hafid derradji

هل هو عهد جديد أم مجرد انتفاضة في أوروبا؟

منافسة دوري الأمم الأوربية بعد جولتها الاخيرة أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك بأن منتخب ألمانيا لم يستفق من غيبوبته إثر خسارته الجديدة أمام بطل العالم فرنسا للمرة الثانية على التوالي في ظرف ثلاثة أيام بعد تعرضه السبت الماضي لأكبر خسارة منذ أكثر من عشرة أعوام أمام هولندا بثلاثة أهداف مقابل لا شيء، وهي النتيجة التي أسالت الكثير من الحبر وردود الفعل مثلما كان لفوز الطواحين وقع كبير يقود للتفاؤل بمستقبل منتخب كان الغائب عن بطولة كأس أمم أوربا 2016 وبطولة كأس العالم 2018، وهو الأمر نفسه الذي حدث لمنتخب إيطاليا بعد فوزه خارج القواعد في بولندا. إيطاليا تبحث عن إعادة مجد ضائع بعد اقصائها من التأهل إلى مونديال روسيا الأخير لأول مرة منذ أكثر من ستين عاما، أما خسارة إسبانيا التاريخية على ميدانها فقد كانت امتدادا لتألق إنكلترا في مونديال روسيا وتأكيدا متواصلا على صحوتها.

الألمان الذين تعادلوا في لقائهم الأول أمام بطل العالم فرنسا تعرضوا لخسارة كبيرة أمام هولندا ثم ضد فرنسا البارحة ما زاد من يقين المتشائمين بالمستقبل والذين عارضوا في وقت سابق تجديد عقد يواخيم لوف إلى غاية 2022 رغم اخفاقه في مونديال روسيا بعد اثني عشر عاما قضاها على رأس المنتخب، شارك معه خلالها في ثلاث نهائيات كأس العالم وثلاث نهائيات لكأس بطولة أوروبا للأمم، لكنه تعرض لأول مرة منذ ثلاثة وثلاثين عاما للهزيمة السادسة خلال سنة واحدة. أغلب الألمان هاجموا المدرب وأبدوا تشاؤما كبيرا بالمستقبل إذا استمر يواخيم في قيادة المنتخب بنفس الفلسفة وبجيل منتهي الصلاحية.
متشائمون آخرون في ألمانيا عادوا في مختلف وسائل الاعلام يتحدثون عن ضرورة تطعيم التشكيلة بجيل جديد من اللاعبين لإعطاء نفس آخر للمانشافت خاصة من ذلك الجيل الذي توج بكأس القارات 2017 واستغنى عنه المدرب بمناسبة مونديال روسيا في وقت يواصل الاعتماد على نفس التوليفة التي قادته للفوز بكاس العالم 2014 بقيادة نوير وهوميلز وبواتينغ ومولر، بالموازاة مع الاستمرار في تهميش براندت وليروي ساني الذي حرمه من المشاركة في المونديال الأخير لأسباب واهية!

هولندا التي قست من جهتها على ألمانيا بنتيجة ثقيلة، حققت أول فوز لها على الجار في الستة عشر عاما الأخيرة، ودشنت في اعتقاد الكثيرين عودة الكرة الهولندية الى السكة التي حادت عنها بغيابها عن «يورو 2016» ومونديال روسيا 2018 وهي التي حازت على المركز الثالث في مونديال البرازيل. الطواحين كانوا بحاجة الى مباراة مثالية كتلك التي لعبوها أمام ألمانيا لإعادة الثقة للجيل الجديد بقيادة «أطفال» أياكس الذين أسالوا العرق البارد للبايرن منذ أسبوعين في دوري الأبطال عندما تعادلوا معه في ميونيخ بنتيجة يبدو أنها لم تكن خادعة بعد الوجه الذي ظهر به أشبال كومان في دوري الأمم الأوروبية.

أما إيطاليا الغائبة بدورها عن مونديال روسيا الأخير فقد تحول اليأس الذي أعقب خسارتها أمام البرتغال إلى تفاؤل كبير بالمستقبل بعد الفوز على بولندا خارج الديار رغم الأداء الشاحب الذي لم يرق بعد إلى تطلعات الإيطاليين إثر مواجهة كانت مصيرية في نظر الكثير من المتابعين، لأنها كانت ستطيح به إلى المستوى الثاني في النسخة الأولى لدوري الأمم الأوروبية، ما كان سيقودها الى احتمال مواجهة منتخبات كبرى في التصفيات المؤهلة لبطولة كأس أمم أوروبا 2020 وتصفيات كأس العالم 2022.

مانشيني حقق فوزه الثاني مع إيطاليا كمدرب للمنتخب، والأول له بشكل رسمي في مباراته الثالثة في دوري الأمم الأوروبية ليحافظ على شباكه نظيفة لأول مرة بعد ثماني مباريات متتالية على المستويين الرسمي والودي، وكانت في ذلك الوقت أسوأ سلسلة للأزوري منذ تسعة وخمسين عاما. مانشيني تنفس الصعداء بعد الفوز وراح يتحدث عن «عهد جديد» في وقت لا يزال الحذر يطبع ردود فعل الكثير من المختصين الذين سجلوا نقائص كبيرة لا يزال المنتخب يعاني منها ومن عقدة الغياب عن المونديال الأخير لواحد من عمالقة الكرة العالمية.

أما فوز إنكلترا على اسبانيا في اشبيلية فقد كان تاريخيا بامتياز لأنه بصم على أول خسارة للماتادور بالثلاثة على ميدانه في مباراة رسمية وأكد صحوة المنتخب الإنكليزي الذي بلغ نصف نهائي مونديال روسيا الأخير، ما يؤكد على تحولات عميقة تشهدها الكرة الأوروبية على مستوى المنتخبات بأجيالها الجديدة من اللاعبين الذين ينشطون في أقوى الدوريات الأوروبية وأكثرها اثارة، فهل نحن أمام عهد جديد أم إننا أمام مجرد انتفاضة ظرفية سرعان ما تهدأ ويعود بعدها كل واحد الى حجمه الحقيقي ليستمر تألق الألمان والاسبان وتتأجل عودة الايطاليين والهولنديين الى الواجهة، سهل أن تقرأ ما حصل وصعب أن تتوقع ما سيحدث رغم تأكيد الكثيرين على مقولة إن الكبار يمرضون ولا يموتون.

حفيظ دراجي

القدس العربي 18-10-2018

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل