hafid derradji

كل شيئ على اسوأ مايرام !!

ما أثير مؤخرًا في وسائل الإعلام حول اختلاف وسوء تفاهم بين وزير الرياضة ورئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بخصوص موعد ومكان نهائي كأس الجمهورية، وقبله بسبب إخفاق الجزائر في الحصول على تنظيم كأس أمم أفريقيا، وإن كان صحيحًا فهو يمثل عينة بسيطة عن غياب الانسجام والتنسيق بين المسؤولين الجزائريين على كل المستويات، وهو أمر هين وعادي مقارنة بالنزاعات اليومية بين وزيري الرياضة والشباب على المقرات والإطارات ثم الصلاحيات المخولة لكل طرف منذ التعديل الحكومي الأخير، وهو أيضًا أمر هين مقارنة بما يحدث بين الوزراء، وبينهم وبين الوزير الأول.

صحيح أن السلطة في الجزائر كانت دائمًا قائمة على صراعات جهوية وشخصية ظاهرة وخفية، وليس على اختلافات فكرية ومهنية؛ مما انعكس سلبًا على الأداء العام للحكومة ومؤسسات الدولة وهياكلها، ولكن ما يحدث اليوم من اختلالات وصراعات فاق كل التوقعات، بلغ درجة إطلاق تصريحات متناقضة بين أعضاء الطاقم الحكومي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام! بل وبلغ درجة لا يخاطب فيها الوزراء بعضهم بعضًا، ولا يتعاملون مع بعضهم بعض!

معلوم أن الوزير الأول في حكومة بوتفليقة كبعض سابقيه لم يختر وزراءه ومديريه بنفسه؛ لذلك وجد نفسه اليوم يتعامل مع طاقم يفتقد للانسجام والتضامن، وبعض أفراده لا يستشيرونه ولا يناقشونه في مختلف القضايا لأن التيار لا يمر بينهم، ويتلقون الأوامر والتوجيهات من مصادر أخرى تتجاوز الوزير الأول في كثير من المرات، في سيناريو لم يسبق له مثيل في تاريخ الجزائر، وكأنه مقصود يراد منه إثارة الفتن والتقليل من قيمة الوزراء ومصداقيتهم أمام الرأي العام!

منذ مدة ليست بالقصيرة يتواصل الجفاء والخصام بين وزير الصناعة ووزير التجارة اللذين لا يتعاملان فيما بينهما، ولا يخاطبان بعضهما البعض، ويدعي كل واحد منهما قربه من الرئيس ومن شقيقه مستشاره الخاص، ويطمح كل واحد منهما إلى تبوء منصب الوزير الأول مكان عبد المالك سلال بحجة وفائهما للرئيس ومحيطه؛ لذلك أصبح التيار لا يمر بينهما، وبين قطاعين يفترض أن يسود بينهما التكامل والانسجام!

في ظل منظومة يغيب عنها الانسجام، وجد نفسه وزير الداخلية والجماعات المحلية في خصام مع الوزير الأول من جهة، ومع وزير العدل حافظ الأختام من جهة أخرى، وكل واحد يتخوف من الآخر ويشكك في نوايا الآخر بسبب طموحات شخصية متباينة بعدما ساهم محيط الرئيس في تغذيتها بمنطق “فرق تسد” حتى يضطر كل واحد منهم للعودة إلى الرئيس لتسوية الخلافات!

وزيرة التربية الوطنية من جهتها وجدت نفسها في خصام شخصي ومهني مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي عوض أن يكمل بعضهما ويحتكما الى برنامج حكومة متكامل، وعوض أن يحتكما إلى الوزير الأول الذي يحمل صفة منسق بين مختلف القطاعات، لكن راح كل طرف يكشف عيوب الآخر والاختلالات التي يتخبط فيها، وانشغل كل طرف بمحاولة عرقلة الطرف الآخر وتصفية حساباتهما على حساب منظومة تربوية وجامعية تتخبط أصلًا في مشاكل مختلفة!  ..

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى صراعات وخلافات بين وزير الفلاحة ووزير الصيد البحري، وبين وزير السكن والعمران ووزيرة البيئة، دون الحديث عن صراعات بين وزراء ومديرين تابعين لقطاعاتهم مثلما يحدث بين وزير الداخلية والمدير العام للأمن الوطني، ومثلما أريد له أن يكون بين قائد أركان الجيش ومدير المخابرات حتى ينشغل الجميع بمشاكل هامشية ولا يتفرغوا للقضايا الأساسية التي تخص مقومات الدولة الجزائرية.

يحدث كل هذا في وقت ترتفع أسهم رئيس منتدى رؤساء المؤسسات وأرباب العمل الذي يمارس مهام الوزير الأول ويستقبل الوزراء والسفراء ويقود دبلوماسية موازية لعمل الحكومة ومؤسسات الدولة في سيناريو مقصود يراد منه دفع الرجل إلى الواجهة باعتباره من أقرب المقربين للرئيس ومحيطه الذي لم يجد خليفة لبوتفليقة يضمن استمراريتهم وحمايتهم لأنه محيط قائم على الشك والتخوين ولا يثق في أحد، ولا يهمه سوى البقاء في السلطة حتى ولو انهارت الدولة!

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 27 أفريل 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل