الإعلامي حفيظ دراجي في حوار حصري وخاص للبوصلة
تسعد جريدة البوصلة الإلكترونية بأن يكون أول ضيوفها هو الإعلامي الجزائري النجم حفيظ دراجي، الذي فتح قلبه ..ليجيب على أسئلتنا، و التي هي قطعا تساؤلات الكثير من أبناء الوطن.. الذّين يرون في حفيظ دراجي القدوة..و مثال النجاح ..
حفيظ دراجي عرفناه منشطا بالتلفزيون الجزائري للرياضة، و معلقا ناجحا بلغت شهرته اليوم العالم ..عرفناه أيضا بصاحب المواقف السياسية التي تسببت في حدوث إعاصير و مد و جزر في حياة الرجل، و في مكانته بين الناس.
تعالوا لنقرأ ما قاله حفيظ دراجي للبوصلة.
البوصلة: الإعلامي حفيظ دراجي عرفناه مذيعا و معلقا رياضيا وهو من أفضل من اشتغلوا بهذا الميدان، حدثنا كيف انتقلت إلى النشاط السياسي و تحليل الأحداث ؟.
حفيظ دراجي : مرحبا بكم، أولا أنا معلق رياضي، و مذيع كما أشرت، و لكنني لم أنتقل من الرياضة إلى السياسة ، و لو أن هذا الأمر يبقى واردا و يمكن لأي إعلامي ان يكتب في كل المجالات، من وجهة نظري الإعلامي يبقى إعلاميا، أنا لم أدرس الإعلام الرياضي حصرا، و لكني درست في معهد العلوم السياسية و الإعلامية، و انا اخترت المجال الرياضي بعد ذلك، و سبق لي أن اشتغلت كمدير الأخبار و نائب مدير عام التلفزيون، و قدمت برامج سياسية و ثقافية ورياضية ..و نشطت في مناسبات عديدة للتلفزيون، و أنا عمري ما اعتقدت بأني أكتب في السياسة، بل أكتب في شؤون بلدي على تنوعها، و اكتب مدافعا على بلدي في كل الظروف .. لهذا أنا أكتب لبلدي في كل المجالات. و الإعلامي يجب أن يتفاعل مع شؤون بلده، و كانت أول مناسبة كتبت فيها عن شأن وطني بمناسبة مباراة أم درمان و ما حدث فيها سنة 2009، ثم تطورت سنة 2012 أصبحت أكتب في كل ما يتعلق ببلدي و ليست السياسية فقط كما تفضلت، و كانت البداية عندما قال بوتفليقة ذات يوم طاب جناني لكنه تراجع وأعلن ترشحه الرابعة فبدأت في التعبير عن موقفي المعارض
البوصلة: لماذا غادر حفيظ دراجي الجزائر سنة 2008؟
حفيظ دراجي : يطول الحديث عن الأسباب التي دعتني إلى المغادرة، كثير من الجزائريين غادروا قبلي و بعدي لأسباب مختلفة من منطلق حق الهجرة، صراحة لم أكن أفكر في مغادرة بلدي، حيث جاءتني عروض عديدة أولها سنة 1994 من قناة MBC، ثم بعدها قناة
( أبو ظبي).. سافرت هناك قضيت أسبوعا ثم رجعت، ثم عرض آخر من شبكة ART..ثم الجزيرة الرياضية.. بقائي ليس حبا في الوطن فحسب، لأن كثير من الجزائريين في الخارج يحبون وطنهم ، و لكن اضطريت في مارس 2008 أن أقدم استقالتي من التلفزيون حيث كنت أشغل منصب نائب المدير العام، و ذلك بعد أن بلغني بأن بوتفليقة و شقيقه لا يرغبان في رؤيتي، و هذه أول مرة أقولها.. فبحثت في العروض المقدمة لي من art و الجزيرة ..ففضلت الجزيرة و السفر إلى قطر بعدما دفعت إلى المغادرة، و أقول الآن شكرا لمن دفعني إلى المغادرة حيث تعلمت الكثير، و عرفت الكثير، و ازدادت خبرتي في الحياة. حيث أصبح لدي بعد عربي وعالمي.
البوصلة: هل يمكننا القول بأن حفيظ دراجي يعيش في المنفى ؟.
حفيظ دراجي : أبدا ..كيف ذلك، المنفى لا نعيشه بالجسد، فهناك من يعيش في الجزائر و لكنه في منفى، و هناك من هم خارج الجزائر و يعيشون في وطنهم، الوطن يسكن فينا، و لم أشعر يوما بأنني غادرت بلدي، و أنا الآن أقوم بكتابة مذكراتي التي عنونتها ” لم أغادر بلدي” سبحان الله أن تسألني هذا السؤال في الوقت الذي أقوم فيه بتأليف كتابي الذي يحتوي على مذكراتي ..و فيها أشياء رهيبة جدا. .. ثم أنا في قطر و قطر بلد عربي مسلم و أجد فيه الكثير من الراحة و الترحاب و الكرم والتقدير والاحترام .
