تعويض رونالدو بعد عشر دقائق من بداية الشوط الثاني في المواجهة التي جمعت اليوفي بالميلان في الدوري الايطالي، ومغادرته الملعب قبل انتهاء المباراة، صنع الحدث في أوساط جماهير اليوفي وفي كل وسائل الاعلام الايطالية والعالمية، التي لم تتعود على هكذا سيناريو مع النجوم، فراحت تحلل وتتناقش وتتكهن في ظل صمت الادارة ورونالدو، واكتفاء المدرب ساري بالاشارة الى آلام يشعر بها النجم البرتغالي على مستوى الركبة دفعته لاستبداله مع بداية الشوط الثاني بالارجنتيني ديبالا، الذي سجل هدف الفوز، مما خفف الضغط على المدرب الذي وصفته وسائل الاعلام الايطالية بالشجاع الذي لا يتردد في استبدال أي لاعب لا يكون في أفضل أحواله، حتى ولو تعلق الأمر بنجم من حجم رونالدو.
استبدال رونالدو مبكرا أثناء مواجهة الميلان لم يكن الأول من نوعه، بل الثاني في ظرف أسبوع بعد استبداله في مباراة لوكوموتيف موسكو في دوري الأبطال، عندما كانت النتيجة متعادلة، قبل أن ينجح دوغلاس كوستا في تسجيل هدف الفوز في اللحظات الاخيرة، ما جعل المدرب ساري في موقف قوي بعد تللك المباراة، وبعد الفوز الذي تحقق أمام الميلان بفضل البديل ديبالا الذي كان متميزا، علما أن رونالدو لم يكن في مواجهة الميلان سيئا بمفرده، ولا حتى بقية اللاعبين، بل الميلان الذي كان متميزا وقادرا على الفوز في أحسن مباراة خاضها منذ بداية الموسم.
الأمر كان مثيرا للجدل عند من يعتقدون أن ميسي ورونالدو يجب ألا يستبدلا حتى ولو كانا في أسوأ أحوالهما الا بطلب منهما أو بسبب الاصابة، لكن الحدث لدى البعض الآخر، اعتبر الأمر عاديا مع لاعب سبق له الجلوس على كرسي الاحتياط لأسباب مختلفة، وسبق لمدربين آخرين استبداله في الشوط الثاني، خاصة وأنه ليس في أفضل مستواه البدني والفني مع بداية هذا الموسم.
بعض الملاحظين يعتقدون أنه لو قام المدرب ماوريزيو ساري باستبدال رونالدو قبل ربع ساعة من نهاية المباراة مثلا لكان الأمر عاديا بدون رد فعل من رونالدو، رغم ان نجوم الكرة لا يحبذون استبدالهم مثلما صرح ميسي الاسبوع الماضي، عندما قال أنه يفضل بداية المباراة في كرسي الاحتياط ثم يدخل في أي وقت من المباراة عوض أن يبدأ أساسيا ويستبدله المدرب، لكن يبقى ما فعله رونالدو عند استبداله غير لائق ومسيء له ولمدربه وزملائه وناديه، مهما كانت الضغوطات التي يعيشها في بداية هذا الموسم، الذي لم يسجل فيه سوى ستة أهداف في أربع عشرة مباراة في جميع المسابقات، ما سيؤثر عليه في منافسته على التتويج بالكرة الذهبية لمجلة «فرانس فوتبول» التي ستسلم بداية الشهر المقبل.
البعض الآخر من المتابعين يعتقد أن المدرب ماوريزيو ساري سجل نقطة لصالحه، خاصة وأن بديل رونالدو سجل بدوره هدف الفوز بغض النظر عن ملامح التعب التي بدت على رونالدو في اللقاءات الاخيرة وجعلته أقل خطورة مما كان عليها في موسمه الاول. من الناحية الفنية استبدال رونالدو كان ايجابيا أمام الميلان وقبله أمام لوكوموتيف موسكو، وهو الذي جعل المدرب في موقع قوة وأسكت أفواه المنتقدين وحتى ادارة النادي التي لم تعلق ولم تتدخل لحد الآن، رغم علمها أن رونالدو (السلعة والماركة) هو مكسب كبير يجب عدم التفريط فيه بعدما ساهم في زيادة مداخيل النادي.
يومية «لاغازيتا» الايطالية الشهيرة، راحت من جهتها تسابق الزمن وتتحدث عن الانعكاسات السلبية لما وصفتها بحادثة رونالدو على الجانب المالي والاقتصادي للنادي، وذكرت أرقاما تثبت زيادة مداخيل اليوفي منذ التحاق النجم البرتغالي بالنادي، حيث وصل حجمها الى 58 مليون يورو من عمليات بيع أكثر من مليون قميص وبيع التذاكر، اضافة الى ارتفاع عائدات عقود الاشهار مع «أديداس» من 17 الى 42 مليون يورو، وعائدات سيارات «جيب» من 23 الى 51 مليونا، بدون الحديث عن زيادة أعداد المشجعين للنادي ليبلغ 38 مليون مشجع، بحسب أرقام الصحيفة التي حذرت من تفاقم مشاكل رونالدو مع المدرب ساري المطالب بالتعامل مع رونالدو اللاعب ورونالدو القيمة الاقتصادية والمالية والجماهيرية والاعلامية.
الحادث لم يؤثر بالسلب على الجانب الفني للفريق، ولا حتى المالي والاقتصادي اليوم، لكن الأكيد أنه سيؤثر على العلاقة بين ساري ورونالدو الذي كان دائما يتصرف كالأبطال عند الفوز أو الخسارة، لذلك يجب عليه أن يكون بطلا عند استبداله من طرف المدرب، ويتحلى بمزيد من الرزانة، خاصة بعدما تبين أنه شتم المدرب عند خروجه من أرضية الميدان، مما يقتضي منه تقديم اعتذاراته لتجاوز الجدل الحاصل اليوم والحفاظ على صورته كنجم، عندما يكون فوق الملعب، ونجم عندما يغادره أيضاً.
حفيظ دراجي
القدس العربي 14 نوفمبر 2019