كّلنا يذكر مضمون التهديد شديد اللهجة الذي وجهه رئيس الاتحاد الأوروبي ألكسندر سيرفين منذ أسابيع للرابطة البلجيكية لكرة القدم التي كانت أوصت بإيقاف الدوري وإعلان الرائد كلوب بروج بطلاً دون استكمال مباريات الموسم، وذلك حرصاً من الهيئة الكروية الأوروبية على إلزام الجميع بضرورة استكمال الدوريات لتحديد الفرق التي ستشارك في المسابقات الأوروبية الموسم المقبل، لكن التوصيات تغيرت منذ يومين بعد اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي الذي تراجع عن تحذيراته وتهديداته، وفسح المجال أمام الاتحادات المحلية لاتخاذ قرار الاستئناف أو الإيقاف بعد مزيد من التريث، وبشرط إخطار الاتحاد الأوروبي كتابياً في حال إلغاء ما تبقى من مباريات دوري هذا الموسم، والالتزام بمبدأ الاستحقاق الرياضي في تحديد البطل في كل الدوريات الأوروبية.
أما بخصوص استكمال لقاءات دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي لهذه الموسم، فقد فنّد الاتحاد الأوروبي كلّ التسريبات الإعلامية السابقة التي تحدثت عن توزيع خريطة طريق على كبار الاتحادات والأندية الأوروبية لمناقشتها، تقضي باستئناف المسابقتين خلال شهر أغسطس القادم، وتأجيل بداية مسابقات الموسم المقبل إلى نهاية أكتوبر 2020، وهو الأمر الذي يبقى وارداً، لكن المجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي لم يتخذ بشأنه أي قرار بعد اجتماعاته الماراتونية الخميس الماضي مع رؤساء الاتحادات الأوروبية وجمعية الأندية الأوروبية، مفضلاً التريث وإعطاء مزيد من الوقت، ومزيد من الوقت للفيروس قبل الفصل في الإلغاء وليس في الاستئناف لأن ذلك لم يعد بين يديه.
الاتحاد الأوروبي فتح الباب للاتحادات المحلية، وفتح المجال أمام احتمالات الاستئناف أو الإيقاف للمسابقات الأوروبية والدوريات المحلية بعد استشارة الهيئات الطبية والسلطات العمومية الخاصة بكلّ بلد بمفرده، لأن الأوضاع متباينة بين بلد وآخر، بلغ فيها مثلاً تفشي الفيروس ذروته كما في إسبانيا، وإيطاليا وفرنسا بأكثر من 20 ألف ضحية، وأزيد من 100 ألف مصاب في كلّ بلد منها، في وقت بدأت تعود بعض الأندية الألمانية إلى أجواء التدريبات إثر تخفيض إجراءات الحظر على الكثير من النشاطات الاقتصادية والتجارية فيها.
المجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي لم يصدر الخميس الماضي أي قرار رسمي، لكنه خرج بتوصيات مهمة جداً في حالة اللجوء إلى إيقاف الدوريات، تفرض على الاتحادات المحلية ضرورة اعتماد الترتيب الحالي في تحديد الفرق التي تشارك في مسابقتي دوري الأبطال والدوري الأوروبي للموسم القادم، وذلك تشجيعاً للأفضلية الفنية والاستحقاق الرياضي دون غيره من المعايير، وهو الأمر الذي لم يرض بعض الأندية الأوروبية الكبيرة المعتادة على المشاركة في المسابقات الأوروبية، والتي كان بإمكانها تحقيق التأهل في حال استئناف الدوريات، مما جعلها تهدد باللجوء إلى العدالة في ظل الفراغ القانوني الحالي وغياب لوائح تحدد المبادئ في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي لم يسبق لها مثيل، ولم يسبق أن حُدد أبطال الدوريات الأوروبية قبل استكمالها.
المجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي منح ضمنياً صلاحيات إيقاف أو استئناف الدوريات للاتحادات المحلية بعدما كان يحذر من الانفراد باتخاذ القرار دون العودة إليه، لكنه قرر اعتماد صيغة واحدة لتحديد البطل في كلّ الدوريات سعياً إلى الانسجام في التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، ويبدو أنه سيبقى متمسكاً بالأمل في استئناف مسابقتي دوري الأبطال والدوري الأوروبي في بداية أغسطس وإنهائها في نهاية نفس الشهر مع تأجيل مسابقة الموسم المقبل إلى نهاية أكتوبر بعدما كانت تبدأ في منتصف سبتمبر في سابقة أولى من نوعها منذ تأسيس المسابقة بصيغتها الجديدة منذ سنة 1993.
الاجتماع القادم للمجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي سيعقد في السابع والعشرين من شهر مايو المقبل، حينها ستكون الرؤية والمعطيات واضحة أكثر، لكن توصيات الاجتماع الأخير لأقوى اتحاد قاري في العالم تؤكد بأن القرار النهائي لم يعد بيده، بل يبقى حكراً على الفيروس في حد ذاته، ثم السلطات الصحية وبعدها السلطات السياسية التي ستأخذ بعين الاعتبار الصحة العامة للناس وصحة الفاعلين وجماهير الكرة التي انتهى موسمها بشكلٍ رسمي لأنها لن تعود هذا الموسم إلى مدرجات الملاعب حتى ولو عادت المباريات لدرجة أن الإسبان بدؤوا يفكرون في إقرار قواعد جديدة على الإخراج التلفزيوني للمباريات لجعلها أكثر متعة للمشاهدين عبر الشاشات في غياب المشجعين في المدرجات.
حفيظ دراجي
العربي الجديد 25 أبريل 2020