البوصلة : لاحظنا من خلال صفحتك على الفيسبوك بأنك تعرضت إلى هجمة شرسة بسبب مواقفك، هل أثرت هذه الهجمة على نجومية حفيظ دراجي في الإعلام الرياضي ؟
حفيظ دراجي : الحياة مواقف ..و تعلمت منذ طفولتي بأن أعبر عن رأيي، و تعلمت المواجهة، و حتى في التلفزيون كنت أعبر عن وجهة نظري، رغم أنني كنت محكوما بمبدأ واجب التحفظ، ومع ذلك كنا نقول كلاما لبعضنا البعض لا يقوله المسؤولون، فما تسميه أنت بالهجمة لا يؤثر علي، و أنا مقتنع و ضميري مرتاح، لا أستفز و لا أسب الناس، لأنني إعلامي و أعرف معنى الكلمة، و لن تجد في تاريخي بأنني شتمت شخصا ..أو سببته، الناس الذين كنت أكتب عنهم و هم في مواقعهم بما فيهم الرئيس بوتفليقة و شقيقه و غيرهم ممن كانوا في مواقعهم، و لكن بعد سقوطهم لم أفعل ذلك، لأنني إعلامي و لدي التزام بأخلاقيات المهنة. و أحبذ مواجهة الأقوياء وهم في مواقعهم وليس الموتى او المحرومين من حريتهم لأنهم لا يقدروا على الدفاع عن أنفسهم
البوصلة: لو تستدعى من الدولة الجزائرية لتولي حقيبة وزارة الشباب و الرياضة أو الإعلام في عهد الرئيس تبون هل ستلبي النداء ؟.
حفيظ دراجي : لا طبعا، لأن الأمور صعبة جدا فى هذا الظرف، ليس خوفا من المسؤولية و لكن خوفا من الله و تخوفا من الشعب، لأن درجة وعي الشعب الجزائري اليوم كبيرة و كبيرة جدا، و يجب على كل مسؤول أن يحسب ألف حساب لذلك قبل اتخاذ أي قرار من منصبه.
شخصيا أعتقد بأن هناك الكثير من هم أفضل مني، و لقد بلغت الآن السن الذي يجبرني على ترك المجال للجيل الصاعد، و الجزائر بحاجة إلى نفس جديد ، و أنا أعتبر نفسي من الجيل القديم. مبدئيا سأرفض ..و لكن لا أحد يدري ربما تتغير الظروف.
البوصلة : لو تغيرت الظروف هل ستقبل أن تكون وزيرا ؟
حفيظ دراجي : أقول مبدئيا أرفض، إلا إذا تغيرت المعطيات الموضوعية ..يعني ما يتعلق بالعرض والظروف أكثر مما يتعلق بشخصي، فأنا بمثابة الجندي الذي يقف مع وطنه ليدافع عنه .. سأكون آخر من يقبل هذا المنصب إذا تطلب الظرف ذلك.
البوصلة : هل صحيح بأن حفيظ دراجي صرح للصحافة بأنه كان مع العهدة الثالثة لبوتفليقة و هل ندم على موقفه من فتح العهدات لبوتفليقة؟
حفيظ دراجي : لم أصرح بهذا الكلام أبدا في حياتي انا غادرت الجزائر سنة 2008 قبل تغيير الدستور، و في العهدة الثالثة كنت في الدوحة، حتى لما كنت في التلفزيون الجزائري كانوا يقولون عني بأنني ” لست نتاعهم”..حتى قيل لي نحن لا نريدك ، و سعيد بوتفليقة قالها صراحة بأن حفيظ مش نتاعنا ..و أنا فخور بذلك و لم أقف معهم في المهرجانات و لا الحملات، و أتحدى من يثبت عكس ذلك. ..أنا كنت وقتها ملتزما بالحياد. أما ما تكلمت عنه بخصوص تصريحي لجريدة النهار لا أساس له من الصحة و خرافي، لأنني أصلا تركت الجزائر في مارس 2008 و النهار نشرت ذلك التصريح في أكتوبر 2008، فكيف ذلك ؟. طيب و لنفرض بأنني كنت مع العهدة الثالثة، هناك أشخاص كانوا مع العهدة الخامسة و مع ذلك نراهم تصدروا المشهد على أنهم أبطال الحراك ..أنا كنت معارضا للعهدة الثالثة و الرابعة والخامسة و مقالاتي موجودة .و كنت من ضمن الذين استشاروهم في حراك 22 فيفري و أيدته بقوة ودعوت إلى المشاركة فيه منذ تواصل معي بعض النشطاء في 3 فبراير 2019 . من أجل إنقاذ الجزائر من العصابة و هذا ما حدث فعلا و الحمد لله .
