في سبتمبر/ أيلول 2014 فازت الكاميرون بتنظيم نهائيات كأس أمم افريقيا 2019 قبل أن تقرر “الكاف” سحب الاستضافة منها أربع سنوات بعد ذلك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، بحجة عدم جاهزية ملاعبها ومرافقها ليتم تعويضها بمصر، على أن تنظم النسخة الثالثة والثلاثون التي كانت مقررة في يونيو/ حزيران قبل أن يتم تقديمها إلى يناير/ كانون الثاني 2021 بقرار مفاجئ ومتسرع، تم تحت ضغط رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.
لكن يبدو أن اللعنة التي تلاحق دورة الكاميرون ستمتد إلى ما بعد هذا الموعد الجديد، وسيتم الإعلان مجدداً عن تأجيل البطولة إلى صائفة 2021 أو شتاء 2022 بسبب تداعيات الأزمة الصحية العالمية واستحالة استكمال المباريات التصفوية الأربع المتبقية، وخاصة أنها تتزامن مع تصفيات كأس العالم 2022 التي لم تبدأ بعد.
يذكر أن تغيير موعد البطولة أول مرة حدث في دورة مصر التي نظمت الصيف الماضي، قبل أن يتقرر تقديمه إلى الشتاء بداعي حرارة فصل الصيف في غرب القارة السمراء، وبإيعاز من فيفا الذي قرر تنظيم مسابقة كأس العالم للأندية بصيغتها الجديدة خلال نفس الصيف، مما أثار ردود فعل وعلامات استفهام حول عدم استقرار تواريخ البطولة، وشكك في استقلالية قرار الهيئة القارية ومدى قدرتها على فرض وجودها، لتجد نفسها اليوم أمام معضلة كبيرة في برمجة أكبر وأعرق منافسة كروية في ظل زخم الأحداث الرياضية المؤجلة هذه الصائفة بسبب تفشي فيروس كورونا.
“الكاف” لم يعلن عن قراره بعد، لكن كلّ المؤشرات توحي بتأجيل دورة الكاميرون إلى شتاء 2022 على أن تجرى نسختا 2023 و2025 في موعديهما في ساحل العاج وغينيا، لكن لحد الآن ما تزال الهيئة القارية متمسكة بالأمل في إجراء البطولة في موعدها الجديد القديم بكلّ ما يحمله من مغامرة ومخاطرة بصحة اللاعبين، وما يترتب عنه من رفض وتذمر من طرف الأندية الأوروبية المضطرة للاستغناء عن لاعبيها في مرحلة مهمة من الموسم، ومن طرف اللاعبين الدوليين الأفارقة ذاتهم الذين يضيعون أماكنهم الأساسية في فرقهم التي كانت دوماً تحتج على تنظيم البطولة القارية في بداية السنة، لذلك ارتفعت بعض الأصوات في القارة السمراء لتنادي بتأجيل البطولة إلى صيف 2021 مثلما كانت عليه في دورة مصر الأخيرة خاصة بعد تأجيل موعد انطلاقة كأس العالم للأندية.
رغم تسارع الأحداث وضيق الوقت والحاجة إلى ضرورة دراسة الموضوع لاتخاذ القرار اللازم، إلا أن اللجنة التنفيذية للكاف لم تجتمع لحد الآن لتقرر، بسبب الظروف الاستثنائية التي تعيشها، والتي يعتبرها الملاحظون الأسوأ منذ عشرات السنين نظراً لفضائح الفساد التي تورط فيها الرئيس أحمد أحمد وجعلت “فيفا” يسطو على سيادة “الكاف” ويقرر مكانه خاصة منذ تعيين الأمينة العامة لفيفا فاطمة سامورا مفوضة فيفا لدى الهيئة القارية التي فقدت سيادتها وسلطة قرارها، وصارت تأتمر بأوامر جياني إينفانتينو، ولن يكون بمقدورها اتخاذ قرار التأجيل أو التثبيت دون موافقة فيفا في سيناريو لم يكن يحدث في زمن عيسى حياتو الذي كان له وزن كبير وكلمته في رسم خارطة كرة القدم العالمية رغم كلّ عيوبه ونقائصه.
تأجيل البطولة الذي سيتم لا محالة، سيصب في مصلحة الكاميرون التي لم تتمكن لحد الآن من استكمال البنية التحتية وبناء الملاعب التي تحتضن البطولة، والتي بسببها تم سحب تنظيم دورة 2019 منها، خاصة أن لجان التفتيش لن يكون بإمكانها زيارة المدن التي ستحتضن البطولة وتفقد منشأتها ومرافقها، حتى أن النجم الكامروني صامويل إيتو، دعا صراحة مؤخراً إلى تأجيل الدورة القادمة لإعطاء بلاده وقتاً أطول، وتجنب عواقب العدوى بفيروس كورونا عند اجراء المباريات التصفوية والنهائيات في شهر يناير من العام الجديد.
أصوات أخرى في بيت الكرة الأفريقية ارتفعت لتطالب بإجراء البطولة في موعدها الشتوي، لكن إذا استحال استئناف التصفيات في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل بسبب فيروس كورونا، فسيكون من الصعب إقامة دورة الكاميرون في يناير القادم، كما سيكون من الصعب تأجيل البطولة إلى صيف 2021 الذي سيشهد تنظيم بطولات كأس أمم أوروبا، وكوبا أميركا والألعاب الأولمبية، وبالتالي ستبقى لعنة دورة الكاميرون تلاحق القارة السمراء.
أما أصعب مهمة للاتحاد الأفريقي في الوقت الراهن فستكون استعادة استقلالية قرار الهيئة الكروية القارية الذي صار مرهوناً، وبات من الصعب على هيئة أحمد أحمد اتخاذ القرار من دون موافقة جياني إينفانتينو الذي صار يتحكم في زمام الكاف وفي مصير الرئيس، بعدما كان الكاف، لاعباً مهماً في تعيين رئيس “فيفا”.
حفيظ دراجي
العربي الجديد 24 مايو 2020