المتاعب والصعوبات المالية والاقتصادية التي سيخلفها فيروس كورونا على أندية كرة القدم المحترفة بسبب توقف النشاط ونقص الموارد، ستؤدي الى شح كبير في الأموال، يؤثر سلباً على التزامات الاندية بدفع رواتب لاعبيها ومدربيها وموظيفها، والاستجابة لمتطلبات الميركاتو الصيفي المقبل، الذي لن يكون كسابقيه بسبب نقص السيولة المالية، ما ينعكس سلبا على سوق انتقالات اللاعبين وطبيعة الصفقات المرتقبة، والتي لن تكون كما كانت عليه في السابق، سواء من حيث قيمتها أو طبيعتها، حيث يرتقب أن تلجأ الأندية الى نظام المقايضة الذي يعتمد على تبادل اللاعبين، مثل تبادل السلع والبضائع بدون الحاجة الى دفع المال من خلال ابرام صفقات انتقال تبادلية بينها لتجاوز الازمة الاقتصادية الحالية.
المقايضة هو نظام تجاري قديم عاد للظهور في الثلاثينات بعد انهيار الاقتصاد العالمي حين لجأ الناس الى نظام تبادل السلع والخدمات للحصول على احتياجاتهم اليومية من الغذاء والدواء والملبس والمسكن، ليعود النظام مجددا بعد ما يقارب قرن من الزمن، لكن هذه المرة في صفقات انتقالات اللاعبين بين الأندية الأوروبية الكبيرة بدون الحاجة الى دفع الأموال، سواء كان ذلك من خلال تبادل لاعب بلاعب، أو تبادل لاعب واحد باثنين أو ثلاثة من اللاعبين، كما هو متداول في مختلف وسائل الاعلام العالمية التي تجاوزت الحديث عن المبالغ وراحت تتداول أسماء اللاعبين المقترحين في عمليات التبادل.
في نادي يوفنتوس يتم تداول اسم الدولي الفرنسي بول بوغبا ضمن خطط ادارة الفريق مقابل مبادلته بالأرجنتيني هيغواين اضافة الى البرازيلي دوغلاس كوستا والفرنسي أدريان رابيو. وبالموازاة مع ذلك أبدى اليوفي استعداده للتنازل عن ميراليم بيانيتش للبارسا مقابل الحصول على خدمات الدولي البرازيلي أرتور، في انتظار ايجاد بديل للدولي الهولندي ماتياس ديليخت الذي صار راتبه السنوي المقدر بثمانية ملايين يورو يثقل كاهله ويريد مقايضته بلاعب أخر لن يكون مدافعا بالضرورة، لكن يبقى اليوفي متفتحا على أي اقتراح يأتيه من البارسا الذي يبقى أكثر الأندية اهتماما باللاعب الهولندي مقابل الاستغناء عن الفرنسي أومتيتي مع اضافة الفارق في السعر.
بوغبا سيكون سلعة مقايضة يريدها الريال بدوره، مثلما يريد نجم توتنهام هاري كاين مقابل التنازل عن الويلزي غاريث بيل والكولومبي خاميس رودريغيز، في وقت يحتاج النادي الملكي الى المهاجم النرويجي ايرلينغ هالاند لاعب دورتموند الذي أبدى استعداده للتنازل عن جوهرته مقابل الحصول على خدمات المغربي حكيمي والصربي يوفيش لاعبي الريال الذي لن ينفق هذه المرة ما كان ينفقه في فترات الانتقالات الصيفية السابقة لارضاء عشاقه.
البارسا من جهته، سيكون أمام معضلة كبيرة في حال أراد الاستفادة من خدمات البرازيلي نيمار والأرجنتيني لاوتارو مارتينز بنظام المقايضة، لأنه سيضطر للتخلي عن أربعة أو خمسة لاعبين، خاصة وأن البيسجي لن يتنازل عن نجمه من دون الاستفادة من خدمات ثلاثة الى خمسة لاعبين، بينهم ديمبيلي وأرتورو فيدال وراكتيتش، والانتر بدوره يريد غريزمان وفيدال وراكتيتش مقابل التنازل عن نجمه الأرجنتيني الصاعد، ولا يريد أن يكون لويس سواريز ضمن الصفقة، لأنه عائد من اصابة ومستواه في تراجع منذ الموسم الماضي. تحسبا لامكانية رحيل لاوتارو مارتينيز يسعى الانتر للاستفادة من خدمات الغابوني أوباميانغ مهاجم أرسنال المطلوب في البارسا والريال أيضا، لكن بأي ثمن؟
نظام المقايضة بين الأندية الأوروبية سيسود بقوة في ميركاتو هذا الصيف، بما في ذلك في انكلترا التي أبدى فيها كارلو انشيلوتي مدرب ايفرتون رغبته في مقايضة فريقه السابق نابولي من أجل الاستفادة من خدمات الثنائي البرازيلي ألان والمكسيكي أيرفينغ لازانو مقابل الاستغناء عن ثلاثة لاعبين الى أربعة تتضارب المعلومات بشأن أسمائهم.
فترة الانتقالات الصيفية المقبلة ستكون فريدة من نوعها، لن تنفق فيها الأموال الكثيرة، لن نسمع فيها عن مبالغ مالية جنونية في سوق التحويلات، وربما لن نسمع عن انتقال أسماء ثقيلة الى أندية جديدة على غرار ديبالا ومبابي وغريزمان المحصن ببند جزائي يفوق 100 مليون يورو لمن يريد الاستفادة من خدماته، لكن لا أحد يدري ما تخفيه تداعيات فيروس كورونا الذي قلب كل الموازين ولا يزال يفعل بعدما عاد بنا إلى التعامل بنظام تجاري بدائي.
حفيظ دراجي
القدس العربي 30 أبريل 2020