البوصلة : مقالك المشهور ” شكرا أيها الجنرال” و كنت تقصد توفيق وقتها، و لقد أثار الكثير من الجدل فهل يمكن أن تشرح لنا خلفيات كتابة هذا المقال و علاقتك بتوفيق ؟
حفيظ دراجي : يجب أن تضع ذلك المقال في سياقه وفي وقته انذاك سنة 2015 ، حيث كتبت قبله بأسبوع ” يجب أن ترحلا ” ..و طلبت من التوفيق أن يرحل هو و بوتفليقة، أتحدى أي واحد كان فى ذلك الوقت يمكن أن يطلب منهما الرحيل.. أنا لم ادافع عن الشخص بل شكرت الرجل من حيث أنه ذهب و رحل في صمت وهو رب دزاير كما كان يوصف. أنا الآن مثلا دافعت على مبدأ حرية لويزة حنون ..رغم اختلافي معها و لم ألتق بها، السيدة تمارس السياسة المعارضة و انتقم منها فأخذت إلى السجن..ثم أطلقوا سراحها بعد اتهامها بتهم خطيرة جدا تمس أمن الدولة، و هي في ذلك الوقت بصفتها رئيسة حزب التقت مع مستشار رئيس في وقت ناس كانت تحلم بأن تلتقي به و يكلمها في التلفون، واناس كانت تخضع له وتنفذ أوامره. إذن يجب أن نعيد التصريحات إلى سياقها .
البوصلة : في الذكرى السنوية الأولى للحراك، هل حقق الحراك كل مطالبه ؟.
حفيظ دراجي : أكبر انتصار للحراك هو استمراره لمدة سنة، أعتقد بأن الحراك انتصر للشعب ذهنيا و معنويا و نفسيا و سياسيا، الوعي هو أكبر انتصار للحراك، الحراك اوقف العهدة الخامسة، و سجنت وجوه من النظام و مازالت أخرى، الحراك كشف معادن الناس، و لا يستطيع أحد أن يتصرف في الجزائر كما لو أنها ملكية خاصة .
في انتظار الانتصار الكبير وهي تحقيق المطالب الكبرى و هي رحيل النظام ..ليس النظام كأشخاص فقط، بل ممارسات و أفكار. و تغيير الفكر السياسي و الثقافي و الاقتصادي الموجود في الجزائر منذ الاستقلال إلى اليوم .
مازال هناك تضييق و خنق للحريات، و نحن نريد حرية أكبر مع احترام المؤسسات.
تبون بالنسبة لي هو رئيس الجزائر و يجب احترامه كرئيس للجمهورية، وهو أمر واقع .. لست مع الإساءة له فهو لم يعد شخصا عاديا، و لكن يجب أن ننتقده ..دون أن نقل أدبنا أو نسيء إلى مؤسسات الدولة.
البوصلة : قرأنا عن كتابك” فى ملعب السياسة” و لكننا لم نقرأه.. لأنه لم يصل إلى الجزائر، حدثنا عن هذا الكتاب ..
حفيظ دراجي : كتاب في ملعب السياسة هو عبارة عن بانوراما يحتوي مجموعة من المقالات و المنشورات .. و خلاصة أفكاري منذ سنة 2012، فهو بانوراما من مواقفي و أفكاري و آرائي.. في مختلف المجالات .. سياسيا و ثقافيا ورياضيا، و تحدثت حتى عن مشاركة الجزائر في المونديال.
تحدثت أيضا عن سعيد بوتفليقة و أرباب المال و كل ما مافعلوه في حق الوطن من اغتصاب و ظلم و فساد.
الكتاب هو وثيقة لتأريخ مرحلة حساسة من تاريخ الجزائر .
في انتظار كتابي القادم ” لم أغادر وطني” و هو مذكراتي حيث ستجدون فيه الكثير من المفاجآت، من محطات حياتي و لقاءاتي مع الشخصيات الفاعلة.
البوصلة : البوصلة جريدة إلكترونية جديدة، اخترنا من خلالها الخطاب الإعلامي المتوازن، نريد منك كلمة أخيرة.
حفيظ دراجي : يجب أن تحافظوا على بوصلتكم أنتم ..نتمنى أن تكون مزيجا بين المهنية و الخبر اليقين و احترام الناس و المؤسسات و عدم الولوج إلى الخصوصيات، يعني النقد يتعلق بعمل المسؤولين بعيدا عن حياتهم الشخصية .
أتمنى أن يتحلى موقعكم بالكثير من المهنية بمرافقة المستجدات ..و مرافقة الجزائريين ..و إن شاء الله تصبحوا رقم واحد جزائريا و عربيا لما لا ..
حاوره :
– مصطفى بونيف
– باهي ابراهيم
16 فبراير 2020