hafid derradji

لويزة حنون والسعيد بوتفليقة..والمصير التاريخي!!

شدني مثل غيري الأسبوع الماضي تصريح السيدة لويزة حنون زعيمة حزب العمال الذي دعت السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس ومستشاره الخاص الى “التدخل لحماية كيان الأمة والدولة” وتحمل “مسؤولياته التاريخية لمواجهة الانحراف الذي تشهده البلاد”، وبان “التاريخ سيحاسبه اذا بقي ساكتا على الأوضاع” دعوة مثيرة تحمل الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، وتحمل في طياتها إشارات صريحة بأن الرئيس لم يعد يحكم، وبأن شقيقه الذي لم ينتخبه الشعب هو الذي يدير شؤون البلاد، وهو الذي يتستر على ما يحدث!

نظريا الرئيس بوتفليقة لديه العديد من المستشارين الذين “لايلتقيهم ولا يستشيرهم أصلا”، والمستشار في كل قواميس الأنظمة لا يحمل صفة السلطة التنفيذية، وعادة ما يكون مختصا في مجال معين يستشيره المسؤول عند الضرورة لذلك لا يمكن تحميله أية مسؤولية، ولا يمكن دعوته للتدخل وتحمل تبعات وضع يتحمل وزره الرئيس أكثر من وزراءه ومدراءه ومستشاريه لذلك جاءت دعوة السيدة حنون مفاجئة وغريبة!

صحيح ان الرئيس لا يعلم ما يحدث في بلده، ولا يتابع القنوات التلفزيونية ولا يقرأ الصحف، ولا يراجع الرسائل التي تنشر باسمه،ولا يتواصل مع العالم الخارجي سوى عن طريق قناة شقيقه، ولا يتواصل معه بصفة مباشرة سوى ثلاثة اشخاص، وصحيح أن السعيد بوتفليقة هو الذي يعطي الأوامر للوزراء والمدراء، وهو الذي يدير أحزاب الموالاة ومختلف الجمعيات والمنظمات الجماهيرية، ولكن عندما تدعوه علنا زعيمة حزب الى التدخل “للحفاظ على كيان الدولة والأمة” فهي تختزل مهمة ثقيلة تظطلع بها مؤسسات الجمهورية في شخص رجل لا يحمل أية صفة تنفيذية، ولا أية مسؤولية امام الشعب!

عندما تقول لويزة حنون بأن “التاريخ سيحاسبه إذا بقي صامتا لأنه يعلم جيدا الأطراف المتسببة في الأوضاع الخطيرة التي تعيشها البلاد” فهذا إقرار بأن البلاد تعيش أوضاعا خطيرة لا يعلمها الرئيس الذي انتخبه الشعب، وهو اعتراف من رئيسة حزب بأن شقيق الرئيس ومستشاره الخاص يعرف تلك الأطراف ويتغاضى عنها، ويغطي عليها، وهو الذي يحكم وهو الذي يتحمل مسؤولية التراجع والتخلف والفساد والنهب الذي يشهده الوطن!

عندما تعترف السيدة لويزة حنون بأن السعيد بوتفليقة “يدير شؤون أخيه ويسير ويتابع كل صغيرة وكبيرة” فهي تقر بأمر خطير يحدث في جمهورية ديموقراطية شعبية تحولت الى مملكة دون علم الشعب، تخلى فيها الرئيس عن مهامه الدستورية لشقيقه بعيدا عن المؤسسات الدستورية والقوانين، وبعيدا عن الإرادة الشعبية التي يستمر خنق اصواتها والتضييق عليها وتهديدها مثلما حدث في رسالة الرئيس الى الأمة بمناسبة ذكرى عيد النصر.

مهما كان تقديرنا وتقييمنا لما قالته السيدة لويزة حنون فان المرأة ذكرت حقائق خطيرة يعرفها الكثير من الذين لم يتحلوا بالشجاعة والجرأة في التنديد بالممارسات والتصرفات التي يمارسها مستشار الرئيس ومحيطه الضيق من الموالين والمنتفعين الذين حولوا الجزائر الى مجرد مزرعة يتصرفون فيها كما يحلو لهم ويسيئون فيها لكل من يختلف معهم ويعارض سياساتهم القائمة على التحايل وإنفاقالمال العام لشراء السلم الاجتماعي وذمم الجزائريين.

الشقيق المستشار للرئيس لن يستجيب طبعا لدعوات السيدة لويزة حنون، ولا لدعوات أخرى، واكتفى بالرد بطريقة غير مباشرة عن طريق وزير الصناعة والمناجم الذي تهجم على زعيمة حزب العمال واتهمها “بالتهريج السياسي”، وبعدها بأيام رد السعيد بوتفليقة بطريقة غير مباشرة أيضا من خلال رسالة الرئيس بمناسبة عيد النصر والتي لا يمكن أن تكون صادرة عن بوتفليقة لأنها تحمل تهديدا و وعيدا لم يسبق له مثيل من رئيس دولة تجاه الساسة والإعلاميين وكل من يعارض عملية الاختطاف التي تتعرض لها الدولة مما سيزيد من الاحتقان في الأوساط السياسية والإعلامية والاجتماعية، وينذر بعواقب وخيمة خاصة اذا نجح هذا الذي يتم التخطيط له في الخفاء لخلافة بوتفليقة!

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 23 مارس 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل