لأول مرة على مدى خمسة عشر عامًا من حكمه؛ أثارت ذكرى انتخاب بوتفليقة ردود فعل سلبية عبر مختلف شبكات التواصل والمواقع والصحف وحتى القنوات التلفزيونية، بسبب ظروف انتخابه وحالته الصحية وكل التراكمات السلبية التي يتخبط فيها الوطن، ولأول مرة أخالف كل التعاليق والتحاليل وأكتب في الإيجابيات والإنجازات “العظيمة” التي حققها بوتفليقة بعد سنة من حكمه، وهي إنجازات ستحسب لبوتفليقة الشخص وليس لبوتفليقة الرئيس!
بعد أول إنجاز “عظيم” حققه بوتفليقة هو انتخابه رئيسًا وهو على كرسي متحرك من دون أن يخاطب شعبهأو ينشط حملته الانتخابية، تمكن الرئيس من البقاء رئيسًا على الرغم من عجزه وغيابه عن الساحة الوطنية والدولية، وعلى الرغم من آلاف الاحتجاجات والاضطرابات التي شهدتها الجزائر، وعلى الرغم من انخفاض سعر برميل النفط وتراجع المداخيل، وازدهار الفساد وتغول سلطة المال، مقابل ازدياد مشاعر التذمر في الأوساط السياسية والشعبية، وهي كلها إنجازات لا يقدر عليها إلا داهية بحجم بوتفليقة!
بوتفليقة لم يكن بحاجة إلى مخاطبة شعبه ومغادرة مقر إقامته للقيام بواجباته بعدما تمكن من توسيع دائرة الانتهازيين والمنتفعين من حوله ليجعل منهم أدوات تمارس الدعاية والكذب على الشعب بعد توريطهم في نهب وسلب خيرات الوطن حتى يرتبط مصيرهم بمصيره، وعلى الرغم من كل الفضائح التي تورط فيها رجاله في الداخل والخارج؛ إلا أن بوتفليقة تمكن من حمايتهم من المتابعات القضائية، وجعلهم رهائن بين يديه يتصرف فيهم شقيقه كما يشاء!
سياسيًا وبعد انقضاء سنة واحدة على العهدة الرابعة وبدعم من مؤيديه؛ تمكن بوتفليقة بدهائه من الانتقام من ممثله الخاص عبد العزيز بلخادم، بعدما احتوى أحمد أويحيى بتكليفه بمهام إدارية، وتمكن من تقزيم حزب جبهة التحرير وجعله مجرد جهاز فارغ يديره كما يشاء، كما تمكن من توريط الأفافاس أقدم حزب معارض في مبادرة سياسية ولدت ميتة، وتمكن من تقزيم شخصيات وطنية وأحزاب سياسية من المعارضة والموالاة في سيناريو لا يقدر عليه سوى داهية يجب أن نرفع له القبعة ونحييه على مكره في زمن صار فيه المكر انجازا!
خلال السنة الأولى من العهدة الرابعة تفنن الرئيس في إلهاء الرأي العام تارة بتغيير حكومي وتارة أخرى بتعديل الدستور، وراح يتحايل علينا بصور مفبركة عن استقباله لضيوف الجزائر، وبضع رسائل تكتب باسمه، وإجراءات وقرارات يمليها عليه محيطه لشراء الذمم وربح السلم الاجتماعي، لذلك وجب أن نرفع له القبعة أيضًا على المكر الذي لا يزال يتحلى به على الرغم من العجز والمرض!
بوتفليقة تمادى في الإساءة للمؤسسة العسكرية خلال السنة الأولى من العهدة الرابعة، أدخل الشك في صفوفها وأفقدها توازنها وانسجامها، وبلغ به الأمر إلى درجة زعزعة جهاز المخابرات ومحاولة إضعافه لحماية محيطه من فضائح النهب، وخدمة لأطراف خارجية تستفيد مما فعله الرئيس بالجيش والمخابرات وباقي مؤسسات الجمهورية كالمجلس الدستوري والبرلمان ورئاسة الحكومة وجهاز العدالة والتي جعلها ضعيفة مهزوزة عاجزة عن تأدية أدوارها، وتأتمر بأوامر شقيقه!
إنجازات بوتفليقة بعد سنة واحدة من العهدة الرابعة لم تتوقف عند هذا الحد بل وصل به الأمر إلى تخدير شعب بأكمله بواسطة بضع رسائل مناسباتية، وبضعة إجراءات سياسية واجتماعية لصالح الشباب والمرأة، وتمكن من دون أدنى مجهود من تجاوز محنة غرداية، وامتصاص احتجاجات أهل الجنوب ضد استكشاف واستغلال الغاز الصخري، كما تمكن من التضييق على الكثير من وسائل الإعلام والأحزاب والشخصيات.
في بلد بحجم الجزائر بكل خصوصياته تمكن الرجل من اجتياز السنة الأولى من العهدة الرابعة بنجاح وهو جالس على كرسي متحرك لا نسمعه ولا نراه، ولا يسمع فيه سوى صوت شقيقه، لذلك وجب علينا أن نقول له “برافو” على استمراره رئيسًا يستمد قوته من جبن وضعف وطمع كثير من الأطراف التي سيكتب التاريخ عن تواطئها معه، وسكوتها عما يفعله محيطه بالجزائر وشعبها!
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 20 أفريل 2015