد أسبوعين ليكتمل النصاب وترتفع معنويات الإيطاليين التي كادت تنهار في وقت ما، خاصة عندما كاد يستسلم رئيس الحكومة لما فوض الأمر لله وأعلن عدم قدرة بلاده على مواجهة الفيروس الذي أصاب قرابة 300 ألف شخص وهلاك 34 ألف من المصابين.


الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سيكرس التحدي والقيمة الاجتماعية للكرة من خلال اجتماعه الاربعاء المقبل الذي سيقرر فيه استئناف دوري الأبطال في أغسطس/آب بصيغة مباراة واحدة في الأدوار المتبقية التي ستلعب في مدينة واحدة، قد تكون مدينة لشبونة عاصمة البرتغال التي شهدت أدنى نسبة وفيات في أوربا بـ1500 حالة فقط، وتحتوي على ملعبين كبيرين لاحتضان المباريات ومرافق كبيرة لاستضافة الفرق المتأهلة إلى ربع النهائي، بينما يتوقع الإعلان عن مدينة فرانكفورت الألمانية لاحتضان ما تبقى من مسابقة الدوري الأوروبي بنفس الصيغة، وبدون حضور جماهيري حتى في محيط الملعب، تجنبا لما حدث في باريس بمناسبة إياب ثمن النهائي بين البسجي ودورتموند الذي تجمع فيه آلاف المناصرين خارج ملعب حديقة الأمراء لمتابعة المباراة عبر شاشات عملاقة والاحتفال بتأهل فريقهم.

غياب الجمهور عن مدرجات الملاعب لن ينقص من مفعول العودة، لأن الملايين، بل مليارات المشاهدين في العالم سيكون لبقائهم في بيوتهم معنى ومغزى من خلال متابعة مباريات الكرة والبرامج التلفزيونية التحليلية المرافقة، في انتظار السماح لهم بالعودة تدريجيا الى مدرجات الملاعب لتشجيع أنديتهم والاستمتاع عن قرب باللعبة الأكثر شعبية في العالم، خاصة في ظل تراجع أعداد الموتى والمصابين، الكفيل باعادة الروح الى النفوس وإعادة الناس الى مزاولة طقوسهم ونشاطاتهم الاجتماعية والاقتصادية والتجارية، بالموازاة مع بداية تخفيف إجراءات الحظر والحجر في العديد من دول العالم.


الأمر لن يخلو من المضاعفات السلبية، لكن عودة الحياة تستحق هذه الجرأة والمغامرة عبر نشاط رياضي قد يكون القاطرة التي تقود إلى عودة نشاطات اجتماعية واقتصادية وتجارية، مرفوقة بكل الإجراءات الوقائية الملزمة من طرف الحكومات ومنظمة الصحة العالمية، وقد يكون سببا في تمديد اجراءات الحظر والحجر لأسابيع أخرى.

حفيظ دراجي

القدس العربي 10 يونيو 2020

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل