بعد الأزمة التي أشعلتها تصريحات السكرتير الفني للنادي إيريك أبيدال، وردود ليونيل ميسي وبعض اللاعبين التي أشعلت عناوين الصحف الإسبانية لأيام، جاء الدور على أزمة أخرى من نوع آخر، على خلفية التعاقد مع شركة مختصة في العلاقات العامة تروّج لإدارة بارتوميو والتهجّم على معارضيه ومنافسيه عبر منصّات التواصل الاجتماعي، لتضاف إلى سلسلة متاعب إدارية وفنية بدأت منذ إقالة فالفيردي، ثم تراجع أداء الفريق ونتائجه وخروجه من ربع نهائي كأس الملك، وسط غيابات عديدة بسبب إصابات سواريز، ديمبيلي وجوردي ألبا، ما أدّى إلى إحداث حالة طوارئ في البيت الكتالوني، تنذر بتداعيات وخيمة عشية ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، ثم مواجهة الموسم أمام الريال في مدريد في الفاتح من مارس.
الصحافة الإسبانية لم تنتهِ من تناقل تصريحات أبيدال وردود ميسي، وتفاعل الجماهير معها، حتى راحت تكشف ممارسات الشركة التي تعاقدت معها إدارة النادي والمختصّة في شبكات التواصل الاجتماعي التي جعلت منها منبراً لتلميع صورة الإدارة الحالية، في ظل تراجع الأداء والنتائج، ومنبراً للتهكم على الرئيس السابق للنادي خوان لابورتا وأساطير ونجوم الماضي على غرار غوارديولا، تشافي وكارليس بويول.
التقارير الصحافية تحدثت عن تشويه الشركة ذاتها لصورة بعض نجوم الفريق الحاليين على غرار ميسي وبيكي وغريزمان الذين تعرّضوا بدورهم لانتقادات جماهيرية منظمة تصاعدت مع تراجع أداء الفريق ونتائجه، ودفعت رئيسَ نادي برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو، إلى فسخ العقد مع شركة “أي 3 فنتشورز” للعلاقات العامة التي سببت الزلزال الذي ضرب معقل النادي.
رئيس النادي دعا بسرعة إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الإدارة، المدير المالي قدّم استقالته، وميسي خرج عن صمته، في محاولة لطمأنة العشاق إلى أن مشكلته مع أبيدال صارت من الماضي، وممارسات الشركة المشبوهة لم تتأكد بعد، وقال في حوار طويل مع راديو كتالونيا إنه سيشعر بخيبة أمل كبيرة في حالة إخفاقه في التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا الذي ضاع منهم في الموسمين السابقين. ميسي وعد الأنصار بالفوز بلقب لاليغا هذا الموسم، رغم صعوبة المهمة بعد تعثر الفريق في عدد من المباريات وتراجع مستوى أداء عدد من اللاعبين.
تصريحات ميسي لم تمنع العشاق في منصات التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام من التعبير عن قلقهم من وضعية غير معهودة للنادي الكتالوني الذي كان دائماً بعيداً عن المشاكل والفضائح، رغم كلّ الأنظار المصوبة نحوه، ليجد نفسه في وضع لا يُحسَد عليه، قد يكون له انعكاسات سلبية على نتائج الفريق هذا الموسم، ما ينعكس سلباً على المستقبل القريب للنادي في ظلّ الحديث عن قرب مغادرة لويس سواريز والإصابات المتكررة لديمبيلي وبداية نهاية بيكيه التي تقتضي البحث عن بديل يقود دفاعاً لم يعد كما كان. أما الحديث عن رحيل ميسي، فلا أحد يريد التفكير فيه حالياً، ولا أحد يريد التفكير في مرحلة برشلونة ما بعد ميسي الذي يقال إن الرئيس بارتوميو أخرجه للإعلام عمداً حتى يُخفف من وطأة الصدمة التي خلّفتها الأزمات المتعاقبة أخيراً، ويطمئن العشاق إلى أن الفريق بعيدٌ عن كلّ الهزات والأزمات.
طمأنات ميسي لم تغلق الملف كلياً، خاصة أن الأزمة كانت مفاجئة، متعددة الجوانب الإدارية والفنية والإعلامية، سندرك حجم تأثيرها مع الوقت عندما تؤدي إلى تراجع النتائج، أو تؤدي إلى تحفيز اللاعبين على تجاوزها بالفوز على الريال في مدريد وتخطي عقبة نابولي، ومن ثم الاستمرار في المنافسة على لقب دوري الأبطال، وهي المأمورية التي لن تكون سهلة في ظل قوة الريال محلياً وأوروبياً، وقوة ليفربول الذي يسعى إلى الوصول إلى نهائي الكبار للمرة الثالثة على التوالي والتتويج باللقب للمرة الثانية على التوالي، وكذا الضغوطات الإعلامية والجماهيرية التي ازدادت هذه الأيام.
في العادة الأزمة تولد الهمة، لكن البرسا غير متعود لأزمة قد تولد “همّاً”، لا “همّة”، لا يقدر على تجاوزها حتى ميسي في أفضل أحواله.
حفيظ دراجي
العربي الجديد 22 فبراير 2020