«السبشيال وان» تلقى أثقل هزيمة له على أرضه في مشواره التدريبي على مدى ثمانية عشر عاما مع كل الأندية التي أشرف عليها منذ البرتغال مرورا بإيطاليا واسبانيا وانكلترا، وتعثر للمرة الثانية في ثلاث جولات فقط منذ انطلاق الدوري بعد خسارته أمام الفريق المتواضع برايتون ثم توتنهام على أرضه، ما جعل الجميع يتحدث عن أزمة نتائج وأداء ومشاكل في غرف الملابس مع الفرنسيين مارسيال وبوغبا ومع المدير التنفيذي للنادي الذي يعتقد أن مورينيو ليس في حاجة الى تدعيم الفريق بمدافعين جدد بقدر ما هو بحاجة الى مشروع لعب يقود الفريق نحو التتويج بالاستثمار في التشكيلة الحالية وتحسين علاقاته مع اللاعبين.
مورينيو في ندوته الصحافية بعد المباراة تهكم على الصحافيين واستقوى على كل سائل بدعم الإدارة ودعم جانب من الجمهور الذي صفق له في الملعب وعبر عن وقوفه الى جانبه، لكنه غفل على أن الأمر تعلق ببضعة مئات فقط من الجماهير بعدما غادر الآلاف مدرجات «أولد ترافورد» قبل النهاية احتجاجا على النتيجة المذلة التي وصفها بوغبا بالصدمة، خاصة وأنها جاءت في الجولة الثالثة من بداية الموسم، وكانت الثانية على التوالي، في وقت حقق توتنهام وتشلسي ثلاثة انتصارات وحصد المان سيتي انتصارين وتعادلا، ما جعل الكثير من المتابعين يتوقعون اقالة البرتغالي صبيحة اليوم التالي، لكن ذلك لم يحدث لأن الأمر يتعلق بمورينيو من جهة ويتعلق بمانشستر يونايتد العريق بتقاليده الكروية التي تجعله يصمد أمام مثل هذه الهزات ولا يتأثر بردود فعل جانب من الصحافة البريطانية والجماهير الغاضبة.
في المقابل ذهب الكثير من التقارير الصحفية صبيحة اليوم التالي «للصدمة» للحديث عن المرشحين لخلافة مورينيو على غرار زيدان وكونتي وحتى الاسباني روبرتو مارتينز، في حين ذهب لاعب المان السابق غاري نيفل الى دعوة الإدارة لتجديد الثقة في مورينيو واعطائه فرصة لتحقيق الانتفاضة المرجوة.
نيفل في تصريحاته ذكر بإقالة كل من لويس فان خال وقبله ديفيد مويز من على رأس المان يونايتد قبل مجيء مورينيو في سابقة لم يشهدها النادي في تاريخه العريق، وأثرت كثيرا على توازنه الذي لم يتمكن من استعادته بعد. كل المؤشرات على الأقل لحد الآن، توحي بأن مورينيو لن يستسلم ولن يرحل، لأن نرجسيته ستدفعه للبقاء والاستمرار في رفع تحد جديد في ظروف تبدو أصعب بكثير مما يتصوره هو شخصيا، خاصة وأن الضغط سيزداد عليه وعلى لاعبيه الذين أبدوا تضامنهم معه لأنهم يتحملون بدورهم جزءا من المسؤولية من الناحية الفنية، أما إدارة النادي فلن تتسرع من جهتها رغم توفر البدائل في السوق، بل ستعطي فرصة أخرى لمدربها الذي لا يزال يربطه بالنادي عقدا ينتهي صيف 2020. كل شيء متوقف على حجم الضغوطات التي سيتعرض لها المدرب والإدارة من طرف الجماهير ووسائل الاعلام، ومتوقف بالدرجة الأولى على نتائج المباريات المقبلة، خاصة وأن دعاة استمرار مورينيو راحوا يذكرون الجماهير بأن السير اليكس فيرغسون خسر بدوره مبارتين في أول ثلاث جولات في موسم 1992-1993 لكنه توج بلقب الدوري في ذلك الوقت بعد موسم استثنائي.
المتفائلون بمستقبل مورينيو مع المان هذا الموسم يتذكرون ما فعله السير فيرغسون، ويستدلون بأداء الفريق المتميز خلال الشوط الأول أمام توتنهام ويعددون المهارات التي يتوفر عليها النادي والخيارات والبدائل الكثيرة التي يحوزها مورينيو في الوسط والهجوم على غرار خوان ماتا وراشفورد وسانشيز ومارسيال الذين بإمكانهم إعادة الثقة المهزوزة خاصة وأنهم سيواجهون فرقا في المتناول في الأسابيع المقبلة على غرار بيرنلي وواتفورد وولفرهامبتون، ما يبشر بإمكانية استعادة المان لعافيته وثقة عشاقه، خاصة وأن مورينيو تعود على أزمات النتائج سواء مع الريال أو تشلسي، وها هو يتجاوز بنجاح أول صدام مع الصحافة البريطانية وجماهير المان التي تبقى صمام أمام النادي بوعيها وتعلقها بناديها الذي يختلف عن باقي أندية العالم في التعامل مع الأفراح كما مع الخيبات، تلك هي أدبيات الفرق الكبيرة والآتي سيكون صورة عالية الوضوح لكل الأعين التي تترقب انهزام مورينيو بعد خسارته!
حفيظ دراجي
نشر في القدس العربي بتاريخ 30 أغسطس