مباشرة بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن تأجيل “يورو 2020” الى صيف 2021، جاء قرار تأجيل نهائيي دوري الأبطال والدوري الأوربي الى موعد لم يحدد، وتأجيلات جديدة للدوريات الأوروبية تباعا، ليفسح المجال للاتحادات والأندية الكبرى كي تحسب الخسائر المادية الناجمة عن الوضع الصحي العالمي الحالي، ثم تبحث عن الحلول التي تسمح بتخفيف الأعباء المالية الكبيرة في ظل تراجع المداخيل بسبب توقف النشاط الكروي الذي سيمنعها من الوفاء بالتزاماتها مع اللاعبين، خاصة وأن رواتبهم تستهلك أكثر من 50% من ميزانيات أندية الدوريات الخمسة الكبرى التي ستصل خسائرها الى 4 مليار يورو بحسب التقديرات الأولية للمختصين، اذا استمر التوقف الى نهاية شهر يونيو/حزيران، في حين ستكون الخسائر أكبر اذا توقفت الدوريات كليا.
إدارة برشلونة كانت أول من أعلن اتفاقها مع كوادر الفريق على تخفيض رواتب اللاعبين خلال فترة توقف الدوري بسبب فيروس كورونا الذي سيكلف الخزينة خسائر كبيرة، سيتقاسم اللاعبون جزءا منها من خلال الموافقة على تخفيض 30% من رواتبهم من مارس/آذار الى يونيو المقبل، وهو نفس الامر الذي سينطبق على إدارة الريال التي تتوجه نحو تخفيض نفس النسبة من رواتب لاعبيها لامتصاص العجز الكبير الذي سيلحق بالناديين الكبيرين طيلة فترة الأزمة الصحية العالمية. الصحافة الاسبانية راحت تخوض في عمليات حسابية تخص مداخيل ميسي التي بلغت 131 مليون يورو خلال سنة 2019 بين رواتب ومكافآت وموارد الإعلانات، بمعدل 11 مليونا في الشهر، و358 ألف يورو في اليوم الواحد، لتخلص في الأخير الى أن الرجل سيخسر ما يقارب 30 مليونا في ظرف ثلاثة شهور.
في إيطاليا تحدثت الصحافة المختصة عن خسائر تصل 700 مليون يورو تتكبدها الأندية المحترفة بسبب توقف النشاط الكروي، ما دفع بالرئيس، المدير العام للانتر، الى اقتراح تخفيض الرواتب بنسبة 30% أيضا، سيخسر إثرها رونالدو ما يقارب 9 ملايين يورو باعتباره صاحب أعلى راتب في الدوري الإيطالي بـ31 مليون يورو سنويا، ليبقى صاحب ثاني أعلى مدخول سنوي في العالم بمبلغ 118 مليون يورو، يليه البرازيلي نيمار بـ95 مليون يورو، وهي أرقام رهيبة يصعب الاستمرار في دفعها بدون مداخيل الإعلانات وحقوق البث التلفزيوني وعمليات بيع التذاكر.
أما في إنكلترا فان الخسائر تفوق المليار يورو، لذلك تتمسك الرابطة والأندية باستكمال المنافسة بعدما تم تأجيلها الى 30 أبريل/نيسان المقبل، لذلك يبدو الحديث عن تخفيض أجور اللاعبين سابق لأوانه في الوقت الراهن، ولن يتم الخوض فيه حتى يتقرر توقيف الدوري كليا وتحديد الخسائر المادية التي ستكون أكبر، أما إذا استؤنفت الدوريات وامتدت الى ما بعد أول يونيو فانه سيدخل بعض الأندية في مشاكل مع عديد اللاعبين الذين تنتهي عقودهم مع نهاية شهر مايو/آيار.
رغم أنه لا يوجد في القوانين والعقود ما يدعو الى تخفيض الأجور، الا أن غالبية اللاعبين ووكلائهم في الدوريات الكبرى وافقوا طوعا على خيار تخفيض الرواتب على أمل أن تستؤنف المنافسات حتى ولو امتدت الى غاية شهر يوليو/تموز، ما يترتب تعديل وتمديد جميع عقود اللاعبين، وتغيير لوائح فترة الانتقالات الصيفية المقبلة وما يترتب عنها من تداعيات بدأ التخطيط لها من الأن، حتى يواصل اللاعبون اللعب مع أنديتهم بغض النظر عن مدة عقودهم التي تنتهي عادة في شهر مايو من كل سنة، وهو الأمر الذي ذهب اليه رئيس الفيفا جاني انفانتينو منذ يومين بإعلانه عن تحولات ستشهدها الكرة العالمية بسبب تداعيات فيروس كورونا التي كلفت الاتحاد الأوروبي خسائر تفوق 300 مليون يورو.
الكارثة الصحية خلفت كوارث بشرية في الأرواح والنفوس، ستؤدي الى أزمة مالية تؤثر على اقتصاديات كل دول العالم، تنعكس سلبا على كل الاتحادات والأندية الرياضية ولاعبيها المحترفين بسبب نقص الإيرادات نتيجة تأجيل أو إلغاء مختلف المسابقات، بما في ذلك أولمبياد طوكيو التي تقرر تأجيلها بسنة في سابقة أولى من نوعها.
حفيظ دراجي
القدس العربي 26 مارس 2020