تعادل بطل انكلترا مانشستر سيتي على ميدانه أمام توتنهام في الجولة الثانية من الدوري الإنكليزي الممتاز، وبطل ألمانيا البايرن في مباراته الأولى في الدوري أمام هرتا برلين، وخسارة حامل لقب الدوري الفرنسي باريس سان جرمان في رين في مباراته الثانية، كانت كلها مجرد تعثرات لها مبرراتها في بداية الموسم الكروي، لم تزعج أصحابها، ولم تثير التساؤلات ولا علامات الاستفهام، لكن خسارة البارسا في بلباو في أول مباراة له هذا الموسم، صنعت الحدث في أوساط الأنصار ووسائل الاعلام التي عادت للتشكيك في قدرات المدرب فالفيردي على قيادة الفريق نحو المحافظة على اللقب والتتويج بدوري الأبطال، في حين تخوفت أطراف أخرى على مصير برشلونة من دون ميسي الغائب عن المواجهة بسبب الإصابة.
الخسارة رسخت الشك في جدوى ضم أنطوان غريزمان الى البارسا في منظومة لعب تستند على ميسي، وزادت من الضغوطات على رئيس النادي الكتالوني من أجل الإسراع في استعادة نيمار، خاصة بعد رحيل كوتينيو الى البايرن، ما يوحي ببداية موسم صعبة للبارسا في ظل فوز الريال والأتلتيكو في مبارتيهما الأولى لهذا الموسم.
المتذمرون من خسارة البارسا لم تزعجهم الخسارة الأولى من نوعها في افتتاح الدوري منذ عشر سنوات، بقدر تخوفهم من القادم بسبب العجز الفني والتكتيكي الذي ظهر على التشكيلة رغم الكم الهائل من النجوم، وبسبب خيارات المدرب بإبقاء بوسكيتس وراكيتيتش في الاحتياط وعدم استدعاء البرازيلي أرثور، وعجز الفريق عن صناعة اللعب وخلق الفرص مثلما كان يفعل صاحب أكبر معدل استحواذ على الكرة الموسم الماضي والبطل لموسمين متتاليين. صحيح أن غياب ميسي وخروج سواريز مصابا كان لهما أثر كبير على المردود، لكن توظيف اللاعبين فوق أرضية الميدان أمام بلباو من طرف فالفيردي كان سيئا مع التغيير المتتالي لمناصب اللاعبين في الشوط الثاني، ما اثر على فعالية غريزمان ورافينيا وحتى ديمبيلي الذي سيغيب عن التشكيلة لأكثر من شهر بسبب الاصابة، لتتوالى المصائب وتزداد الشكوك أكثر.
أصوات كثيرة ارتفعت طيلة الأسبوع تطالب برحيل فالفردي من الأن قبل فوات الأوان، وهي نفسها التي طالبت نهاية الموسم الماضي برحيله بعد اخفاقه الغريب في نصف نهائي دوري الأبطال أمام ليفربول وتضييعه لكأس الملك في نهاية الموسم، لكن السؤال الكبير الذي يطرح على هذه الاصوات من سيعوض فالفيردي؟ وهل يوجد حاليا في السوق مدرب مناسب بدون ناد يمكن انتدابه؟ وهل هو الوقت المناسب للتخلي عن المدرب وانتداب مدرب جديد ان وجد؟ مسيرو النادي يعرفون الإجابة لذلك يصعب عليهم المغامرة بالتخلي عن المدرب الا إذا تعثر مجددا واشتدت الضغوطات الإعلامية والجماهيرية، وهو الأمر الوارد في غياب ميسي وسواريز وديمبيلي وعدم تأقلم غريزمان بسرعة مع منظومة لعب البارسا التي تستند على النجم ميسي الذي يرغب بدوره في عودة نيمار ويضغط من جهته على الإدارة من أجل ذلك.
أكيد أن المنقذ الذي يغطي على كل النقائص والهفوات لن يكون بالضرورة فالفيردي أو مدرب جديد، بل سيكون ميسي الذي سيضطر للعودة سريعا رغم الاصابة، لكن ماذا لو لم يكن ميسي موجودا اليوم؟ ماذا عن برشلونة بعد رحيل ميسي؟ وكيف ستكون كرة القدم أصلا من دون ميسي؟ أما المنقذ المؤقت للرئيس بارتوميو قد يكون استقدام نيمار الذي يصارع من أجله رغم التعقيدات التي تحيط بالصفقة مع دخول الريال بقوة في خط المنافسة ليزيد من تعقيد الأمور على البارسا مع بداية الموسم، خاصة وأن التقارير الإعلامية تشير الى تعنت إدارة باريس سان جيرمان التي تستثمر في أوضاع رفقاء ميسي لتفتك المقابل الذي تريده نظير التخلي عن نجمها البرازيلي وتجاوز المنافسة القوية لإدارة الريال لاستقدام نيمار إضافة الى التقارير الإعلامية غير المؤكدة التي تتحدث عن رغبة اليوفي في تقديم عرض مالي مع الاستغناء عن ديبالا لصالح البياسجي ما سيزيد من سقف المقابل المطلوب.
كل الاحتمالات تبقى واردة، بما في ذلك استمرار نيمار مع الفريق الباريسي، خاصة وأن آخر المستجدات تقول أن النادي الباريسي لم يقبل بعرض البارسا بإعارة نيمار مع إمكانية الشراء الموسم المقبل، بل يريد 120 مليون يورو إضافة الى المدافع سيميدو ولاعب آخر، وهو الأمر الذي كان يرفضه البارسا قبل الخسارة أمام بلباو في افتتاح بطولة «لاليغا» لكن بعدها ازدادت الضغوطات الإعلامية والجماهيرية، وضغط الريال وربما اليوفي، ازدادت معها حاجة النادي الكتالوني الى بذل جهد إضافي لإسكات كل الأفواه التي تطالب برحيل المدرب والرئيس في ظل بداية موسم لا تشبه البارسا تماما، وقد يكون لها انعكاس كبير على النتائج، خاصة وأن الوقت لم يعد في صالحه مع اقتراب الثاني من سبتمبر/أيلول، تاريخ غلق سوق الانتقالات، لكن يبقى فالفيردي هو المشكلة في البارسا وليست عودة نيمار من عدمها.
حفيظ دراجي
القدس العربي 22 أغسطس 2019