قد يبدو التساؤل غريبا لكنه سيصبح مطروحا ووارداً بقوة بعد أسابيع من الآن إثر استئناف مباريات الدوري الألماني وتأخر عودة الدوريات المحلية الأوروبية الأخرى الى غاية منتصف يونيو/حزيران، وبعد المستوى الذي ظهر به البايرن في مباراته الأولى أمام يونيون برلين التي فاز فيها بالثنائية، ركض فيها لاعبوه 118 كلم، وأبدوا فيها قدرات واستعدادات كبيرة للحفاظ على ريادة الترتيب ولقب الدوري للمرة الثامنة على التوالي رغم المنافسة القوية، ما يعطي الفريق أسبقية وحظوظا أوفر للتتويج بلقب دوري الأبطال، خاصة وأنه عاد قبل جميع المنافسين الى أجواء التدريبات الفردية والجماعية، وأجواء المنافسة، في وقت لا تزال فرق أوروبية أخرى في الحجر الصحي، ملتزمة بالحظر المفروض من طرف السلطات والهيئات الصحية على النشاطات والتجمعات الرياضية الى بداية الشهر المقبل.
قد يقول البعض لماذا المرشح هو البايرن وليس رابع الترتيب نادي لايبزيج المتأهل بدوره الى ربع نهائي دوري الأبطال على توتنهام، ما دامت العودة المبكرة للألمان الى المنافسة ستكون فاصلة في مسابقة دوري الأبطال، في وقت لم يتأهل البايرن بعد الى ربع النهائي رغم فوزه ذهابا على تشلسي في لندن بالثلاثة؟ قد يقول البعض الآخر أن العودة المبكرة قد تكون مكلفة للبايرن والفرق الألمانية التي ستضطر للتوقف اذا تفشت عدوى فيروس كورونا مجددا ويتأثر لاعبو البايرن نفسيا وذهنيا وفنيا وبدنيا، وتعود الغلبة للأندية التي تعود الى أجواء المنافسة متأخرة وتصبح هي المرشحة للتتويج باللقب الأغلى المرتقب استئنافه بداية أغسطس/آب لينتهي في نهاية الشهر ذاته ضمن مباريات ماراثونية يلعب فيها من يصل للنهائي خمس مباريات قوية وصعبة تتطلب نفسا وجهدا واستعدادا ذهنيا وبدنيا عاليا.
طبعا مجرد العودة الى المنافسة مبكرا مقارنة بأندية أخرى لا تكفي لترشيح البايرن للتتويج، وتأخر الفرق الأخرى في العودة لا تعني أن أصحابها لن يكونوا في المستوى، لكن عندما يتعلق الأمر بالبايرن والعقلية الألمانية يمكن أن نقول بأن العودة المبكرة ستكون عاملا مساعدا مهما لفريق يملك خبرة وتجربة ومقومات كبيرة لمواجهة الكبار في المسابقات الكبرى، خاصة بعدما تجاوز لاعبوه الهاجس النفسي، ثم البدني الذي كلف الأندية الألمانية إصابة ثمانية لاعبين في جولة الاستئناف بسبب نقص المنافسة، بينها ثلاثة في دربي حوض نهر الرور بين دورتموند وشالكه، حيث أصيب الصغير جوفاني رينا خلال عملية الاحماء، وتم تعويضه قبل بداية المباراة بثورغن هازارد الذي أصيب بدوره وتم تعويضه في الشوط الثاني.
رغم ذلك جاءت عودة مباريات البوندسليغا مشجعة ومحفزة للألمان وغير الألمان، حيث شهدت مباريات الجولة السادسة والعشرين تسجيل 27 هدفا، بمعدل 3 أهداف في كل مباراة، مقابل 24 هدفا في أخر جولة قبل التوقف الاضطراري، كل الأرقام والاحصائيات الفنية تحدثت عن معدل ركض فاق الـ100 كلم، ما يؤكد أن اللاعبين بذلوا مجهودات بدنية كبيرة في جولة الاستئناف، استدعت استحداث 18 تغييرا بين الشوطين في 9 مباريات، وهو رقم لم يسبق له مثيل، ما ينذر بعودة شاقة ومتعبة لأندية الدوريات الأخرى بعد فترة توقف دامت أكثر من شهرين، تتطلب فترة طويلة لاعادة التأهيل والتأقلم مع أجواء اللعب في شهري يوليو/تموز وأغسطس، في حين ستكون مأمورية باريس سان جيرمان في دوري الأبطال صعبة جدا بعد قرار السلطات الفرنسية بالغاء الدوري المحلي ودخول النادي الفرنسي في عطلة طويلة المدى تفوق أربعة شهور قبل خوض ربع نهائي دوري الأبطال.
يُذكر أن أندية باريس سان جيرمان ولايبزيج وأتلانتا وأتلتيكو مدريد، تأهلت رسمياً إلى ربع النهائي، وتبقى مُباريات ريال مدريد ضد مانشستر سيتي وبرشلونة ضد نابولي ويوفنتوس أمام ليون وبايرن ميونيخ الفائز بالثلاثة ذهابا ضد تشلسي لاستكمال قائمة الأندية المتأهلة الى ربع نهائي المسابقة الأوروبية الأغلى، التي ستستكمل في شهر أغسطس بصيغة جديدة على شكل مباراة واحدة في ملعب محايد ابتداء من الدور الربع نهائي حسب تسريبات من داخل الاتحاد الأوروبي للعبة، بعد استئناف كل الدوريات الأخرى، خاصة الكبرى منها في انكلترا وايطاليا واسبانيا.
المعطيات الأولية تشير الى أن البايرن بخبرة لاعبيه ولايبزيج بشبانه وعودتهم المبكرة لأجواء المنافسة ستصنع الفارق في منافسة دوري الأبطال، خاصة بعد خروج حامل اللقب ليفربول، وامكانية اقصاء الريال أمام المان سيتي بعد خسارته في مدريد بالثنائية، لينحصر الصراع على اللقب بين البارسا والسيتي واليوفي والبايرن الذي سيسعى للتأكيد على أن المستحيل ليس ألمانياً بالتتويج باللقب الأوروبي السادس من نوعه في ظروف استثنائية استثمر فيها واندمج مبكرا مع سيناريو خوض المباريات من دون حضور جماهيري في المدرجات.
حفيظ دراجي
القدس العربي 21 مايو 2020