hafid derradji

رونالدو… هل هو طفل كبير؟

بعدما صنع الحدث بغيابه عن حفل الاتحاد الأوروبي لاختيار أفضل لاعب في القارة، ها هو رونالدو يصنع الحدث بغيابه مجددا عن حفل الفيفا لاختيار الأفضل لسنة 2018 بعدما تأكد له بأنه لن يكون المتوج، وبعدما صنع الحدث والجدل برد فعله إثر تلقيه أول بطاقة حمراء في مشواره في دوري الأبطال عندما واجه بلنسية بقميص فريقه الجديد يوفنتوس، أمر أعتبر من طرف رونالدو وبعض المتابعين بأنه مؤامرة يراد من خلالها الإنتقام منه إثر غيابه عن حفل الاتحاد الأوروبي لاختيار أفضل لاعب للسنة، ويرى منه أيضا تصفية حسابات من ادارة الريال التي لم تغفر له مغادرته النادي.

صحيح أن احتساب الخطأ من عدمه في كرة القدم يعود لتقدير حكم المباراة، لكن عندما يتعلق الأمر بحالة طرد لرونالدو مباشرة بعد انتقاله من الريال الى اليوفي، فإن الأمر يصبح مثيرا للجدل ويطرح الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، خاصة بسبب الضغوطات المفروضة عليه إعلاميا ونفسيا منذ قرر مغادرة الريال، وبعد صومه عن التهديف في الجولات الثلاث الأولى قبل أن يسجل ثنائية أمام ساسولو ويضيف الثالث الى رصيده في مواجهة فروزينوني.
بغض النظر عن مشاعر رونالدو ومدى استحقاقه للبطاقة من عدمه، فإن رد فعله بعد تلقيه البطاقة الحمراء ووجهه الباكي كالطفل الصغير كان بمثابة الحدث الذي انقسم بشأنه المحللون، بين من اعتبر رد فعله عادية وطبيعية لنجم كبير لا يقبل الخسارة، ومن اعتبرها مبالغة منه للتغطية على اخفاقه في الاحتفاظ بلقبي الأفضل أوروبيا وعالميا، ولكسب التعاطف والحصول على عقوبة مخففة.

تتويج رونالدو من عدمه بلقب أفضل لاعب في العالم لسنة 2018 لم يكن حدثا، لأن الكل كان يعلم أن الكرواتي لوكا مودريش أفضل لاعب في أوروبا وفي كأس العالم الأخيرة هو الذي سيتوج باللقب العالمي، وكان الكل يترقب حضور النجم البرتغالي الحفل من عدمه، فصنع الحدث مجددا بغيابه في سابقة فريدة من نوعها اقترنت بغياب ميسي الذي كان ضمن التشكيلة المثالية ولم يكن ضمن قائمة المتنافسين على التاج، ما زاد من تذمر المتابعين الذين لم يرق لهم تصرف النجمين المسيطرين على تتويجات الفيفا والاتحاد الأوروبي طيلة السنوات العشر الماضية، ما أفقد الحفل نكهته واعتبر بمثابة قلة احترام تجاه الفيفا وعشاقهما وجماهير الكرة التي خاب ظنها في نجمين كبيرين لم يتقبلا بأن يذهب التتويج الى لاعب آخر غيرهما.

لا أحد يشكك في قدرات ميسي ورونالدو باعتبارهما الأفضل على مدى سنوات العقد الأخير، ولا أحد يقلل من قيمة  انجازات رونالدو سنة 2018 التي صار فيها أول لاعب في التاريخ يتوج خمس مرات بلقب دوري الأبطال، وأول لاعب في تاريخ المنافسة يسجل أحد عشر هدفا في مباريات متتالية، وحقق لقب أفضل هداف في دوري الأبطال للمرة السادسة على التوالي بخمسة عشر هدفا، وصار رابع لاعب في التاريخ يسجل في أربع نهائيات متتالية لكأس العالم، ليصبح أفضل هداف أوروبي مع المنتخب بتسجيله مئة وتسعة أهداف، لكن لا أحد بالمقابل بامكانه التشكيك في تتويج الكرواتي لوكا مودريتش باللقبين الأوروبي والعالمي، وبأنه كان الأفضل سنة 2018 في تقدير المدربين واللاعبين والاعلاميبن الذين اختاروه الأفضل بالنظر لوزنه في الريال الذي توج معه بدوري الأبطال للمرة الثالثة على التوالي، ووزنه في منتخب كرواتيا الذي بلغ معه نهائي كأس العالم في روسيا.

بتصرفه المبالغ فيه إثر حصوله على البطاقة الحمراء في دوري الأبطال، وغيابه عن حفلي الاتحاد الأوروبي والفيفا أثبت رونالدو بأنه «طفل كبير» لا يقبل الخسارة، ولا يقبل أن يكون الثاني أو الثالث رغم تصريحات رئيس الريال فلورنتينو بيريز الأخيرة التي أشاد فيها بالنجم البرتغالي واعتبره ثاني أفضل لاعب في تاريخ الريال بعد ألفريدو ديستيفانو، معددا انجازاته التي تصل الى ستة عشر لقبا، بينها خمسة في دوري الأبطال، مسجلا معه 451 هدفا في ظرف تسعة مواسم. لكن المقربين من رونالدو اعتبروا حرمان الابن المدلل من تتويجات الاتحادين الأوروبي والدولي فيها رائحة انتقام من ادارة الريال الذي غادره، وحرمانه من لقب جائزة «بوشكاش» لأحسن هدف فيها إنتقام من الفيفا على غيابه عن الحفل مثلما كانت البطاقة الحمراء في نظر رونالدو انتقاما منه على غيابه عن حفل الاتحاد الأوروبي.

الحفلان افتقدا هذا العام للكثير من النكهة في غياب «الطفلين» عن منصة التتويج التي تعودت على تداولهما على مدى عشر سنوات، وهو أمر لا يليق برونالدو ولا ميسي، لكن ذلك لا يمنعنا من طرح تساؤلات بشأن المعايير التي اعتمدتها الفيفا في اختيارها البلجيكي تيبو كورتوا أفضل حارس في العالم مقابل عدم اختياره في التشكيلة المثالية، واختيار داني ألفيش في نفس التشكيلة بدون أن يتألق مع فريقه ومنتخب بلاده، وكذا ابعاد محمد صلاح عن التشكيلة المثالية وهو الذي كان مرشحا للفوز بجائزة أفضل لاعب لتتم ترضيته بجائزة «بوشكاش» كصاحب أفضل هدف لم يكن هو الافضل في نظر الكثيرين، ومع ذلك كان على ميسي ورونالدو الحضور من أجل سمعتيهما وعشاقهما في العالم.

الدموع قد تفضح المشاعر التي يخفيها أي لاعب، والروح الرياضية تكرسها المواقف حتى ولو كانت الملامح طفولية، وحتى ولو كان الأمر يتعلق برونالدو وميسي.

حفيظ دراجي

نشر في القدس العربي بتاريخ 27 سبتمبر 2018

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل