hafid derradji

المغرب بين سندان الفيفا ومطرقة «الإخوة»..

سؤالنا البديهي الذي طرحناه الأسبوع الماضي بخصوص إمكانية خسارة المغرب لرهان مونديال 2026 إثر قرار الفيفا بتشكيل لجنة مستقلة تتكفل «بالمهمة القذرة» أثار ردود فعل كثيرة لدى المعنيين والمتابعين في المغرب وخارجها، وراحت كل التحاليل والتوقعات تجمع على أن أمرا ما يتم التحضير له لإخراج المغرب من السباق في السادس من حزيران/ يونيو قبل موعد عقد الجمعية العمومية المقررة في الثالث عشر من نفس الشهر.

الكل أجمع بما في ذلك الصحافة المغربية على أن حظوظ المغرب باتت ضئيلة بالنظر للسيناريو الذي خططت له الفيفا من خلال تكليف «لجنة مستقلة» بدراسة وتقييم الملفات على أساس معايير جديدة يقال بأنها أخذت بعين الاعتبار العدد المتزايد للمنتخبات المشاركة وعدم قدرة المغرب على استيعاب تبعاتها، لكن الأكيد أنها شروط مفاجئة تعجيزية لم تكن في الحسبان، خاصة ما تعلق بالبنية التحتية والجوانب التجارية ناهيك عن الكثافة السكانية للمدن التي تحتضن المباريات، حيث يشترط توفر البلد المنظم على 16 ملعبا تتراوح سعته بين 40 و80 ألف متفرج، وقاعدة فنادق قياسية في عديد المدن لاستضافة ملايين المناصرين، اضافة الى ما سمي بمعيار احترام حقوق الانسان والتنمية المستدامة !!

«مطرقة» الفيفا قابلها «سندان» السعودية التي أعلنت رفضها دعم المغرب على لسان مستشار ولي العهد ورئيس لجنة رعاية الشباب «تركي آل الشيخ» الذي أعلن أنه يفضل مصالح بلاده مع أمريكا على الوقوف الى جانب بلد عربي ومسلم يبدو أنه يدفع ثمن موقفه المحايد من حصار قطر، فتمت معاقبته لأنه رفض أن يكون تابعا في أزمة الخليج مثلما رفضت الجزائر التي راحت بدورها تعلن موافقتها على تعيين نجمها لخضر بلومي سفيرا للملف وتعلن بالمناسبة دعمها لملف الجارة المغرب رغم العلاقات المتشنجة منذ مدة، وهو موقف يحسب لها مثل موقفها من حصار قطر، وموقف يحسب للمغرب الذي فكر في الجزائري لخضر بلومي ليكون سفيرا للملف رفقة نجوم القارة السمراء!

«تركي آل الشيخ» أعلنها صراحة بأن السعودية ستأخذ في الحسبان مصالحها الخاصة في التعاطي مع الاختيار، ومصالحها الخاصة هي مع أمريكا وليس مع المغرب الذي يبقى في نظر «آل شيخ « مجرد بلد يقضي فيها اجازته بينما أمريكا هي القبلة وهي القوة التي لن يرفض لها طلبا وسيعمل من أجلها على إقناع أو الضغط على اتحاديات آسياوية وافريقية من أجل دعمها إذا وصل الأمر الى مرحلة التصويت في الثالث عشر يونيو في موسكو.

المغرب الذي لم يتم اطلاعه على النظام الذي ستعتمده اللجنة التفقدية للفيفا الا بعد يوم واحد من تقديم الملف كما قال ممثلوه بعث برسالة احتجاج للفيفا يستنكر فيها ما سماه «حيلة اللحظات الأخيرة» من أجل اقصاء ملف ترشيح المغرب قبل الوصول الى مرحلة التصويت في الثالث عشر من شهر يونيو، منددا بالمعايير والشروط الجديدة التي تصب كلها في صالح الملف الثلاثي المشترك «أمريكا، كندا والمكسيك»، وتقصي بنسبة كبيرة الملف المغربي قبل انعقاد مجلس الفيفا!!

لا أحد ينكر مسؤولية الجامعة الملكية في السيناريو الحاصل اليوم لأنها لم تأخذ في الحسبان كل الاحتمالات ولم تستفد من التجارب الأربعة الماضية ومن المتطلبات الجديدة لتنظيم مونديال بـ48 منتخبا، ولا أحد ينفي مسؤولية السلطات المغربية التي لم تفكر مثلا في مقايضة التنازل عن مونديال 2026 مقابل الحصول من الأن على مونديال 2030 خاصة وأنه كان واضحا صعوبة منح التنظيم لبلد عربي آخر في دورتين متتاليتين!!أما عن مسؤولية الكاف في قلب الموازين بتعدادها ووزنها فلا أحد ينكرها بعدما عجزت عن توجيه الاتحادات الافريقية لدعم الملف المغربي علنا رغم أفضال المغرب على هيئة أحمد أحمد منذ اعتلائه الرئاسة، لكن كل هذا لا ينفي وجود مؤامرة متعددة الأطراف رغم ما يوفره الملف المغربي من إغراءات للمستثمرين العرب والأوروبيين والأمريكان في حد ذاتهم، ورغم المؤهلات العديدة التي صار يتمتع بها المغرب !!

هل يمكن الحديث فقط عن مؤامرة من الفيفا وتواطؤ من بعض الإخوة؟ أم يجب الوقوف عند تقصير الجانب المغربي المتمثل في الجامعة الملكية واللجنة المكلفة بتحضير وتقديم الملف وعدم استفادتهما من التجارب السابقة؟ هل يمكن الضغط على اللجنة المستقلة وعلى الفيفا لقبول الملف المغربي والاحتكام لأصوات الاتحاديات في الجمعية العمومية وعندها تكون الكلمة لكل أعضاء الفيفا؟ هل ستحدث المفاجأة حينها؟ وماهي تداعيات اختيار المغرب عوض ثلاثي أمريكا الشمالية؟
أما السؤال الكبير الذي يطرح بإلحاح فيتعلق بمدى قبول أمريكا الذهاب الى تصويت مجلس الفيفا على الأراضي الروسية في الثالث عشر من حزيران وما سيحمله من مغامرة قد تخسرها بتأثير من الروس الذين سيسعون الى حرمان أمريكا من الفوز بالاستضافة لأسباب سياسية أكثر مما هي رياضية ومادية؟

نشر في القدس العربي بتاريخ 5 أفريل 2018

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل