سيكتمل الانقلاب!!
في ظل فراغ سياسي رهيب، وتواطؤ شخصيات ومؤسسات وأحزاب وجمعيات مجتمع مدني، وصمت فئات كثيرة من أبناء هذا الشعب المستقيل والمغيب، ستتواصل هذه الصائفة فصول مسرحية استكمال عملية الاستحواذ على كل مؤسسات الدولة وتكميم الأفواه والتضييق على كل من يبدي معارضته لمخطط الجماعة الحاكمة، ثم يتم تنفيذ ما تبقى من المخطط بالانقلاب حتى على من ساندوا الرئيس في أحلك الظروف، والانقلاب على القيم والأخلاق والتعهدات للانفراد بالحكم كلية والعودة بالجزائر 50 عامًا إلى الوراء!
التعديل الحكومي الأخير والتغييرات التي حدثت على رأس بعض القطاعات الحساسة كانت الغاية منها ربح الوقت وإعادة الانتشار والتموقع تحسبًا لمعارك أخرى قادمة؛ الهدف منها إزاحة كل من تشتم فيه رائحة الرجولة والرفض لمخطط تركيع الدولة وإذلال الشعب، والهدف من ذلك تنصيب رجال شقيق الرئيس ورجل الأعمال علي حداد والمتواطئين معهم في كثير من المواقع لاستكمال مخطط تم تحضيره من زمان، وبلغ مراحل تنفيذه الأخيرة!
بيان مجلس الوزراء الأخير حمل الكثير من التحايل والاستغباء لذكاء الجزائريين، وجاء وكأنه يخص بلدًا آخر غير الجزائر، يعيش ظروفًا عادية وطبيعية، خاصة عندما تغاضى الطرف عن الإشارة إلى مشروع تعديل الدستور الذي تلقى بعض بنوده معارضة بعض الجهات يراد التخلص منها حتى يتم تمريره بسهولة، وتغاضى عن الحديث عن تداعيات تراجع أسعار النفط وتراجع المداخيل والتراجع عن تجسيد بعض المشاريع التي كانت مبرمجة في مخطط الحكومة.
الوزير الأول هو الذي دُفع إلى الواجهة للتطرق إلى هذا التراجع في اليوم الموالي لعقد مجلس الوزراء حتى لا يرتبط التراجع بالرئيس ومؤسسة الرئاسة، ويتم تحميل سلال وحكومته مسؤوليات الأزمة الاقتصادية المرتقبة، ومسؤولية سياسات توزيع الريع وشراء السلم الاجتماعي المنتهجة منذ مدة.
إحدى حلقات المسلسل اكتملت بالاستحواذ على حزب جبهة التحرير وإقصاء كل من رفضوا الانخراط في مخطط التوريث وتركيع مؤسسات الجمهورية بتواطؤ من الرئيس الذي انحاز علنا لجناح عمار سعيداني ليعتمد عليه في تنفيذ السيناريو بواسطة “ماكينة الحزب العتيد”، وبدعم من حزب الإدارة ومؤسسات دستورية صارت كلها في قبضة الجماعة والمنتفعين والرديئين الذين تزايدت أعدادهم ووجدوا مصلحتهم في استمرار هذه المنظومة لأنها تحميهم وتغطي على فضائحهم.
بعض أحزاب المعارضة تم اختراقها، وبعضها الآخر تم تقزيمها والتضييق عليها، وتم تخويف وتخوين كثير من الجمعيات والشخصيات الوطنية النزيهة، أما الصحافة الحرة والقنوات التلفزيونية المستقلة فهي تعاني ضغوطات مباشرة وغير مباشرة لإسكاتها أو إدخالها بيت الطاعة.
حتى الدول الكبرى خاصة أميركا وفرنسا وبعض بلدان الاتحاد الأوروبي والمنظمات العالمية المختلفة نالت نصيبها من المشاريع والمزايا الاقتصادية والمالية، وتحصلت عن ضمانات بالمحافظة على مصالحها وتدعيمها مقابل سكوتها عن مخططات التوريث والخصخصة وتخدير الشعب وتحطيم المؤسسات وإضعاف المؤسسة العسكرية في سيناريو انتقامي لا يتصوره العقل يهدف أساسا إلى إضعاف الدولة الجزائرية!
الأمر لن يتوقف عند هذا الحد؛ لأن كل المؤشرات تشير إلى أن ذكرى استرجاع السيادة الوطنية لهذه السنة ستكون مناسبة للإعلان عن قرارات هامة في هياكل الجيش بإحالة بعض القادة على التقاعد وإقالة بعضهم، ليكتمل المسلسل الذي بدأ منذ مدة بتقزيم مصلحة الاستعلامات وعزل كل قادة الجيش الذين كانوا وراء التحقيق في قضايا الفساد، وعزل وتحييد كل الرجال الذين يقفون ضد مشروع التوريث ليكتمل الانقلاب الأبيض على الرجال والمؤسسات وتسقط الدولة كلية بين أيدي الجماعة أمام أنظار شعب سيستفيق قريبًا على أكبر كذبة عاشها منذ الاستقلال.
الجزائريون الذين صوتوا للعهدة الرابعة لـ بوتفليقة؛ سيكتشفون أنهم صوتوا لشقيق الرئيس، وللفاشلين والرديئين، وسيكتشفون بأنهم صوتوا للسلطة المطلقة والمفسدة المطلقة، وصوتوا للانسداد السياسي الحاصل، ولأجل الانقلاب على مؤسسات الجمهورية والانتقام من الشعب، وصوتوا أيضًا لـلتغطية على الفساد والمفسدين، ولكي تسود مشاعر الاحتقان والحقد والكراهية بسبب محيط الرئيس الذي يتوجه بالجزائر نحو المجهول أمام شعب يتفرج وكأن الأمر لا يعنيه!
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 8 جوان 2015