hafid derradji

12 وزيرًا في 15 سنة!

حمل التعديل الوزاري الأخير رقمًا قياسيا عالميا في عدد الأسماء التي تولت قطاع الشباب والرياضة في الجزائر على مدى 15 سنة، حيث بلغ عدد الوزراء في هاته الفترة 12 وزيرًا، وهو رقم لم يسبق وأن حدث عبر التاريخ في كل دول العالم تحت إدارة الرئيس نفسه، وإشراف 6 رؤساء حكومات بمعدل وزير واحد كل 15 شهرًا!

التغييرات المتكررة لوزير الرياضة كما في كثير من القطاعات كانت من الأسباب الرئيسية لتراجع القطاع رغم توفر الجزائر على قدرات بشرية وموارد مالية لا مثيل لها، وكانت من الأسباب الرئيسية لتدهور نتائج الكثير من الرياضات، وتسببت في تغيير قانون التربية البدنية والرياضية 3 مرات في ظرف 15 عامًا! وانعكست سلبا على تجسيد مختلف مشاريع القطاع التي لم تحظَ بالمتابعة المستمرة والدقيقة، فكانت النتيجة تراجع رهيب في النتائج، ونقص فادح في المرافق، وتدهور متزايد للملاعب والقاعات والذهنيات!

كثير من المتتبعين يعتبرون التغييرات التي حصلت على رأس وزارة الشباب والرياضة على مدى 15 عاما، وفصل قطاع الشباب عن الرياضة ثم إعادة إدماجهما 3 مرات طيلة هذه الفترة دليل قاطع على قلة الاهتمام بالقطاع، ودليل على غياب رؤية سياسية واضحة للاعتناء بأبنائنا، وإلا فكيف نفسر كل هذه التغييرات في الاستراتيجيات والرجال؟ وكيف نفسر تعطل مختلف مشاريع القطاع لسنوات طويلة؟ وكيف نفسر تراجع نتائج الرياضيين في المحافل الدولية، وتراجع الممارسة الجماهيرية للرياضة؟

قد نفهم من التغييرات المتكررة بأن الرئيس كان دائما يخطئ في خياراته للرجال الذين يشرفون على القطاع! وربما لم يولي القطاع حق قدره! وقد نفهم منها بأن الوزراء المعينين لم تكن لديهم الكفاءة والقدرة على تسيير القطاع لأنهم ليسوا مختصين في المجال، وربما لأن هؤلاء الوزراء لم تكن لديهم الصلاحيات الكاملة للنهوض بالقطاع! وربما يعود الأمر إلى عدم تطابق القوانين والتشريعات مع المستجدات والتحولات التي تشهدها الجزائر وكل بلدان العالم!  

أغلب الظن أيضا أن القطاع يعاني من تراكمات أخطاء متكررة في التقدير والتسيير لم يقدر على تجاوزها أي وزير بسبب قصر الفترة التي يقضيها على رأس القطاع، وعدم قدرته على إحداث التغيير الذي يمر حتما عبر تقييم فعلي للتجارب السابقة، ثم إعداد خطة طويلة المدى ترافقها إجراءات قانونية وإدارية جريئة نتخلص فيها من كل الممارسات، وكل الوجوه التي فشلت على مر الزمن في خدمة القطاع، بالتزامن مع الدفع بالجيل الجديد من إطارات كُفْأة ورياضيين سابقين إلى الواجهة للإشراف على الاتحادات والنوادي وحتى المرافق الرياضية.    

إن إسناد قطاع الرياضة لرياضي سابق، وقطاع الصحة لطبيب، وإشراف القاضي أو المحامي على قطاع العدالة لا يعني بالضرورة ضمان السير الحسن لهاته القطاعات، لأن التجارب في الجزائر أثبتت بأن المشكلة في الجزائر مرتبطة بالسياسات قبل الرجال، والمشكلة في قطاع الشباب والرياضة ليست في الشباب والرياضيين بقدر ما هي في ضعف التأطير ونقص المرافق وعدم الاستقرار الذي تتخبط فيه الوزارة، وعدم اهتمام السلطة بقطاع تستنجد به عند الحاجة لإلهاء الناس، بالإضافة إلى انعدام استراتيجية وطنية طويلة المدى للنهوض بالقطاع، وبقطاعات أخرى ضاعت وتراجعت بسبب الإفلاس الفكري والسياسي، رغم الثراء البشري والمادي! 

لا يمكن لأي وزير في الجزائر أو في العالم أن ينجح في مهامه في ظرف 15 شهرًا، ولا يمكن لأي وزير أن ينجح من دون أن تكون لديه الصلاحيات لإحداث التغيير، ومن دون أن يكون مطمئنا من أنه لن يقال من منصبه قبل إتمام مهامه، ولا يمكننا أن نتحدث عن التطور والازدهار من دون نوايا صادقة واحترام متبادل، وتقدير للرجال والكفاءات، لأننا بالشكل الذي تسير عليه الأمور سنواصل إنتاج الفشل، ونستمر في التراجع، وتبقى الرداءة تلازمنا الى اشعار اخر!

حفيظ دراجي

نشر في يومية الشروق بتاريخ 2 أغسطس 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل